حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 16633

بوح لليلي

بوح لليلي

بوح لليلي

13-01-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

.....وأذكر حصانا في البال ، كان يحيا في الغابة وراء الجبال ،حصان حر ،رشيق جميل ، كان صديقا للعصافير ،صديقا للسهول ... يشرب ان عطش من ماء النهر ، ويستحم فيه وقت الملل ، حصان صديقه النهر ، أو ربما نهر صديقه حصان..مرة ، جاءه اللصوص ، رأوه من بعيد ، طاردوه ، حاولوا أن يأسروه ، ثم ، حين كان يبتعد عنهم ، بعيدا في الغابة جنب النهر ، أصابته رصاصة ، لم يستسلم ، ورمى نفسه في احضان صديقه ...غاب مع التيار ، ابتعد بعيدا ، ثم خرج للسهل ، مد ساقه الجريح ، حدبا عليه كانت تمر كل الأزهار والفراشات ، وعالجته الغابة كلها حتى أفاعيها ، فقد صرن للحصان صديقات طيبات....بعد أسبوعين ، عاد لصحتة ، اتجه بنظره صوب وطنه القديم ، تذكر اللصوص والبنادق ، فاتجهه بعيدا صوب الجبال السوداء التي تغطيها الثلوج ، جعل ضفة النهر على يمينه ، وسار محاذاته نحو ما بعد الجبال السود....تلك التي تغطيها الثلوج البيض...بعيدا، بعيدا.... نحو وطن جديد.... لكني أنا يا ليلى ، كيف أغدوا ذاك الحصان وأنا بارد جسدي رغم كل المدافئ ، وأنا يا ليلى ، ثقيل على قلبي ، بقائي ، رغم أنها ، يا ليلى ، وصلت لبيتي ، رائحة المنافي ... سأسافر ، الى أين ؟! والأرض كلها غوانتانمو ، ونحن نلبس الزي البرتقالي ، ونمشي باستقامة ، من نوم الى نوم....نمشي بصمت من رعب الى رعب.... واليوم في بيتنا قاتلنا ، مر متكبرا متعجرفا ، لم يلق التحية ، بل لم يكترث ، وصمتنا ، ظنا منا ، أن يا ليلى بهذا قد أنتصرنا... وأنت تعلمين أن قاتلنا صديق لشيوخ القبائل، ولأجله ، تنفتح المضارب ، وتسال دماء الخراف ، ويرقص الزنوج ... وقاتلنا ، وعلى عادة القتلة، يشارك في جنازة القتيل ، مر من عند الجثث ، صافح الأخوة ، قبلهم على الجبين ، لكنه لم يزعجه شيئا اطلاقا حتى منظر الكفن....والقتلة في بيتنا ، يوما أثر يوم ، أحدهم ، نقدم له من أموال الأطفال الصغار ، سكنا للرذيلة ، والآخر نفرح بزيارته ، فرح المنتظرين من الذئب ، للعيش وسيلة.... أليس مرعبا هذا الذي يجري ، أليس مؤلما ؟!.. المؤلم ان العربي الرسمي يستقبل هذا السفاح في الوقت الذي تستصرخ غزة كل العالم فيه من أجل حبة دواء ،من أجل لقمة ، أمي تحتضن في فلسطين شجرة زيتونها ، ونحن نصفق لسائق الجرافة ، لا بل أن الرسمي العربي يكاد التبرع بسجن أمي ، أرهابية أمنا حين تضم لها جذع الزيتون ، مدنيون هم حين يقتلونا ... بربريون نحن ان صرخنا ضد الظلم ، معتدلون أولئك الصامتون....ويتربصون بنا ، يتربص بنا العدو والصديق ، وصار ابن العرب ، تطارده القوانين ، والأجهزة والمخبرين والجواسيس... وأنا خائف يا ليلى ، أخاف من هذا السفاح ، أخاف علينا ، على شقتنا ، على عطرنا وأزهار شرفتنا وأوراقنا ، أخاف منه على أحلامنا ، على صحونا ونومنا ، أخاف أن يتسلل ويسرق طفلنا ، أخاف منه أن نطقت ان يأخذك الى (أبو غريب) ، أخاف أن يأخذني الى( ابو غريب) ، أخاف منه ، من جلاديه ، من سجنه ، أخاف من حلفائه ، من سجونهم وسوطهم وتعذيبهم واغتصابهم ، مرعوب منه أنا يا ليلى ، أخاف على أمي منه يا ليلى ، على أخوتي ، اخاف على قبر أبي ، أخاف أن يحاكموا عظامه كونه كان يقصف تل أبيب بالمدفعية ،أن يتهموه بالأرهاب ، وأن يأخذوا العظام نحو محاكم أمن الدولة ، وأن يعلنوا أكتشاف شبكة قامت بأعمال ارهابية ضد اسرائيل ، ترأسها عظام أبي... أخاف أن بعد عشرين عاما ، أن أكون انا أعرجا ،أخرسا وأعمى، بفعل السفاح وتكونين أنت منتهيه ، لا يا ليللى ، كم اشتاق اليك ، أنا لا زلت احب البلوز الأخضر العشبي والتنورة السوداء ، هل تذكرين ...بعض الكلام على الشفاه الجميلة ، السير قبل الغروب ، مع هدأة الشمس والجموع ، هل تذكرين ، رسم الورود على الشواطئ الرملية .... لكني ، علينا ، أخاف منه يا ليلى ، أخاف من السفاح وزبانيتة ، أخاف من القادم ، فوجه السفاح في كل مكان والقادم ، لا يحمل من نبوءة الا المزيد من التهامه لنا... وانا ، كنت من ثلاثة أيام قد قررت أن أقلع عن التدخين ، وقررت ان أتواءم مع نفسي ، فأنا رياضي ومدخن ، ولا بد لي ان أختار ، قررت اختيار الرياضة والهدوء والعيش بنموذج صحي للحياة ، يومين فقط ، كنت أرى السفاح مبتسما ، في حضرة أزلامة ، ورأيتهم كلهم زنوج ، يتراقصون كالمومسات أمامه ، ورأيتنا ، نحن ، جموع ، يمر عليها والينا ، وقد أطمأن من حسن سلوك خصيانة...ما احتملت...تقززت حتى التقيوء ، سافرت عن رغباتي وأحلامي ، سافرت حتى عن أوهامي....الآن أنا أدخن ، ما عدت أريد نموذجا صحيا ، لا أريد حتى زيادة في العمر ، لا أريد حتى فاكهة وحليب ونوم كاف ، فقط ، أريد أن أنهي سنوات سجني في هذا العالم الذي يسوده سفاح ، وأريد أن أمضي.... ان ما يحدث في هذا العالم العربي ، يزعجني لدرجة أني أفقد توازني النفسي وهدوئي ، وما يحدث عندنا بفعل هذه الصهيونية العالمية ، أراه ينغص علي عيشي ويصيبني بالكآبة ، يصيبني بضعف في التركيز وتشويش في المفاهيم وضعف في النشاط العام ، كذلك يشعرني بتفوق العبثية ، فأنا أعمل ، لماذا أعمل ؟... من أجل المال ، أي لماذا ؟... كي أتزوج وأفتح بيتا ، أي لماذا ؟... كي تنجب ليلى لنا العربي ، ثم ماذا، سيكبر الطفل ، ثم ماذا ، سفاح جديد ، وعبيد جدد ، والعربي ، ينأى تحت وطأة ما أنأى أنا تحتة ...ويرتعب.... أليست عبثية هذه؟!... أحيانا أفكر برفع دعوى قضائية ضد الأدارة الأمريكية وضد كل الحكام العرب ، لما يتسبب به نشاطهم السياسي ومواقفهم من تأثير صحي ونفسي علي ، فالأكتئاب السياسي ، حقيقة طبية تصيبنا بفعلهم في أ رواحنا وتعرضنا لما هو أسوأ جسديا ونفسيا ....لكن لمن نشتكي يا ليلى ، لمن ؟! أي ليلى ، أترين كم بت سوداويا أنا ، هل ترين كيف يستطيعون بسنوات قليلة ان يمنحونا نفسية العجزة....ونشيب في عز الصبا ، وأفكر دوما أن القادم أحلى ، أنه لا بد من أن النصر قادم ، ثم أشمت من نفسي يا ليلى ، أي نصر عنه أتحدث ، أزاء كل ما يحدث... وكأن كاتب التاريخ الذي أبلغ تميم البرغوثي ، أنه في القدس من في القدس ، لا ارى في القدس الا أنت...أراه يحدق بنا ويقول ، في بلاد العرب من في بلاد العرب ، في بلاد العرب ، غريب يدير مشربا للغرباء ، سكارى يلبسون الكفن ، وطغمة من البلهاء...في بلاد العرب ، خبيرللبنك الدولي ، كاذب ماكر.... فيها ، سائح فرنسي يزور الاهرامات ويستذكر نابليون ويأخذ صورة له مع أحد الفلاحين ... فيها ، سواح اسرائيليون ومستوطنون .... فيها مبعوثون من كل جهة وقوات دولية وبوليس دولي وعاهرات...فيها، فتاة من بلاد السوفييت زرقاء العيون شقراء ، جاءت تبيع الليل واللذة وتحلم بشراء بيت في كييف ... فيها، سفير يزور العشائر ويشرف على الأنتخابات ويكتب للرؤساء ما يقرأون ، في بلاد العرب ، ضابط أمريكي كان قد فرغ من تعذيب السجناء وهاهو في الملهى يستمتع بنبيذ عربي ورقصة عربية، في بلاد العرب ، جيوش واساطيل وطائرات ودروع ودفاعات جوية ودبابات ومدفعية عربية ، لكنها.... ليست عربية ، فيها مراسم وشاشات وجموع ، لكنها أعجمية ... فيها، في كل يوم جثة وسجن وقضية ، فيها الفرنسيون والانجليز واليهود والأمريكان والأسبان والطليان والكوريون واليابانيون والعرب ، فيها كل الوجوه ، لكنها كلها ، ليست عربية ... فيها قوى وأجهزة وجيوش ، ليس للدفاع بل لنواح أمنية ...ومخبر في كل زقاق ، وشرطي ، وقضاء ليس نزيه وفساد وسمسرة ورشوة وواسطة ومحسوبية ، فيها السنة لا تنطق باسمك وموسيقى ليست لك وأغان ، عبثا تسمى وطنية...يلتفت الي كاتب التاريخ يا ليلى ، ويقول : رفقا بنفسك يا بني أني أراك قد وهنت ، أرفق بنفسك وأمش جنب الحائط أني أراك قد كللت، عبثا ما تحاول اجتراحه ، أني أظنك من الوهم تبني مجدا وأراك من القهوة قد سكرت ، رفقا بنفسك يا بني ، ففي بلاد العرب ، من في بلاد العرب ، الكل في بلاد العرب الا أنت....... لكن من أين لنا غير بلاد العرب ،يا ليلى ، وطن ، نحن لا نعرف غير هذه الأرض وطن ، ولا نملك أرصدة في البنوك ولا نعرف طريقا في الغربة ، بالأصل لم نركب طائرة البته ، نحن حراثو هذه الأرض ، نحن عجولها وأسودها ، ثم أنا نحبها ، ثم أن هناك ،حيث وجد الحصان وطنا جديدا ، هناك، خلف الجبال السود التي تغطي قممها الثلوج البيض،هناك.... وحش أسود متوحش كاسر ، اسمه امريكا.... أي ليلاي ، أي عيوني ،ان هذا الزمان ثقيل على نفسي ، على قلبي ، ثقيل على جفوني ...وأني بريئ يا ليلى من هذا الزمان الا أنت ، والله وأمي ، وبريئ من سرقة حليب الأطفال الصغار ، بريئ من دموع الأمهات وبريئ من كل هذا الخزي ...ويا ليلى ، سأبقى أبوح اليك بوحا ليس ككل الكلام ،بوح الزير ساخرا من جور اللئام ، بوح الرجال حين يمنعهم هزيع الظلام ، بوح الذاهبين الى المقصلة ،ذاهبون وفي عيونهم .... حب وسلام...  








طباعة
  • المشاهدات: 16633
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-01-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم