20-01-2013 03:51 PM
بقلم :
قال الله عز وجل في الآية 216 من سورة البقرة: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، في بعض الاحيان تحيط بنا الإحباطات ونشعر باليأس يسيطر علينا، لكننا سنكون في السطور القادمة مع ما حملته هذه الآية الكريمة من دلالات رائعة، فهذا شاب تخرج من جامعة هامبورغ بألمانيا، وكان يحلم بصنع أول محرك يكتب عليه "صنع في اليابان"، أما أساتذته الألمان فكانوا دائماً يقولون له: نجاحك الحقيقي هو في حصولك على شهادة الدكتوراه في هندسة الميكانيكا من الجامعة الألمانية، إلا أن الشاب ذهب ليشترى محركاً فور إنهاء دراسته، وبدأ رحلة ثلاثة أيام متواصلة لم يكن يأكل فيها سوى وجبة واحدة، ولا ينام إلا ثلاث ساعات فقط، استطاع بعدها تركيب المحرك بنفسه وإعادة تشغيله، ليقفز فرحاً إلى مسؤول البعثة، ليأتي جواب رئيس البعثة: لم تنجح بعد، فالنجاح الحقيقي هو أن تأخذ هذا المحرك الذي لا يعمل نهائياً، وأن تعيده للعمل من جديد، عندها تكون قد نجحت بالفعل، ليذهب بالمحرك الآخر إلى غرفته، ومن جديد بدأ بتفكيكه قطعة قطعة حتى وجد الخلل، قطعة تحتاج إلى صهر، وعندها فكر أنه إذا أراد تعلم صناعة المحركات لا بد أن يدرس طريقة صهر القطع الصغيرة حتى يستطيع صنع المحرك الكبير، وبدلأ من تحضير رسالة الدكتوراه التي أنهى دراستها كما أراد له أساتذته الألمان، ذهب ليلبس البذلة الزرقاء ويعمل عاملاً في مصنع لصهر الحديد، هذا مع العلم أنه كان من العائلات العريقة في اليابان، ليعيد تشغيل المحرك بعد عشرة أيام من الجهد المتواصل، وعاد بعد ذلك إلى اليابان، ليتلقى رسالة من إمبراطور اليابان كان نصها: (أريد مقابلتك شخصياً لشكرك على ما قمت به من جهد رائع)، فقام الشاب بالرد: (لا زلت لا أستحق أن أحظى بكل هذا التقدير والشرف، لأنني حتى الآن لم أنجح)، وبدأ بعد هذه الرسالة رحلة عمل من جديد، تسع سنوات متواصلة أضيفت إلى تسع سنوات سبقتها في ألمانيا، حمل بعدها 10 محركات كتب عليها "صنع في اليابان" إلى قصر الإمبراطور الياباني قائلاً له: الآن نجحت ...! ليبتسم الإمبراطور ويقول: هذه أجمل معزوفة أستمع إليها في حياتي، صوت محركات يابانية 100%، الآن فقط نجح تاكيو أوساهيرا، وعاد تاكيو إلى منزله بعدها لينام لأول مرة منذ 18 عاماً عشرة ساعات متواصلة، ومن يومها تقرر أن يعمل كل عامل ياباني 9 ساعات، ثمان ساعات له ولأولاده، وساعة واحدة من أجل اليابان، وننتقل لقصة محمد إبراهيم التويجري، الذي اضطرته ظروفه الإجتماعية البحث عن عمل وهو ولم يتجاوز 14 عام بمستودع للسكة الحديد، ثم عمل مراسلاً في أحد البنوك وهو في 16 من عمره، حيث كان يتنقل بين إدارات البنك لتوصيل الأوراق، بدأ يستكمل دراسته بعدها من خلال فصول التعليم الليلي "محو الأمية"، حتى حصل على الشهادة المتوسطة، وعندها انتقل للعمل من مراسل لكاتب بريد، إلى طابع على الآلة الكاتبة باللغة العربية، وثابر وواصل مشواره بعدها، حتى وفقه الله إلى الانتقال إلى موقع رئيس قسم الخدمات في البنك، ومن ثم رئيس قسم الحسابات التجارية، وقد استطاع خلال هذه الفترة أن يدخر مبلغا من المال ساعده في الحصول على بكالوريوس إدارة أعمال من جامعة دنفر بالولايات المتحدة، ثم الماجستير في تخصص المالية، ثم الدكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة أريزونا، لينتقل بعدها للعمل بصفة أكاديمي متخصص في علم الإدارة، فعمل أستاذا مساعدا لإدارة الأعمال، ثم أستاذا في إدارة الأعمال في كلية الإدارة، لينجح بعدها في شغل منصب مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية، صدق أو لا تصدق، من مراسل ينقل الأوراق بين الموظفين، إلى مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية !! ولا نستغرب فالشيخ سليمان الراجحي "رحمه الله" لم يخجل من التصريح بأن بدايته كانت حمالاً بأجر ريال واحد فقط، وثابر حتى أصبح مديراً لخمسة عشر الف موظف في جميع شركاته، فيقول: (نشأت كغيري من الشباب ولم أكن أمتلك غير الشهادة الابتدائية، عملت حمالاً بريال واحد حتى لا أمد يدي لأحد، ثم عملت رماداً أجلب الرماد من المنازل ليخلط مع الطين وتبنى به المساجد بعشرة ريالات، وكان أصحاب المنازل يرفضون إعطائي الرماد إلا نظير أن أكنس لهم المطابخ، لأنتقل بعد ذلك إلى مهنة الطباخة حتى صرت بفضل الله طباخاً ماهراً، وكانت بداية عملي في الاقتصاد عندما عينني أخي صالح الراجحي موظفاً معه براتب ألف ريال فقط)، وقد كان ليوناردو دافنشي قطع على نفسه عهداً وعمره 12 عاماً بأنه سيصبح واحداً من أعظم فناني العالم، ويوماً ما سيعيش بين الملوك، ويمشي جنباً إلى جنب مع الأمراء، فهل نجح برأيكم؟ ولا نستغرب فالدكتور العالم أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء، كان يكتب على دفاتره وباب غرفته كلمة الدكتور، وهو في مراحل دراسته الأولى، وكان والده لا يناديه إلا بالدكتور أحمد زويل، فنجح ليس بالحصول على الدكتوراه في الكيمياء فقط، بل وعلى جائزة نوبل فيها أيضاً.
إنه الطموح والإصرار بكل بساطة، فالنجاح والتميز لم يكن حكراً على دين أو ثقافة أو مجتمع بعينه يوماً، وإنما يكون طريقه سالكاً طالما تحلينا بالصبر وتنظيم الخطوات والأفكار، وبيننا الكثير من القصص والنماذج التي تؤكد ذلك وربما لا نعلم عنها شيئاً، فما نيل المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً، فهل بعد هذا سيكون لدينا القدرة على مواصلة الطريق نحو التميز والإبداع مهما كانت التحديات أم ليس بعد؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يزال العبد بخير مالم يستعجل، قالوا: يا رسول الله كيف يستعجل؟ قال: يقول قد دعوت لربي فلم يستجب لي) رواه الإمام أحمد في مسنده، ولتكن "وعسى أن" حاضرة في أذهاننا دائماً عندما نواجه الصعوبات والتحديات في حياتنا، ويحيط بنا اليأس والإحباط من كل جانب.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-01-2013 03:51 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |