13-01-2013 10:38 AM
بقلم : حسين خالد مقدادى
الدفتردار وظيفة ادارية كانت ايام الدولة العثمانية قد يماثلها في وقتنا الحالي وفي دوائرنا الجابي ولكن الدفتردار كان مقدرا ومخمننا ومحاسبا وجابيا وتاجرا ونخاسا وجلادا بيده السلطة المخولة اليه من الوالي الباشا او من هو تحت الباشا من آغا او بيك (قد نشبه الأمر الآن بالمحافظ والمتصرف ومدير الناحية )
كان الدفتردار مسؤولا عن تحصيل الضرائب من مجموعة القرى التي تحت اشراف او سيطرة الوالي او الباشا والذي كان يخول الأمر الى الآغا وهذا الى البيك كل واحد يخول الامر الى من هو تحته مقابل مبلغا معينا كضمان وكل واحد من الادنى يأخذ ربحا على ما دفعه الى الأعلى منه وهكذا الى ان يصار الأمر من البيك الى تاجر يدفع الدفعة الكبرى لصالح البيك ذلك انه يملك من الباب العالي صكا او تصريحا مقابل مبلغ من المال يدفعه ولذلك دفعة التاجر هذا من أرسي عليه المزاد تكون كبيرة بل ومضاعفة اضعافا كبيرة يتحمل الفلاح كل هذه المضاعفات دون ان ينبس ببنت شفة تذمرا حتى لا تضاعف عليه الميرة او الضريبة او الأتاوة ، ذلك ان الدفتردار يمر على القرية ومعه ذلك التاجر الذي يخصص له نسبة مما يحصله فكلما تحصل على اكثر يداد نصيبه لذلك يكون منتهزا للفرصة ظالما يمر صاحب الدفتر او الدفتردار ومعه التاجر والخيالة والعمال وقت جمع الغلال والمحاصيل فيأخذ الأجود والاحسن والافضل من المحصول وقبل ان يمد الفلاح يده الى ما كدّ به طوال العام (يأخذ من رأس الكوم )ما يقدره مزاج ونفس الدفتر دار وقد تصل الضرائب الى كامل المحصول خاصة لمن يتذمر والادهى ان الدفتردار ومرافقيه كانوا يفرضوا انفسهم ضيوفا على من يتذمر فيستهلكون له ايضا ما كان في بيته من طعام ...الدفتردار هو وحده من يقرأ ويكتب ويضع الحجج والتفسيرات التي بمقتضاها يفرض مقدار الضريبة فهو الوحيد الذي يملك اتخاذ القرار حيث مزاجية صاحبنا هذا قد تودي بأرض الفلاح الى الآغا او الباشا فتؤخذ أرضه ويغدو الفلاح قنأ وعبدا في ارضه هو يعمل فيها لغيره وتحت امر غيره لا كرامة ولا حرية ...وتكون الطامة الكبرى على الفلاح عندما يكون الضامن للضريبة او الأتاوة الباشا نفسه والذي يكون جل هدفه السيطرة على مزيد من الأراضي من ايدى الفلاحين منافسا الباشا المجاور له حيث يتسابق الاثنان في اتساع رقعة الارض المستولى عليها وفي عدد الفلاحين الذين تحت سلطته فيزيد طمعه وجشعه فيعمل جاهدا على ان يسلب الفلاح اراضه ويبقيه فيها عاملا بقوته وقوت عياله فقط يكبر ابناء الفلاح في الذل والعبودية والسخرة .... ترى هل يبقى الحال في الفلاح صاغرا ذليلا ...لا آلت هذه الأحوال الى تأليب القلوب واشعال جذوة الانتقام في نفس ابناء الأرض واهلها ضد الظالمين الطغاة الذين سلبوهم حقوقهم ونهبوهم خيراتهم ومقدراتهم واكلوا كدهم وعرقهم دون وجه حق فثارالفلاح ومعه الشعب مسلوب الحرية والكرامة فانتفضوا وكسروا قيود الذلة وحطموانير المهانة وأقادت شعلة الحرية وانتقمت من العتاة الباغين والجبابرة الجائرين وفي كل نهاية وعلى الدوام النصر للشعوب ( بحكمة الله آية لكل ظالم نهاية ) وهنا اتساءل هل مازال الدفتر دار موجودا بيننا بعد ان مر قرن كامل على اندثار مسماه العثمانى التركي ... هذا التساؤل يقودني الى ذكر هذه الحادثة والتي اربطها بسياسة الدفتر دار المندثرة حسب زعمنا لكنها باقية فعلا ما بقيت النفوس المريضة التي تستعلي على الآخرين وفي ظنها ان جلوسها في موقع ما هو الدوام لها
في مؤسسة الضمان الاجتماعي فرع اربد دخل على المدير صاحب محل تصليح سيارات (ميكانيكى ) متسائلا ... لماذا ادفع كل هذا المبلغ للضمان عن ولدى وهو صاحب المحل ... لا نملك ما ندفعه ... انتاج المحل لا يغطي مصاريف ثلاث اسر كلكم تعرفون صعوبة الحياة وغلاء الاسعار ... لا نريد الاشتراك في الضمان ... هل نحن لا نملك حريتنا هنا ... هل تسلبوننا حريتنا في ان نتخذ قرارنا هذا ... لماذا تجبروننا على الاشتراك الاجباري ونحن غير مقتنعين به ... هل اصبح الامر عندكم جمع فلوس ... كل القوانين التي تصدرونها فقط لجمع الفلوس دون النظرالى حالة الناس وتعاستهم وشقائهم ...
نظر المدير اليه وببسمة صفراوية قال له : اسمع اذا لم تدفع سوف نقوم بالحجز على املاكك ونبيعها بالمزاد العلني .... خرج صاحبنا وهو يقول حسبي الله ونعم الوكيل ....
ترى وبالمقارنة هل اختلف هنا موقف المدير في الوقت الحالي عن الدفتر دار قبل قرن من الان ... نفس الاسلوب باشا وآغا يأخذ الارض وهنا الحكومة تبيع الأرض وتأخذ ثمنها ... كان الباشا ارحم ان الفلاح يبقى يأكل في ارضه اما الحكومة الآن تتركنا الى عواصف العوز والحاجة وقد نفقد المأوى فيصبح احدنا لاجئا ذليلا لكن الفلاح قبل قرن بقي في بيته وارضه ومأواه ترى أي الحالين ارفق وارحم ...
هل اصبحنا فقط للدفع واصبحت حكومتنا للجباية ؟ لو نظرنا حولنا الى شرطي المرور كل مسؤوليته تعبئة دفتر المخالفات على حساب دوره في تنظيم المرور والارشاد المروري والتوجيه الصحيح لمنع وقوع الحوادث ... وكذلك الحال في البلديات او في ضريبة الدخل وغيرها .... ادفع والا نحجز على املاكك وتباع بالمزاد العلنى ... صار الموظف جابيا وبنفس الوقت مهددا فيعيش الانسان في قلق ورهبة وخوف ترى هل اصبح وتكون داري قد بيعت .... وقد يسمع احدنا من واحد من المسؤولين ان عجز الموازنة يجب سده من جيوب المواطنين ... ترى هل نسد عجز الموازنه او نملأ جيوب اللصوص والفاسدين والمفسدين الذين اتخمت كروشهم من لقمة مواطن عضه الطوى والجوع والمرض ... ترى متى تشبع هذه الشرذمة الساقطة الفاسدة ... ألم ينتبهوا الى ان الامر لا يستمر فيه السكوت ولنتعظ مما حولنا وندرك أن تراكم الظلم والجور سيقود الرازحين تحته الى التململ وبالتالي الاستناد الى قاعدة الضغط يولد الانفجار فما هو الحال ان كان الضغط شديدا جدا جدا فكيف يكون الانفجار ساعتها ......... الله العم
ويذكرني هنا قول ابو القاسم الشابي
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر
ولا بد لليل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر
وبعد الانتصار رد عليه شاعر اخر قائلا
أبا القاسم قدر اردنا الحياه فثرنا لها واستجاب القدر
فها هو ليل الطغاة انجلى وها هو قيد العتاة انكسر
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-01-2013 10:38 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |