حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 15665

الفضائيات العربية تستغيث بجيوب المشاهدين

الفضائيات العربية تستغيث بجيوب المشاهدين

الفضائيات العربية تستغيث بجيوب المشاهدين

27-05-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 

 حيثما وليت وجهك وأنت تقلب بين الفضائيات العربية، ستصطدم بوجوه قلما تثير إعجابك، وبأصوات نشاز كثيرا ما تزعج مسامعك.. تهرب من واحدة إلى أخرى بحثا عن الأفضل لكنك لا تعثر إلا على الأكثر سوءا.. تضيع في زحمة الفضائيات التي انتشرت كالبكتيريا وأصبحت تسد الآفاق وتشعرك بالاختناق. وتشير آخر الإحصاءات إلى أن عدد الفضائيات العربية اليوم تجاوز أل 380 فضائية مجانية ( من الممكن جداً أن تظهر على قائمة القنوات محطة أو أكثر في فترة ما بين كتابة الموضوع ونشره) تبث على أنظمة بدر سات ونايل سات، فالفضائية الواحدة أصبحت تنتمي إلى شبكة للفضائيات فيها فضائية رئيسة وأخرى للأفلام، وثالثة للاقتصاد، ورابعة للغناء، وخامسة للرياضة، وهكذا تخصص ساعات طوال من بثها لبرامج الأبراج، والفلك، والبرامج الواقعية التي باتت هوسا للشباب العربي، وتبلغ تكلفة تأسيس هذه الفضائية وفق إحصائية دقيقة لقناة نظامية بمواصفات قياسية داخل إسبانيا ثلاثة ملايين دولار تكلفة معدات التصوير والمونتاج وإيجار الموقع على القمر الاصطناعي، ورواتب المنتسبين، ويحتاج البث سنوياً إلى ما يقرب من سبعة ملايين دولار لشراء البرامج الجاهزة وإنتاج البرامج الوثائقية، والإخبارية، والسياسية، التي تغطي بمجموعها ساعات البث مع الإعادة، من برامج ذات قيمة وثائقية نوعية، ليصبح الرقم الإجمالي للميزانية في السنة الأولى عشرة ملايين دولار، وفي السنوات اللاحقة سبعة ملايين دولار. هذا الرقم هو الذي حددته أيضاً الإدارة الأمريكية لتأسيس قناة الحرة الموجهة للعراق في بداية تأسيسها، لكن اللافت للنظر أن الإدارة الأمريكية نفسها أعلنت في نهاية العام الأول لتأسيس القناة أنها أنفقت سبعة وثمانين مليوناً من الدولارات على القناة؛ أي أن الرقم قد تضاعف ما يقرب من ثماني مرات. ماجعلني ابحث في هذا الموضوع هو الارقام المرعبة التي تدفعها هذه الفضائيات من اجل كسب ود المشاهد في حين الشعوب العربية ترزح في واقعها تحت الفقر وغلاء المعيشة، فهذه المحطات حولت الإنسان العربي لإنسان استهلاكي منزوع من جذوره، ولا ينتمي لقضية أو فكر عربي نهائيا، وحتى للأسف بعض المحطات تعمل على تشويه الدين الإسلامي وقيمنا العربية الأصيلة، ونحن كمواطنين نسأل رؤوس الأموال العربية لماذا يقوم اليهودي أو الأمير كي بتوظيف رأس ماله لإنتاج أعمال فنية لصالح قضيته حتى يوصلوا أفكارهم وآرائهم، حيث أصبحوا يمارسون عمليات غسل الدماغ للشعوب الأخرى من خلال طرح فكرتهم للآخرين بشكل جميل وإنساني ويزيلوا عن أنفسهم كل النواحي السلبية, وما نحن فاعلون مشغولون ببرامج " الهز " و "النفخ" ! وبما أنني أتحدث عن حجم الأنفاق التي تقوم به هذه الفضائيات, لفت انتباهي تحقيقا شاملا ومثيرا حول اقتصادنا العربي، خرجت منه بعدة إحصائيات, حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية عام 2006 حوالي 1276 مليار دولار، وبلغ نصيب الفرد 4142 دولارا سنويا وفق التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2007 باعتبار سكان الوطن العربي 318 مليون نسمة، وتقدر نسبة الفقر في الوطن العربي 14.2% وفي الريف 18.7% أما في موريتانيا تصل إلى 46.7% وفي اليمن 41.8% وهي تعكس حالة التخلف الاقتصادي والاجتماعي، وارتفاع معدلات الأمية في البلدان العربية حيث تصل إلى 30.1% وهي أعلى من النسبة المتعارف عليها في البلدان الأخرى، بينما تشير إحصائيات مغربية إلى أن عدد الفقراء في المغرب بلغ 6 ملايين شخص، في وقت يشير فيه آخرون إلى أضعاف هذا الرقم على أرض الواقع. لتصل النسبة إلى40 % من الشعب الجزائري ممن يعيشون تحت خط الفقر بحسب تقرير للأمم المتحدة أيضا، فيما تصل النسبة في سورية إلى 8و48 %، هذا وتظهر هذه الأرقام وسط أرقام أخرى مرعبة عن مقدار العجز الاقتصادي العربي الذي ذكر عنه تقرير التنمية الإنسانية الصادر عن الأمم المتحدة حقائق عدة من بينها أن دولة كأسبانيا تنتج أكثر مما تنتجه 22 دولة عربية ! نعود إلى فضائياتنا العربية والتي يتكهن مراقبون أن عددها سيصل إلى7000 قناة بحلول عام 2012، وقد قدر منتجون وخبراء حجم دخلها في رمضان من وراء البرامج والمسلسلات الرمضانية بأكثر من مليار دولار حيث تبلغ مثلا ميزانية المسلسل المصري الواحد ملايين الجنيهات، إذ إن أجر بعض الممثلين الكبار الذين يرضون لعب دور البطولة يفوق المليونين حسب التصريحات، ومن أكثر المسلسلات الرمضانية تحقيقا للربح المادي هي سلسلة طاش ما طاش الذي حقق في أخر جزء عرض أرباحا تقدر بأنها تجاوزت حاجز أل 50 مليون ريال وكان نفس المسلسل قد سجل أعلى سعر إعلان عربي في تاريخ التلفزيونات العربية، وهو 15 ألف دولار مقابل ثلاثين ثانية في فاصل المسلسل السعودي وهو الرقم الذي زاد 3 آلاف دولار عن الرقم الذي كان برنامج "ستار أكاديمي" قد أحرزه وهو 12 ألف دولار عن الثلاثين ثانية حسب صحيفة المدينة السعودية. وفي نفس الوقت تفتح الميزانيات لنجوم الفن ليحصلوا على ما يريدون بآلاف الجنيهات أو الدولارات; فالمطربة وردة الجزائرية حصلت على أربعة ملايين ومائتي ألف جنيه مصري، نظير مشاركتها في مسلسل "أواني الورد"، أي ما يقارب نصف ميزانية المسلسل التي بلغت العشرة ملايين جنيه. فيما ذكرت ذات المطبوعات أن الممثلات المصريات إلهام شاهين، ويسرا، وسهير رمزي حصلن على ثلاثة ملايين جنيه عن مسلسلاتهن "أحلام لا تنام" و"ملك روحي"، و"حبيب الروح". بينما بلغت ميزانية فيلم "عمارة يعقوبيان" 60 مليون جنيه، كما ذكرت مصادر أخرى بأن ميزانية الفيلم الجديد "ليلة البيبي دول" بلغت40 مليون جنيه فقط لاغير، اما الفضائيات فهي تدر أموال طائلة خلال عدة أيام فقط ; حيث قدرت أرباح قنوات المجد الدينية، بحسب صحيفة الوطن السعودية، بـ400 مليون ريال سعودي خلال عامين فقط، من خلال أكثر من 5 آلاف رسالة قصيرة تصل للقناة يوميا، فيما قناة الإنشاد "شدا" تجني أرباحا تصل إلى2 مليون ريال شهري للعلم أن القناتين دينيتين! فما بالك عزيزي القارئ بأسطول القنوات الغنائية الهابطة التي تقودهما قناتي ميلودي التي تحقق ما نسبته خمسة ملايين جنيه شهرياً، إلى جانب قناة مزيكا التي تحقق ما يقارب السبعة ملايين جنيه شهرياً. ولعل أكثر ما لفت الانتباه إلى هذه الفضائيات هي الأساليب المختلفة في طريقة المنافسة بينها لاسيما في برامج المسابقات التي تعتمد الفضائيات ذات الخط السفلي التي تسيء إلى الفضاء والإعلام العربي، لأنها تعمل على دغدغة عواطف المراهقين، وفيها ضحك على الذقون من اجل الحصول على اكبر قدر من رسائل ( أل ( SMS وبالتالي دخل اكبر للمحطة. مما يجعلني أتساءل، هل يعقل أن تصرف محطة ما الملايين على نجوم يملكون قصورا، بينما ملايين العرب المعدمين يسكنون المقابر وأسطح العمارات والمخيمات؟! هل يعقل أن تكون ميزانية فيلم عربي ما 20 مليون دولار! آما كان من الأجدر أن تصرف على بناء المئات من المدارس، والمراكز التعليمية، أو تصرف حتى على الأبحاث العلمية أو المشاريع الهادفة، التي من شأنها أن ترتقي بأمتنا العربية لا محوها بهذا الكم من الفضائيات التي همها الأول والأخير هو إفلاس المشاهد العربي وزيادة غلتها من الأموال! لكنني لا الوم الفضائيات، فهي تعتبر شركات على هيئة فضائيات تعتمد على الربح, بل الوم المشاهد الجاهل الذي بيده أن يتحكم بجهاز التحكم للتلفاز, بعدم اختيار هذا النوع من الفضائيات التي تعمل على تضيع وقته وماله والتفكير بشيء يفيد مستقبله وأمته بدلا من الاشتراك مع هذه الفضائيات بإفلاس جيوب المشاهدين وعقولهم أيضا! وفي النهاية استغرب, هل لهذه الدرجة رأس المال العربي جاهل يسعى للربح فقط؟ وهل هو رأس مال جبان؟ كيف لا وإعلامنا نانسي، وأخبارنا هيفا، وموجزنا نيشان، وصباحنا كيك فرنسي، ومسائنا انجلينا جولي، وثقافتنا ستار أكاديمي ولغتنا " عربيزي ", واقتصادنا يقف على تصويت الجمهور!  

 








طباعة
  • المشاهدات: 15665
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-05-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم