13-01-2013 10:22 AM
بقلم : إياد حماد
عبر عقود كانت بعض الأحزاب السياسية التي تصف نفسها بالإسلامية ترفع شعارها المشهور ( الإسلام هو الحل ) وقد كانت هذه الأحزاب على مختلف مسمياتها وتنوع أشكالها تظهر نفسها للعامة على أنها حامية للواء الشريعة والمدافعة عن الدين في محاولة منها لتصوير كل من يخالفها النظرة السياسية بأنه بالضرورة سيكون ضد الاتجاه الإسلامي وضد الشريعة الإسلامية
وبالطبع فإن هذا التصور في الآونة الأخيرة تطور حتى وصل الأمر إلى التصريح المباشر من بعض أفراد هذا التيار السياسي المنتسب للإسلام أن كل من يخالفه إنما يخالفه لأنه ضد الدين والشريعة بل قام البعض بوصف المخالف له في التوجه السياسي بأنه كافر أو عميل أو ما شابه من كلمات
لا شك أن هناك جماعات وأحزاب سياسية على خلاف مع المشروع الإسلامي وهي ضد الإسلام نفسه وهذا لا ينكره عاقل لكن لا بد من تقرير حقيقتين جوهريتين وهما :
1: ليس كل من يخالف الأحزاب السياسية التي تنسب إلى التيار الإسلامي هو معادٍ للإسلام كدين
2: ليس كل الأحزاب السياسية التي تنسب إلى التيار الإسلامي هي في الحقيقة أحزاب إسلامية بل منها من يستخدم الإسلام كوسيلة وليس غاية
بعد تقرير هاتين الحقيقتين يجب أن ندرك أن هناك الكثير من أصحاب الفكر والكتاب والصحفيين والإعلاميين عندما يقومون بانتقاد جماعة سياسية تنسب نفسها إلى الإسلام فإن هذا النقد هو موجه للعمل السياسي الذي تقوم به تلك الجماعة أو الحزب وليس لجوهر الدين الإسلامي
ولذلك فإن الإخلاص والأمانة في العمل السياسي لا سيما من قبل أحزاب سياسية إسلامية يتطلب من تلك الأحزاب أن لا تحول المعركة السياسية بينها وبين خصومها إلى معارك حول الدين ومحاولة تصوير نفسها على أنها المدافع عن الدين وأن الأخر هو عدو للدين بل الواجب عليها أن تعرض برامجها وتدافع عنها وفق إطار سياسي
نحن نعلم بأن هذه الأحزاب السياسية الإسلامية ذات مرجعية دينية وبالتالي فهي مطالبة أمام جماهيرها بأن تقدم للمجتمع البرامج ذات الرؤية الإسلامية على أن لا تكون الجهة الوحيدة المحددة لمدى شرعية تلك البرامج من عدمها هي الجهة المقدمة لتلك البرامج بل لا بد من عرضها على الهيئات الشرعية في الدولة لتقرر ذلك من عدمه ثم أن تكون هذه البرامج قابلة للتطبيق
على ضوء ذلك قد تصطدم تلك الأحزاب السياسية الإسلامية بمن يقول لها بأن البرنامج المطروح يخالف الشريعة أو أن آليات تطبيقه غاية في التعقيد بحيث لا يمكن تطبيقه الآن ولذلك فلا بد من برامج أخرى أكثر ملائمة للمرحلة الحالية ومن المؤسف أنه بعد ذلك سنجد بعض أتباع تلك الأحزاب يهاجم المخالف واصفاً إياه بأنه ضد الإسلام كونه ينتقد مشروعاً مقدماً من حزب إسلامي فهل هذه هي السياسة ؟
نحن نريد من الأحزاب السياسية الإسلامية أن تطبق شعاراتها السابقة حتى يشعر المواطن بأن هناك مصداقية ومن هنا فإن من حق المواطن انتقاد تلك الأحزاب إن شاهد أن أفعالها تخالف وعودها السابقة وقد يقال بأن هناك عقبات كثيرة وهناك من يعمل على إفشال تلك الجماعات الإسلامية وهذا أمر طبيعي في طور العمل السياسي فهل يريد البعض أن تكون طريقه مفروشة بالورود لكي ينجح بل لا بد من توقع العقبات والعمل على تجاوزها إن كانت هناك رغبة حقيقية أو قدرة على النجاح أما الوقوف في نفس المكان وانتظار زوال العقبات أو التذرع بها فهو إمارة الفشل أو عدم الرغبة في العمل
ومن هنا فإن على الأحزاب السياسية الإسلامية أن تدرك ما يلي :
1: أن هناك الملايين من المسلمين ممن لا ينتمون إلى تلك الأحزاب السياسية الإسلامية ولذلك لا يحق لتلك الجماعات احتكار المشروع الإسلامي لا سيما في ظل وجود أحزاب وجماعات تستخدم الإسلام كوسيلة لكسب تأييد العامة أمام بقية الأحزاب السياسية
2: أن العديد ممن ينتقدون آليات العمل السياسي لتلك الأحزاب السياسية الإسلامية ليس بالضرورة أن يكونوا ضد الإسلام ولذلك على الجماعة أن تميز بين من ينتقد الإسلام كدين وبين من ينتقد عمل تلك الجماعات لا سيما إن كان نابعاً عن اجتهاد شخصي لهذه الجماعة أو تلك
3: على الأحزاب السياسية الإسلامية أن تقدم برامجها ذات الرؤية أو الصبغة الإسلامية مع الأخذ بالاعتبار أن هذه البرامج ليس بالضرورة أن تكون وفق الشرع كونها مقدمة من جهة حزبية إسلامية وبالتأكيد فإن من يحدد شرعيتها من عدمه ليس هو من يجهل الشرع بل يترك الأمر لأهل الشرع من العلماء المعتبرين لتحديد شرعية تلك البرامج ومع الأخذ بالاعتبار أن يكون هؤلاء العلماء ممن ليس لهم أي توجه حزبي
4: أن السياسة تتطلب التعامل مع العقبات والعمل على تجاوزها لا المكث في المكان وانتظار زوال العقبات لوحدها فهذا لا ولن يحصل بل لا بد أن تملك تلك الأحزاب الإسلامية أدوات النجاح
5: إن النجاح السياسي للأحزاب السياسية الإسلامية يتمثل في مدى تطبيقها للشعارات التي كانت ترفعها وقتما كانت في خندق المعارضة
6: إن الفشل السياسي للأحزاب السياسية الإسلامية في حالة حصوله هو في الحقيقة فشل لتلك الأحزاب وليس فشلاً للإسلام وهو بكل تأكيد سيكون نابعاً عن فشل أساليب وآليات التطبيق في حال كون المشروع إسلامي مئة بالمئة أو هو نتيجة لكون تلك البرامج المقدمة تحت بند إسلامية هي إسلامية في الاسم فقط
7: إن تكميم الأفواه سياسة غير مجدية ولن تنقذ أي سلطة حاكمة ولذلك فإن على أي سلطة أن تطلق العنان للأقلام السياسية من جميع الجهات وبلا شك أنه في حالة تطاول أحدهم على الدين بالاستهزاء أو الطعن في المعتقدات فإنه لن يعترض أحد على محاكمة من قام بذلك أما إقامة الدعاوى القضائية للمخالف ومحاولة منعه من القيام بدوره فهي إمارة على ضعف السلطة وعلى عدم النضج السياسي إذ لا يعقل أن نزعم الحرية والديمقراطية ثم نطالب بحبس كل من ينتقد الرئيس أو الحكومة وكأننا لا نريد معارضة بل نريد سلطة حاكمة ومؤيدون فقط لا غير فهل هذه هي الديمقراطية ؟ ...
الكاتب : إياد حماد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-01-2013 10:22 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |