12-01-2013 03:20 PM
بقلم : بركات الزيود
كان الأردنيون ينتظرون خروج دولة عبدالله النسور , يلبس الفوتيك ويتجول بفي شوارع كشفت المستور على ظهر احدى الآليات الثقيلة يفتح الشوارع , ويطمئن على المصابين والمحاصرين , ويعترف رجولة بحـــــــجم التقصير الذي برز من جرّاء العاصفة التي كشفت أن الفساد ليس بشخص أو بشخصين وانما بالكثير ممن أشرفوا على انشاء البنية التحتية لعمان وباقي المحافظات خاصة الجنوبية .
إلا أن دولة الدكتور عبدالله النسور , على العكس تماما فقد تفقّد بعض دوائر السيطرة على البلاد والعباد , وبسيارة فارهة وبموكب جميل , وفوق كل ذلك رجل بأكمله , ينتظر ترجّل الدكتور النسور من سيارته فاتحا مظلته كي لا تتبلل ملابس دولته , أو تصيبه حبة برد , أو نفشة ثلج من السماء , أي استفزاز واستهتار ومن طلب من ذلك الرجل أن يحمل مظلة لدولة الرئيس , بينما بيوت في وادي الحدادة والمخيمات قد أكل أطرافها البرد.
يروي أحد المواطنين ليلة الثلاثاء الماضي , والشوارع غرقت في المياه الطاهره على التراب الأردني العظيم , بأن رجل سير يقف على دوار المدينة الرياضية , والماء على رأسه مدرارا , ويسبح ويديه ترتجفان , لأن الاشارات معطلة والانفاق فاضت عهرا وفسادا , ترجل مواطن من سيارته وأعطى رقيب السير مظلة كي تقيه المطر النازل بكل طهارة على رأس هذا الشرطي بينما من أنشأ وصمم الأنفاق يتمتع بأموال الربح من هذه الانفاق , ولا يجرؤ رجولة من الوقوف مكان هذا الشرطي العظيم.
وبينما كانت قرى النعيمات والمريغة والقادسية وعي وغرندل تنقطع عن العالم , كان الدكتور عبدالله النسور يتمتع برجل كامل يحمل له مظلة تقيه البرد , وبينما كانت الكرك الأبية تغرق في الظلام كان دولته بموكب طويل ورائع , يتفقد غرف السيطرة التي فقط ترصد المشهد الذي يندى له الجبين.
جسور قطعت وأنفاق غرقت , وكل ما هو لدينا منخفض جوي بسيط لم يرق الى حد الاعصار او الى درجة الخطورة القصوى , وفي نهاية نزول عين غزال انقطعت عمان عن الزرقاء , لتقوم الامانة بكامل جهوزيتها بجرف المياه بالجرافات , في مشهد يثير السخرية والرعب من هكذا معالجة فلأول مره في الحياة نشاهد الماء يجرف كالتراب بالجرافات , لم يحدث هذا الا في أمانة عمان حيث كل مسؤول فيها اعتقد نفسه مخططا مع أنه عند الأردنيين لا يستحق عجل السيارة التي يركبها.
من نحاسب ومن نعاقب ومن نعاتب , والقاضي الذي اشتعل رأسه شيبا يحتمي بمظلة يحملها رجل بأكمله , في منظر استفز الأردنيين والأردنيات , منظر يجب أن يستقيل دولته , وأن يعتذر عن استفزاز مشاعرهم بهذه الطريقة , فلا يعني أن لا يخرج الشعب الى الشوارع ويتظاهر بأنه سيبقى صامتا على هذه التصرفات الفوقية من دولته.
ماذا سيقول رقيب السير وعامل الوطن الذي مكث يوما كاملا , وهو يدخل ويخرج الى فتح المناهل التي امتلأت من الفساد والعهر , وامتلأت يداه بالأمراض , وهو يشاهد ناس بنعيم وناس بجحيم وفوق هذا كله يحمل مظلة لدولة الرئيس , لماذا لا يقال أمين عمان الذي خرج على الاردنيين مستاء من اتهامات الأردنيين للأمانة بالتقصير ويقول هذه هي الامكانات ,مع أن ملايين الدنانير تدخل يوميا الى جيب الأمانة ولامنخفضات لا تأتي الى كل خمسة وعشرين عاما.
تقول الأمانة بأن عمان تضاعفت من حيث عدد السكان , إذن , أين التخطيط بعيد المدى وأين أموال الأمانة وكيف أنفقت , كيف سيواجه امين عمان اعصارا أو بركانا أو زلزالا قد يرسله الله بسبب كذبهم ودجلهم وتدليسهم على الشعب الأردني العظيم.
أما الجنوب الذي أبكانا , فهو قصة مؤلمة , وخنجر في خاصرة المسؤولين المتسيبن , السارقين لأموال الأردن , انقطعت الكهرباء ليعيشوا في ظلام دامس , مع نقص في الخبز وكل شيء , والجنوب هو كل الجهات لكل الأردنيين , فلماذا يبقى هؤلاء المسؤولين في مواقعهم التي لا يستحقونها وفوق كل ذلك يريدون اجراء انتخابات قد تصل كلفتها الى مئة مليون دولار , لماذا لا تنفق على ماحدث بسبب منخفض جوي , أم سيأتون لنا بمجلس نواب عالة على الأردنيين ويبصمون بالعشرة على الرفع فقط وتمرير الملفات ومنح السيارات والهبات.
مظلة للرئيس , بينما الجنوب في ظلام دامس , وجرافة يقودها حدث , وسلطة اقليم العقبة التي تمتلك اسطولا من السيارات الفارهة لا تمتلك الا جرافة واحدة , وقبلها بأيام غرقت العقبة وقتل من قتل , وهي سلطة لا نعرف ماذا تعمل.
على دولة الرئيس أن يستقيل ليحفظ شيئا من تاريخه , وليكون نموذجا لمن بعده , فالعمر لن يسمح بمسامحة الأردنيين لك بعد كل ما حدث , ويجب رجم مسؤولي أمانة عمان الذين صمموا عمان وخططوا لها حتى الموت من قبل الأردنيين.
الأردنيون لم يبقى لديهم صبرا كثيرا , فقد أساء المسؤولون لهذا الوطن , ولم يقدّموا شيئا يستحق الذكر , غرقت العقبة ثم غرقت عمان , وتقطع الشمال من الجنوب , ومحافظات خارج نطاق الحكومة الأردنية الا في الجباية ودفع الفواتير , فقط هذه هي الحكومات الأردنية وفوق كل ذلك استخفاف مقيت من قبل دولته.