بقلم :

* قد لا نتفق مع الموقف الأردني الرسمي تجاه ما يحدث في لبنان منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري وحتى اللحظة، ورغم قناعتنا بأن على الحكومة عدم تصنيف نفسها كطرف في هذه الأزمة والوقوف على مسافة واحدة من الفرقاء اللبنانيين إلا ان للموقف الرسمي الأردني ما يبرره خاصة وان الاردن كانت اول من تبنى التحذير من مخطط الهلال الشيعي في المنطقة. المؤسف ان بعض وسائل الإعلام اللبنانية خاصة تلك المحسوبة على قوى المعارضة راحت خلال الايام الماضية تزج بالأردن في أتون المعركة الدائرة في شوارع بيروت بشكل مفضوح ومكشوف ينم عن حقد بعض هذه القوى الحزبية على الأردن ومواقفه السياسية المؤيدة لسيادة الدولة اللبنانية.وهو موقف دبلوماسي له ما وراؤه من استحقاقات سياسية . المحاولة الأولى كانت من خلال تلفزيون الجديد " new tv " الذي اورد أنباء تحدثت وجود مقاتلين عرب من بينهم أردنيون ومصريون في بعض مناطق بيروت للقتال إلى جانب قوى الموالاة وتيار المستقبل في أسلوب واضح لإشعال نار الفتنة الطائفية وتوسيع دائرتها ونقلها حتى خارج لبنان .

 تلفزيون المنار بدوره استضاف النائب الدرزي السابق وئام وهاب الذي تحدث بصفاقة عن تدريب أردني لمليشيات تيار المستقبل محاولا الغمز من قناة مواقف الأردن السياسية وتصويرها على انها مواقف متخاذلة منساقة في إطار المشروع الأمريكي في مواجهة قوى الممانعة .

الحاصل ان حزب الله وفي فورة ما يحدث يبعث برسائل في غير جهة بعضها موجه للاردن كتسديد حسابات ثمنا لموقفه الرسمي فطوال الازمة اللبنانية وقف الاردن الرسمي موقفا واضحا يدعم سلطة الحكومة اللبنانية ويؤكد هيبتها وكان الرد بالمقابل من قبل حزب الله الاساءة والتشكيك حتى ابان حرب تموز مع اسرائيل من قبيل الحديث عن طائرات اردنية عسكرية تنقل معدات عسكرية بدلا من المساعدات ! حزب الله ايضا حاول وخلال الفترة الماضية اتهام الاردن بدور مفترض في اغتيال عماد مغنية وسرب تقارير اخبارية ومقالات لصحف ووسائل اعلام تشير باصبع الاتهام الى الاردن وتشير الى نشاط استخباري اردني في الساحة اللبنانية في محاولة لخلق حالة من تسليط الضوء على دور اردني اقليمي مفترض او تشويه سمعة الحكومة الاردنية واسقاطها شعبيا في الشارع الذي لا زال حزب الله حتى اللحظة يحتفظ فيه بتأييد واسع .

 باختصار حزب الله ينتقم من الحكومة الاردنية التي ضبطت اجهزتها الامنية غير مرة شبكات للحزب حاولت تهريب السلاح للاراضي الفلسطينية وتدريب افراد للقيام بعمليات فدائية . لا بل ان ثمة من يروج لوجود خطة تخريبية من قبل حزب الله لمعاقبة كل الدول العربية والإسلامية التي دعمت العراق ابان الحرب مع ايران ومن ابرز هذه الدول الأردن .

 وخلال السنوات الماضية شن تلفزيون المنار التابع لحزب الله حملة إعلامية ضد الأردن الرسمي خاصة فيما يتعلق بتوقيعه لمعاهدة السلام مع إسرائيل .

 لطالما اتسمت العلاقة بين الطرفين واقصد الحكومة الاردنية وحزب الله بالتوتر والتشكيك والتصيد على الاقل من جانب الحزب الذي بدا واضحا انه يمارس دعاية اعلامية مضادة ضد الاردن كلما وقف موقفا سياسيا لا يوافق هواه خاصة عندما يتعلق الامر بالِشأنين اللبناني والفلسطيني.

 لست بمعرض الدفاع عن الحكومة الاردنية لكن اللعبة اصبحت مكشوفة الآن وحزب الله عرى مشروعه المقاوم تماما وكشف عن وجهه الطائفي المقيت ودخل مرحلة الاصطفافات والدفاع عن المشروع الايراني في المنطقة بالحديث عن المشروع الصهيوني الامريكي في المقابل. فيما كثير من المخدوعين لا زالوا حتى اللحظة يدافعون عن حزب الله ويروجون لرؤيته ويحاولون اقناع الاخرين بروايته ومبرراته ومحاولة تصوير المعركة وكأنها معركة بين الخير والشر او بين مشروع المقاومة والممانعة ومشروع التخاذل والاستسلام ..المسألة اكبر من ذلك بكثير. *

صحفي اردني مقيم في الكويت