حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 12751

قبل أن يفتك بنا المجهول المعلوم .. ؟!

قبل أن يفتك بنا المجهول المعلوم .. ؟!

قبل أن يفتك بنا المجهول المعلوم .. ؟!

09-05-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 

 

 

إن لم تكن الحرب الأهلية قد بدأت فعلا في لبنان، كما يؤكد سعد الحريري، فإنها تقف على عتبة الإندلاع.

نتحدث عن حرب أهلية، ولا نتحدث عن حرب مذهبية، آخذين بعين الإعتبار عدم توحد أبناء المذهب السني، وعدم توحد أبناء المذهب الشيعي، وعدم توحد أبناء المذهب الدرزي، وعدم توحد كذلك أبناء المذاهب المسيحية على موقف سياسي واحد.

الكل منقسم سياسيا، وهذه ربما تكون الإيجابية الوحيدة للوضع بالغ الخطورة الذي يتهدد لبنان الآن.

لم يعد الإنقسام مذهبيا، بل سياسيا بامتياز.

يحضرني هنا الهتاف اللافت الذي استمعت إليه من مظاهرة كان ينظمها الحزب التقدمي الإشتراكي بزعامة جنبلاط، وقد كان حزبا طائفيا مذهبيا، ولا يزال، رغم اشتراكيته، حين زرت بيروت سنة 1969.."ارواحنا بإيد كمال بيك معلقة، وإن أحوجت بنبيعها بريسمالها"..

نعم..البيك كان يقود حزبا اشتراكيا..!

لكن البيك كان يزاوج ما بين الإقطاع السياسي والزراعي والوطنية الحقة..!

والآن، ولده وليد بيك، المتهم بارتباطات تتناقض مع مواقف والده يقود ذات الحزب، على طريق بالغ التناقض مع سياسات ومواقف الوالد الراحل.

يدلل على ذلك أن المرحوم كمال جنبلاط كان رئيسا للتحالف الوطني اللبناني المتحالف مع الثورة الفلسطينية، في مواجهة تحالف القوى الإنعزالية المشكل من حزب الكتائب بزعامة بيير الجميل، والقوات اللبنانية بزعامة بشير الجميل، ثم سمير جعجع، وحزب الوطنيين الأحرار بزعامة كميل شمعون، ومن بعده ولده داني، ثم ولده دوري بعد مقتل داني على يدي القوات اللبنانية بزعامة بشير الجميل، وحراس الأرز بزعامة اتيان صقر، وغيرها من الأحزاب المرتبطة بإسرائيل، والولايات المتحدة، والغرب عموما.

يكفي التذكير بأن القوات اللبنانية بقيادة بشير الجميل ومساعديه سمير جعجع، وايلي حبيقة، هي التي ارتكبت مجزرة صبرا وشاتيلا أثناء حصار قوات الإحتلال الإسرائيلي لبيروت سنة 1982، وتحت اشراف ارئيل شارون، وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه، قاتلة قرابة الأربعة آلاف كهل ورجل وامرأة وطفل، تمت مباغتتهم وهم نيام وعزّل من السلاح.

سنة 1982 هي ذات السنة التي انطلق فيها حزب الله، لمقاومة الإجتياح الإسرائيلي، وليرفض لاحقا حرب حركة أمل على المخيمات الفلسطينية..!

حزب الله انطلق من ذات القاعدة الوطنية التي مات عليها كمال جنبلاط.

لا نريد التوسع في استحضار مفردات التاريخ، لكن تاريخ الأمس هو الذي يصنع، ويحدد حاضر اليوم، وذلك على نحو يدعو للتساؤل عما إذا كان بإمكان الذين ترحموا على جنبلاط الأب، أن يترحموا الآن على جنبلاط الإبن في حال وفاته..؟!

بالطبع، التساؤل يأخذ بعين الإعتبار أن جنبلاط الأب، كان مصرا على الحسم العسكري، في حين أن ولده يتحالف مع الأقلية التي بقيت على انعزاليتها، بعد أن أعاد الجنرال عون الأغلبية إلى حضن الأمة العربية الدافء.

لقد قتل جنبلاط الأب لأنه ظل يرفض مهادنة تحالف القوى الإنعزالية، فهل يعقل أن يختم جنبلاط الإبن حياته متحالفا مع هذه القوى..؟!

الذين استمعوا لكلمة حسن نصر في المؤتمر الصحفي مساء الخميس، استوقفهم لا بد، تركيز الأمين العام لحزب الله على شخص ومواقف وليد جنبلاط، واتهامه له بالعمل موظفا تحت أمرة كونداليزا رايس، وديفيد وولش المبعوث الأميركي للبنان، وعدم توجيه أي اتهام مماثل لسعد الحريري، أو لتيار المستقبل.

لماذا..؟

يكمن السبب في أحد احتمالين، أو كلاهما معا:

الأول: عدم توفر ما يسند مثل هذا الإتهام بحق تيار المستقبل.

الثاني: اعطاء سعد الحريري، وتيار المستقبل فرصة للتراجع عن قرار التصعيد.

والذين استمعوا إلى كلمة سعد الحريري، لاحظوا أمرين متصلين بالإحتمالين أعلاه:

الأول: ارتباك الرجل أثناء قراءة الكلمة المتلفزة التي وجهها للبنانيين، مخاطبا من خلالها نصر الله.

الثاني: اللغة التصالحية التي اعتمدها..ادراكا منه لعدم قدرته وعدم قدرة تيار المستقبل على مواجهة حزب الله.

لم اتخذت حكومة السنيورة إذا قرار تفكيك شبكة اتصالات المقاومة اللبنانية..؟

واضح من تراجع الحريري أنه لم يكن ليتوقع ردة الفعل التي صدرت عن حزب الله، مراهنة على أمرين:

الأول: تأكيدات سابقة لنصر الله على أن سلاح المقاومة لن يستخدم في الداخل اللبناني.

الثاني: أن حزب الله غير المعني بفتنة مذهبية، لن يلجأ إلى استخدام القوة مع الحريري وحلفائه، وأنه سيكتفي بإصدار بيان استنكار، ويتابع المسألة قضائيا أمام المحاكم اللبنانية.

وواضح أيضا أن الحريري بتراجعه يدرك أنه لا قبل لتيار المستقبل بمواجهة حزب الله. وقد تجلى وتأكد ذلك على كل حال من خلال، ليس فقط التراجع مواربة عن قرار حكومة السنيورة، وإنما كذلك من خلال قرار إغلاق تلفزيون وجريدة المستقبل، وإذاعة الشرق التي تنطق بإسم آل الحريري، وذلك لعدم امتلاك التيار وميليشياته القدرة على توفير الأمن للعاملين فيها..!

واضح كذلك من خلال وضع الذات في مثل هذا المأزق، عدم امتلاك سعد الحريري للحنكة التي كان يمتلكها والده.

إلى ذلك، يبدو أن سعد الحريري أدرك، وإن متأخرا جدا، حقيقة أن مسلحي ميليشيات المستقبل لا يملكون أي عقيدة قتالية..وأنهم انخرطوا في ميليشياته بهدف قبض المال، لا أن تقبض ارواحهم..!!

أما أخطر ما ورد في كلمة نصر الله التي افتتح بها مؤتمره الصحفي، فهي تأكيده على أن هذا اليوم (الخميس) هو يوم الوفاء لقرار سابق، كان أعلنه بحضور جنبلاط، مفاده "إن اليد التي تمتد إلى سلاح المقاومة مين ما كانت ومن أين أتت سنقطعها".

لقد كانت هذه الكلمات في كلمة نصر الله بمثابة الإيذان ببدء العمل العسكري ضد ميليشيات تيار المستقبل وغيرها من الميليشيات المعادية له..تماما كما كانت إشارته ذات خطاب خلال حرب تموز/يوليو 2006 إيذانا لانطلاق صواريخ دمرت بارجة اسرائيلية كانت تقف مقابلة للساحل اللبناني..!

قرار حكومة السنيورة إذا هو أمر لا يحتمل الهزل..!

إنه يستهدف سلاح الإشارة الخاص بالمقاومة اللبنانية، كما قال نصر الله. وهو أهم سلاح تمتلكه المقاومة..إنه الأداة التي حققت للمقاومة أهم عوامل الإنتصار في حرب تموز/يوليو..القيادة والسيطرة..! وهو العامل الأهم الذي أدى غيابه إلى خسارة الجيوش العربية جميع حروبها مع اسرائيل، منذ حرب 1948، وحتى الآن..!

محق جدا نصر الله وهو يحذر من أن اليد التي تمتد إلى شبكة اتصالات المقاومة ستقطع..!

ولكن، ماذا بعد..؟

هل تتواصل فصول حرب أهلية ثالثة في التاريخ اللبناني الحديث، أم يوقف تدخل العقلاء والمخلصين هذه الحرب قبل اشتداد اوارها..؟

يجب أن نضع في عين الإعتبار، ونحن نناقش هذه المسألة عوامل هامة لا يجوز اغفالها:

الأول: أن جميع الحروب الأهلية في لبنان اندلعت لأسباب تتعلق بمصالح قوى الإستعمار واسرائيل والإمبريالية، وإن اتخذت من الثوب الطائفي والمذهبي غطاء، وستارا لها.

1.        حرب 1860 مثلت امتدادا للحروب البريطانية الفرنسية. الإنجليز دعموا خلالها الدروز، فيما دعم الفرنسيين الموارنة. ولم يقتصر الدعم يومها على الإعلام والمواقف السياسية، لكنه تجاوز ذلك إلى المال والسلاح.

مهم التذكير أنه يومها لم تكن قد قامت بعد دولة اسمها لبنان. مهم كذلك التذكير بأن تلك الحرب اندلعت بتحريض من الدولتين الإستعماريتين المتنافستين بهدف العمل على الإحتواء المسبق لإمكانية قيام دولة عربية تملأ الفراغ الذي سيخلفه سقوط وانحلال الإمبراطورية العثمانية..فتركة الرجل المريض يجب أن تتم وراثتها من قبل الدول الإستعمارية الأوروبية.

قد يحتج البعض بأن سقوط الدولة العثمانية تم سنة 1918 مع انتهاء الحرب العالمية الأولى، وأنه كان من المبكر جدا تحوط بريطانيا وفرنسا لذلك قبل وقوعه بـ 58 سنة..!

نقول ليس مع الذين يمكن أن يثيروا ذلك حق..ذلك أن بريطانيا بعثت بجيوشها لتحارب وتطرد جيوش مصر بقيادة ابراهيم باشا من شبه الجزيرة العربية، ومن بلاد الشام قبل هذا التاريخ بعشرين سنة بالتمام والكمال (1840)، ولذات الهدف.."منع قيام دولة وطنية قوية تملأ الفراغ العثماني المقبل"..فالتركة العثمانية يجب أن تكون من نصيب لندن..!

أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين شهدا ضغوطات بريطانية ـ فرنسية على الدولة العثمانية للسماح بالهجرة اليهودية لفلسطين، وفتحت قنصلية بريطانية في القدس هدفها المعلن في بيان رسمي صادر عن القنصلية هو حماية اليهود في فلسطين، والعمل على فتح باب الهجرة لهم إليها.

2.        حرب 1975 ـ 1990 اندلعت بتحريض اسرائيلي اميركي بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية وإخراجها من لبنان حماية لإسرائيل.

ولا داعي لمزيد من التفصيل، فالذاكرة لا تزال تختزن الكثير من المعلومات والتفاصيل.

3.        والآن هناك مصلحة اميركية أكيدة في افتعال حرب اهلية في لبنان تخلص واشنطن واسرائيل من مقاومة حزب الله.

للتذكير..واشنطن هي التي مارست ضغوطا شديدة على اسرائيل لتشن حرب تموز/يوليو 2006، الإستمرار في تلك الحرب بأمل أن تنتصر فيها. أليست اسرائيل مجرد قاعدة عسكرية اميركية متقدمة في المنطقة..؟!

كان الهدف من حرب تموز/يوليو هو القضاء على قوة حزب الله في إطار التحضيرات الأميركية لشن عدوان عسكري على ايران.

تماما كما كان الهدف من خطة دايتون، ليس تأكيد انفراد سلطة محمود عباس في قطاع غزة، وإنما أيضا التحضير من خلال ذلك لشن الحرب على ايران.

خلال العدوان الثلاثيني على العراق سنة 1990/1991، الذي خططت واشنطن من أجل تبريره لاستدراج العراق كي يرسل جيشه للكويت، قرر جورج بوش الأب عدم رد اسرائيل على الصواريخ العراقية التي أمر الرئيس الشهيد صدام حسين بإطلاقها على اسرائيل، كي لا تختلط أوراق العدوان الأميركي الثلاثيني، بأوراق الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وأراضي دول عربية أخرى، على نحو يحرج اميركا، ويمثل تهديدا حقيقيا لحلفائها.

الآن أيضا، ولذات السبب، ترفض واشنطن خوض حربين في آن واحد..حرب تشنها مباشرة على ايران، وحرب أخرى تفرضها المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية على اسرائيل بالتزامن مع العدوان على ايران.

ليت قادة ايران والعراق ادركوا ذلك مبكرا، وقبل حرب الثمان سنوات..!!

لذا، فإن الحرب التي استهدفت حزب الله سنة 2006، والحرب التي خطط لها لتقضي على قوة "حماس" في قطاع غزة قبل نهاية 2007، فاستبقتها "حماس" بالحسم العسكري المبكر، وقعتا في إطار مخطط واحد يهيئ للعدوان الأميركي المنتظر على ايران.

ذات الشيئ ينطبق الآن على قرار تفكيك شبكة اتصالات حزب الله..

الضربة الأميركية لإيران تقترب، مع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس الأميركي المجنون، الذي يخطط لتوريط خليفته بحرب جديدة تمنعه على الأقل من سحب الجيوش الأميركية من العراق وافغانستان، على نحو يؤكد توريطه لأميركا في حروب جنونية. ولما كانت اسرائيل أخفقت في تحقيق هذه المهمة سنة 2006، فلتتحقق ذات المهمة من خلال حرب اهلية لبنانية سنة 2008..!

غير أن الحرب الأهلية حال اندلاعها في لبنان، من يضمن اقتصار ساحتها داخل لبنان، في وقت سبق للعاهل السعودي أن حذر فيه من أن عدوانا اميركيا على ايران   من شأنه أن يشعل حربا مذهبية في عموم المنطقة تمتد لأكثر من مئة عام..؟!

مثل هذه الحرب تهدد بالتأكيد آبار انتاج، وطرق تصدير النفط..!!

هنا يكمن السبب الذي جعل السفير السعودي في بيروت يبادر للإتصال بالسفير الإيراني، ليعملا معا على وضع حد للحماقة قبل فوات الأوان.

صحيح أن هناك تحالفات دولية تربط دول المنطقة بغيرها، لكن الأصح هو أن تعمل دول المنطقة على الحفاظ على مصالحها أولا..

هل من ضرورة لتكرار تجربة حرب الثمان سنوات طوال أكثر من مئة عام أخرى..؟!!

الحكمة ليست مطلوبة من طرف واحد فقط..

وإذا كان نصر الله يرفض مبادرة سعد الحريري، وإذا كان الحريري يرفض بدوره الحل الذي يعرضه نصر الله، فيمكن التوصل إلى مبادرة تمثل مصالح ومطالب الجميع.

ثم من يسمح لسعد الحريري، الشاب عديم الخبرة والتجربة أن يسوق الأمة إلى حيث يفتك بها المجهول المعلوم..؟!

ومن يسمح للتشنج والطموحات المذهبية أن تحرق الأخضر واليابس، ويكون المستفيد الأول والأخير، كما في المرة السابقة، فقط اميركا واسرائيل..؟

 

 

 

 

 








طباعة
  • المشاهدات: 12751
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
09-05-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم