حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,28 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 43758

النضج السياسي المطلوب، والمعارضة الأردنية

النضج السياسي المطلوب، والمعارضة الأردنية

النضج السياسي المطلوب، والمعارضة الأردنية

11-01-2013 11:13 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور محمد الفرجات

في الحياة الحكومية البرلمانية، تقوم كتل تدعى الأحزاب –وهي مجموعات سياسية مختلفة الاتجاهات والأفكار- عند الترشح للانتخابات البرلمانية بطرح برامج عمل مدروسة تأتي من وحي ايمانهم بأحقية الأهداف وضرورتها للمرحلة على شكل بيان انتخابي ملزم ذات اهداف وآليات تنفيذ، ويكون هذا هو الأساس الذي يفرق فيه الناخبون بين الغث والسمين، وأيضا تحكم ذلك حاجة وطبيعة المرحلة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في الدولة المعنية في وقت الطرح. ويعد هذا الأمر جيدا في تعميق نهج المشاركة الشعبية والديموقراطية، والتي تعد المعارضة فيها اغناءا لنهج الدولة من ناحية، والتزاما ببرنامج الحكومة العاملة أمام من يراقب من الناخبين والتيارات السياسية والأحزاب المختلفة من ناحية أخرى.
والمشهد الأردني لدينا قد يكون وبالرغم من التحديات في طريقه للنضج، وعلى الرغم من الصورة القديمة التقليدية والتي ما أن يعارض سين أو صاد في المملكة برامج الحكومة أو نهجها الا ونفهم وعلى الفور أنه ضد الحكومة والدولة، بالرغم من ان مكونات الدولة هي الارض والحكومة والشعب وبكل مكوناته ونسيجه وشرائحه. وبالحقيقة هذا المفهوم متبادل بين المعارضة والحكومة أيضا، ويعود ذلك لغياب النضج السياسي من صورة المشهد بين الطرفين، وكذلك غياب الثقة، لأسباب مرت بها المنطقة عبر العقود الماضية.
صرح جلالة الملك وطلب في أكثر من تصريح ولقاء ومنذ تسلمه السلطات ضرورة الحاجة الى تعميق مفهوم العمل الحزبي في المملكة، وضرورة نضوج البرامج الحزبية والعمل الحزبي، وشدد وفي أكثر من تصريح على أهمية الحوار والمشاركة الشعبية في قاعات الحوار لا في الشارع.
قد يكون المشهد شيئا ما ايجابي، فبالاضافة الى أنه في الأردن بدأت قطط الفساد السمان تتهاوى، فان هنالك حكومات برلمانية ستشكل، وهنالك برامج وخطط عمل سيتم الالتزام بها من قبل هذه الحكومات، قد تستلهم من خلال طروحات أطياف المعارضة. ما يبدو أن النضج السياسي هو صورة المشهد القادم، والنضج سيكون بمراحل، وسيكون هنالك تحديات، وتشكيك، وعرقلة، وصعوبات، ولكن الوطن اكبر من الجميع. سيكون أمام الحكومة القادمة وأدواتها من وزارات ومؤسسات وهيئات مختلفة، منهجية وأهداف بكتاب تكليف ملكي سامي واضح المعالم والأهداف، وقد يأخذ برؤى اطياف المعارضة وطرح الكتل الوطنية التي ترشحت للانتخابات، وموازنة ذكية (بين التكلفة والعوائد) وفيها شيء من المرونة، والعدالة بين المحافظات.
مهما يكن الأمر، فجلالة الملك بحاجة ماسة الى حكومات تتفهم معنى الالتزام ببرنامج العمل الحكومي، ونصوص كتاب التكليف السامي. وما يبدو أن هذا كان ناقصا في منظومة الحكومات السابقة التي لم تجد الهداية الى هذا السبيل أمام بعض المتغيرات اليومية أو التحديات، ولعدم التجانس بين الفريق الوزاري في أغلب الأحيان. ويبدو أن هنالك وفي الثلث الأخير من هذا الشهر تحولا للمشهد في طبيعة تشكيل الحكومات والنهج الذي تعودنا عليه، عندما كان الأمر بيد احد رؤساء الوزارات المكلفين والذي يشكل حكومته في ليالي معدودات، لا يسلم فيها من التدخلات وحجيج المستوزرين الى بيته في ليالي التشكيل ولا الجاهات. ولكن لم تتضح الصورة بعد، فهنالك جماعات لم تستطع أن تشكل حزبا، وهنالك أحزابا لم تستطع ان تكن جماعات، وبالمقابل فهنالك أحزابا وجماعات وكتل طرحت نفسها للانتخابات البرلمانية، وهنالك ناخب سيخوض التجربة لأول مرة بين اختيار مرشح أو مرشحي منطقته (الامر الروتيني)، والكتل الوطنية.
الثلاثية واضحة الآن، حكومة وموازنة وبرنامج عمل؛ حكومة برلمانية، وموازنة تأخذ بالاعتبار عدالة التنمية بين المحافظات، وبرنامج عمل جاء من وحي الاطياف السياسية والمعارضة ورؤية جلالة الملك. اذن نحن في طريقنا نحو النضوج السياسي، وبالرغم من أننا على الدرجة الاولى من سلم طويل. وكما أسلفنا، يعد هذا الأمر جيدا في تعميق نهج المشاركة الشعبية والديموقراطية، والتي تعد المعارضة فيها اغناءا لنهج الدولة من ناحية، والتزاما ببرنامج الحكومة العاملة أمام من يراقب من الناخبين والتيارات السياسية والأحزاب المختلفة من ناحية أخرى. كل ذلك ناهيك عن ان المعارضة فيها عمق للدولة وورقة رابحة أمام قرارات سياسية قد تفرض من هنا أو هناك. وهذا لا يعني أن تكون المعارضة بالمفهوم الخاطيء وما يتمخض عن ذلك من تبني مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، حيث أن هنالك وسائل غير شريفة لا تمت للغاية بصلة، والمعارضة وبكل اطيافها ومكوناتها يجب ان تكون غاياتها المصلحة الوطنية فقط.








طباعة
  • المشاهدات: 43758
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم