11-01-2008 04:00 PM
قم....قم ....للمعلم في صيف عام 1985 وصلتنا بطاقة دعوة لحضور حفل زفاف قريب لنا فقرر الجميع الذهاب والاستمتاع بالحفلة بإستثناء أخي الأصغر رفض الذهاب، وبإصرار، وبعد التحقيق والتمحيص تبين لنا ان معلمهُ لمادة الرياضيات سوف يكون حاضر هناك لذا فهو لا يتجرأ أن يحضر حفلة ويتصرف بها على طبيعته من لعب وضحك وحركة ويكون أمام أحد معلميه . وفي عام 1995 خدمت كمعلم في منطقة البادية الشرقية وبالذات في بلدة ام القطين الواقعة بالقرب من الحدود السورية ومنطقة ام القطين يقطنها البدو والدروز على سواء ولقد حظيت كمعلم بكل الإحترام والتقدير فقد دعيت لمعظم حفلات الزفاف هناك ودعيت لأغلب التعاليل والسهرات وكنت شاهداً لعدد من عقود الزواج وكنت احضى بصدر المجلس وبجانب كبير العائلة ، او شيخ العشيرة، في أغلب المناسبات والدعوات ،وكنت اتلقى الإحترام والتقدير من كبار السن قبل الصغار ، وهذه الحفاوه والتكريم سمعت عنها من أغلب المعلمين الذين سبقوني بالخدمه وكانوا على الأغلب يأتون من قرى بعيده وخاصة من محافظة اربد ...وخلال فترة خدمتي هناك لم اسمع بشكوى واحده من قبل ولي امر او طالب على احد المعلمين . في بداية عام2008 ركبت الحافلة المتجهه لعمان وجلست بالكرسي الأخير فكانت الرفقه مجموعة من الطلاب الذين لم تتجاوز أعمارهم سن السادسة عشرة بقصات شعر غربية ومضحكة وبعضهم قد تمادى في إطالة أظافره المختلفه وكان معظم حديثهم عن المقالب التي اسقطوها على المعلم فلان أو المعلم علان فكانت الضحكات تطغى على صوت محرك الحافلة وصوت شعبان عبد الرحيم ، ومن المقالب التي ذكروها (رمي قطع الطباشير على المعلم وهو يكتب على السبورة ...فرقعت إلعاب نارية ذات الحجم الصغير ....وضع السلة فوق الباب لتسقط على رأس المعلم عند دخوله ....او زراعة دبوس ذو رأس مدبب في كرسي المعلم ...او اصدار صوت صفير أو صوت عصفور صغير عندما يبدأ المعلم بالشرح ....) مقالب ما انزل الله بها من سلطان قد تضحك احياناً على الجو العام الذي يشعله أولئك المراهقون وقد تبكي احياناً على حال المعلم . عندما طرحت هذا الموضوع على احد المعلمين ممن اعرفه جيداً فلم أجده يقف بصف المعلم كما كنت اتوقع بل على العكس فقد فتح لي افاق جديده عن الحال الذي صنعه بعض المعلمين لأنفسهم ، فالحاله المادية التي يعانون منها مع غلاء المعيشه دفعت البعض نحو سوق الدروس الخصوصية سواء التي تعطى في المنازل أوالإلتزام مع المراكز الثقافية وبالتالي انكسر الحاجز بين هيبة المعلم وشخصيته وإحترام الطالب له....فالمعلم الذي يعمل سائق سيارة اجره بعد نهاية الدوام او الذي يعمل فني كهرباء او دهان ثم يعود في صباح اليوم التالي لفرض سيطرته وهيبته على الطالب أمر فيه شك ....هذا كان من جانب الظروف التي يعيشها المعلم ويعيشها معظم افراد المجتمع .....أما الجانب الآخر نوعية المعلمين التي وصلت لهذه المهنة فمن النادر جدا ان تجد معلم واحداً اختار مهنة التعلم بل فرضت عليه بسبب معدله المتدني في الثانوية العامة وبالتي كلية التربية تأخذ ادنى المعدلات فمنهم ممسوخ الشخصية ومنهم بنفس تصرفات طلابه من ملابس و"فياعة" فالمعلم الذي يتبادل مع طلابه مقاطع الأفلام والنغمات وصور الممثلات واللاعبين هل سوف يخلق بينه وبين طالبه جسر الإحترام والتقدير . انا كمعلم وانت كمهندس وذاك كطبيب ووزير وطيار وضابط وأنتِ كمربية وأم وطبيبيه ...ألم يكن الفضل بعد الله لما نحن عليه للمعلم ....لو كان احد المعلمين من المرحلة الاساسية ممن علمنا القراءة والكتابة أو كما يقولون أبجدية الحياه ممن اعطى ضميره إجازه خلال العام الدراسي فهل سنصل لما وصلنا إليه الآن ؟ من المسؤول عن حال المعلم هذه الأيام ؟المعلم نفسه ....المجتمع ....الحكومة .....الطالب ..... متى سيصبح الدخول لكلية التربية اصعب من الدخول لكلية الطب ؟أليست مهنة الطب بنفس خطورة مهنة التعليم ...ألا نبحث عن نطاسي بارع لأجراء ابسط العمليات الجراحية لأحد أبنائنا ، ونضع الشكر والتقدير والعرفان بعد عملية "الزايدة" ...متى سنضع الشكر والتقدير للمعلم البارع ..متى شكراً لمن علمني حرفاً هاشم محمود مسلم الزيود
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-01-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |