20-01-2013 01:17 PM
بقلم : يزن ابوشندي
إلا أنني لم أكن أعيش في دمشق، ولكن كانت دمشق دوماً تسكنني، ألتقيت بها في الصغر، احببتها عشقتها ولم تغادرني يوماً، كانت تأتي لزيارتي في العاشرة ليلا في احلامي، تثرثري معي قليلاً ، كما فعلت يافا من قبلها.
دمشق أني أفكر بك، إنك تسيطرين على راسي منذ اليوم الأول لاعتقالك ، كلما شربت قهوتي في الصباح ، أتساءل كيف تشربين قهوتك ، وهل تشربينها أصلا ، وكيف تبدأين نهاراتك ؟
أنا يا عزيزتي ، أبدأ نهاراتي بالتنقيب عن أخبارك ، وأتوقع أن أقرأ خبر الإفراج " السلطات السورية تفرج عن المعتقلين السياسيين ، وتفتح ابواب دمشق " . ولكن هذا ، وفي كل صباح ، لا يحصل ، وأعرف أنه سيحصل . ربما لن يعتذروا منك الآن، ولكن الكثيرين سوف يعتذرون منك غداً، حتى لو لم يكن لهم يدا باعتقالك ، فإن موقعك في الاعتقال مخجل ، مربك ، حتى أني أتعثر بقهوتي ، وكأنني أكثر من مرتبك لاعتقالك .
دمشق ، في كل صباح سأقول لك " صباح الخير " وسوف أفكر بك طيلة النهار ، وسوف أعتذر منك لأنك تدفعين ثمن صمت الكثيرين ، صمت الخائفين والمترددين، أولئك الذين يعتقدون أن لا أهمية لصوتهم، بل يجرجرون يأسهم ، بينما تمشيت أنت بأناقة تليق بك في ممرات السياسة والمعارضة، وتألقت بجمال صوتك المطالب بالديمقراطية للوطن ، الوطن الذي يفخر بك .
ربما تعرفين يا عزيزتي ، أني أتضامن معك ومع كل سجين رأي ، سواء أكان معتقلا، أو سجينا خارج السجن، سجين عدم القدرة على التعبير ، ربما تعرفين أنني مؤمن بأنه من حق أي كائن على الأرض أن يعبر عن رأيه بالرفض أو الموافقة، أن يكون معي أو ضدي ، أن ينتقدني أو يمتدحني ، أنني مؤمن بالديمقراطية المطلقة ، حتى لأقصى المتعارضين معي ، وبناء عليه ، فأنا أرفض كل أشكال الاعتقالات، المرئية واللامرئية، اعتقال الأجساد واعتقال الأذهان، ولذلك ، فأني أتضامن مع الجميع، معتقلي دمشق وغيرهم ، ممن أحبهم و ممن لا أتفق معهم ، إلا أنك تبقين أنت ، الشرف المضاء على جبين السجون، السجون التي تخجل منك، ومن نقاءك . فأنت العروبة ، كل صباح وأنت بخير .