-->

حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 12564

السجائر المشفوطة والمنفوخة في أفواه العرب

السجائر المشفوطة والمنفوخة في أفواه العرب

السجائر المشفوطة والمنفوخة في أفواه العرب

12-05-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 

 في بلادنا الساعية نحو الديمقراطية والحرية ، والساعية بكل ما وهبها الله سبحانه من قوة وأمجاد ، نعثر على شعب ناهض ونشط في كل مناحي التعرف على الحرية وتطبيق الديمقراطية في كل تلافيف سطورها الخالدة ، ونجد أن الشعب العربي المجيد بأكمله ، يتمسك بسبل الحرية والديمقراطية ، حتى إذا قيل له لسانك حصانك إن صنته صانك ، فقلل من العبث بصفات الآخرين ولذعهم ببساطة اللفظ وهوان الشعور وتهوين الحق ، وأن على جنبيك وكتفيك ملكين يسطران بنون والقلم وما يسطرون ، ,وأنك لا تنطق من كلمة إلا وعليها شهود لا تمل التسطير والتسجيل ، وأن أمامك لائحة دعوة شاهدة على كل شاردة وواردة ، قال لك : أنا حر وهذه وجهة نظري ، هذا رأيي الذي أعبر به عن موقفي !! ويصر عليك برأي جهبذ يهتم بقوة في البحث عن رفعة حق الإنسان ، وتتعرف على إنسان يعرب جيداً عن مواقفه بفعل الحرية الممنوحة له ولغيره دون حدود ، حتى وصلت الحدود هدمه لجميع الأسوار في سبيل الحصول على أي حق شخصي له فقط على حساب الآخر ، وذلك في غياب القانون الرادع المطبق ! فإذا لقيت في فوهة فمك وأبواب رئتيك نافثات موجهة تنفث النيكوتين والدخان من حولك ، تكون قد تعثرت بقامتك في الوقوف وانحنيت من كبريائك وخرجت عن المألوف ، ثم نطقت إذ قيل نطق البلبل وصدح صوتك وأنت المؤدب الغريب ولم تعد تتذكر المثل الشعبي بين الناس بيا غريب كن أديب !! وفي لحيظات ساهمة بالصبر على قوم من الله عليهم بثقافة احترام الحرية ، فمارسوا التحرر من القيود في نفث النيكوتين في وجهك رغماً عن ترنحك المحزن كضحية على مرأى من رجولتهم وشهامتهم ، واسترجلت فيهم الشهامة والرجولة على طفل مريض يتلوى في صالة انتظار للطبيب ولا حول له ولا قوة ، ليصرخ في وجه ابيه النافث للنيكوتين ، أن توقف يا أبي إني أموت ! ليصفع خد طفله بقفا يده أن استح يا ولد ، وهل تجرؤ على منع أبيك من التدخين ؟ وهو الذي يتعب ويشقى وينزف لأجل تربيتك وتعليمك يا كلب ؟ فعلاً دنيا آخر وقت ... الطفل يطلب من والده التوقف عن التدخين ، الله أكبر ! هؤلاء القوم رفضوا حرية الآخرين بالدفاع عن أنفسهم وصحتهم ، وتشبثوا بحرية الإيذاء فقط ، بحجة الحرية والديمقراطية وهم يعرفونها تماما في هذه المواقف ، وقد من الله عليهم بثقافة التحليل والتشبث بالرأي والموقف الرجولي والشهامة عند العرب ! فنفخوا الدخان والنيكوتين والسواد والسيانيد من شفاههم الجميلة وبراطمهم الأجمل ، وكوروا أفواههم وتفننوا بتلطيخ وجوه الخلق بحرية دون منازع أو عقوبة أو حتى جرأة على التحدث إليهم لمنعهم وتوقفيهم عن الإيذاء المباشر ، وهم يلطخون الجو والشوارع والبيوت والمؤسسات والمستشفيات والسماء والفضاء بالسواد القاتل ، ويقولون لك إذا جابهتهم وانتقدت موتك وموت أطفالك وبيئتك وصحتك ، ورحت معذباً ضحية لسلوكياتهم التحررية والديمقراطية : وهل كل هذا الحروب والموت والمعارك ونوافث السيارات ، انتهت وتوقفت حياتكم على سيجارتي ؟؟ ؟ يا عمي خافوا الله ، صحيح إننا شعب مرتاح ومدلل و..... ، ويقولون لك : سبحان الله لم يبق علينا سوى الشكوى من سيجارة !! اتقوا الله يا عالم ، والله لولا هذه السيجارة التي نتنفس من خلالها ، لأصبنا بالجلطة لشدة القلق والتوتر ، اتقوا الله فقضايا العالم وقضايا الفقر والجوع والبطالة والاحتلال لم تنته حتى تأخذوا السيجارة هماً !! ويقولون : ثم إن هذه حرية شخصية !!! ويرددون نحن أحرار ، ثم متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟؟ تتمنى الهروب إلى غرفة عازلة تبعدك عن العمل والإنتاج والعطاء ، وتكفهر في أنفاسك المخنوقة راجياً الجو والبيئة وفضاء الله الرحب أن تنجو بثوبك الساتر لقلبك الملطخ بسوادهم السموم ، وتنجو باحترامك ولياقتك قبل الاشتباك مع أعدائك المدخنين حولك ، والذين رفضوا توسلك ورجاءك المحزن بإنقاذك من مدافع أفواههم المعفرة بالرائحة النفاثة الكريهة الشكل والمضمون ، والرائحة القاتلة المنبعثة من لثة تبدو في الابتسامة كالحة تحيط بأسنان خشبية منخورة شوهاء ، وتبدو في الضحك ريحاً صرصراً من الرغبة في كتم أنفاسك الشاكية ، فهي السيجارة في أصابعهم تلتف حولك وتخترق عظامك ودمك وأنفاسك وتدخل جوفك ، وتتخلل أركان شعرك وأنفك ورئتيك بسرعة اختراق النيكوتين والسيانيد لعينيك اللتين تؤثران البكاء بلا إرادة ، والاحمرار وتتلون الدنيا بالصفار ، ويبدأ السائل يسيل من جيوب أنفك التي التهبت فجأة ، فتطاردك السيجارة وتحيط بك من جنبك ومن ورائك ! وإن كنت في مؤسسة أو وزارة أو دائرة أو تجمع رسمي أو اجتماع أو مؤتمر ، فأنت تخجل من اللافتة المعلقة ضد المحرقة السوداء ، فهي تنغرز بإهمال غير مرئي وغير مسموع وغير مقروء ، وأكثر ما يحرق قلبك إهمالها من المثقفين والكتاب والأدباء وأصحاب الرأي وصناع آراء الحياة الكريمة للأمة ! ، إنهم الذين يتخذون محنة القراءة والكتابة والتفكير بالمكتوب الذي لا يقرأ من عنوانه فقط ، بل يقرأ من خلال الغيب والنوايا ، فتجد أنهم لا يفقهون ما كتب على اللافتة ، وإنهم غير معنيين بما يتعلق بحق الآخرين ، وصحة الأبرياء ، وغير المدخنين ، وغير ملتفتين بحق الجدار والهواء بالتنفس والصحة ، وحق البيئة المحيطة بالنظافة على الأقل ! تتسلل السموم من أفواههم إلى حلقك كأنها أشواك تنخز خلايا وأعصاب صحتك الشخصية دون قدرة منك على الدفاع عن حقك ، وحتى إذا دخلت مكتبة أو دائرة حكومية أو مؤسسة رسمية ، وشاهدت في سقفها لافتة بيضاء مخططة باللون الأحمر ، ( ممنوع التدخين تحت طائلة المسؤولية ) وجلست أو وقفت أو اصطففت ، لا فرق ، وتناثرت في وجهك الأدخنة والسواد والسموم والسيانيد ، والزرنيخ ، وكممت فاك وأنفك وضغطت على صدرك ، لا تلوي على أنفاس ، وأنت تتلوى وتسعل وتعطس وتزأر لأزمة في صدرك ، وتمتمت ثم بدأت بالبكاء والعويل المكتوم ، وتوجت دموعك بالتوسل للنافثين أفواههم بالسموم في الجو ، وتوسلت إليهم بالتوقف عن تسميمك فأنت مريض !! وأنه لا يهمك أن تموت فالموت قضاء وقدر محتوم حتى تحت أقدام السيجارة المقصودة والقنبلة المرصودة والدبابة والحروب السادرة والسيجارة، وأنك من قوم لم تأل جهداً في ترديد العبارة الفائضة باليأس والشعار الأخير لفقدان الأمل بثقافة هذه الأمة ، حتى بات عزاؤك الدائم يردد : اصبر يا ولد ... فالموت مع الجماعة رحمة ، وحط راسك بين هالروس وقول يا قطاع الروس !! حتى إذا حدث كل هذا ، ويستحي بعض المراجعين من سجائرهم خوفاً من تلك اللافتة التي اشرت لهم عليها ، تفاجئك أصابع الموظفين قبالة اللافتة ووراء الكاونترات وهي تعتصر السجائر دون هوادة ويكونون أنموذجاً للمراجعين والطوابير ! فتحتار إذا كان رب البيت للطبل قارعاً فشيمة أهل البيت كلهمو الرقص !! .... !في هذه الحالة ..... أنت تموت الآن وليس غداً وأن أجراس السقوط على اللا أرض واللا فضاء تقرع بشدة ، وقد فكرت بأسلوب يستعطف النافثين سموم أفواههم في الفضاء والمكان والوجوه ، حين يقول لك احدهم وقد يتجهم وجهه ويلوي صدغيه ، يهز راسه ممتعضاً ، وهو يكاد يصفعك على أنفك ، ونظرة من عينيه القادحتين شرراً مع جمر الدخان الأسود ، وهو ينفخ ريح باكورته الداخلية ولا يتلعثم ابداً بالقول : يا أخي ما دخلك أنت ؟ أنا حر .. وصحتي وأنا مسؤول عنها .... ! وثم من قال لك إنني أتأثر من التدخين ؟ أنت تمرض من التدخين هذا شغلك لوحدك .... عليك أن تدخن مثلي أو تحل مشكلتك ... أما هذا نهار مش فايت ! تنظر إليه باستعطاف ورجاء، أرجوك يا أخي إنني أموت ! ثم يقول أحدهم وهو يسلط شفتيه الليزريتين الرقيقتين بخط الدخان باتجاه عينيك ، ويصوبهما بشكل مثلث في وسطه ثقب ناعم مستدير : وأنا مالي ؟؟ يا أخي .. موت وأنا عزرائيل ؟؟ وفجأة يبرز أسنانه الخشبية بضحكة فاخرة تظهر لك ما ظهر منها وما بطن ، وهو يرتشف أنفه المسدود قليلاً ويمخط بالمنديل المتكور في يده والماليء لجيوبه ويتلفظ بكلمات غير واضحة الحروف ، ومن حلق ملتهب تفوح رائحته النفاذة في صدغيك وتؤكد على التهاب مزمن في لوزتيه اللوزتين : ، يا أخي هل أنت الوحيد الذي تموت ؟ مت .... الله يرحمك ؟ ولماذا لا يحتج احد غيرك ؟ أم أنك على رأسك ريشة ؟يم أنا السبب في مرضك وموتك ؟ يعني كل هذا التلوث نسيته وتذكرت فقط سيجارتي ... الله أكبر ؟ فتبادره بالقول : والله عندي أزمة وقلبي مجلوط ، ويصيبني صداع حينما اشتم رائحة النيكوتين ، وهؤلاء المساكين الذي يغطون أنوفهم وأفواههم بصمت ألا تراهم ؟ .. هم مثلي بالضبط ! فيرد عليك : الله يرحمهم كلهم ... أنا حر وحريتي هي كل مبادئ الديمقراطية..... أفهمت ؟ هناك بعض أصحاب الشعور في المؤتمرات والندوات من المثقفين ، يستجيبون للنداء بحكم ثقافتهم ومشاعرهم الجياشة ، فينسحبون من القاعة حفاظاً على صحة المحزونين ، فيلطخون الممرات المقابلة والمجاورة ويقفون على الأبواب ، ويحافظون على أجواء النشاط بمضاعفة عدد السجائر المشفوطة والمنفوخة ، وأنت تغادر وتؤثر الانسحاب والتوقف عن المشاركة ، حيث تتوجه لأقرب مستشفى للمعالجة وأنت تتأمل بلافتة الحرية والديمقراطية وحق الإنسان والبيئة والطفل والصحة العامة في حياة نظيفة من أفواه هؤلاء !!!! aisharazem@msn.com  








طباعة
  • المشاهدات: 12564
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
12-05-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم