حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,1 يناير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 16634

بوح لليلي

بوح لليلي

بوح لليلي

13-01-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

.....وأذكر حصانا في البال ، كان يحيا في الغابة وراء الجبال ،حصان حر ،رشيق جميل ، كان صديقا للعصافير ،صديقا للسهول ... يشرب ان عطش من ماء النهر ، ويستحم فيه وقت الملل ، حصان صديقه النهر ، أو ربما نهر صديقه حصان..مرة ، جاءه اللصوص ، رأوه من بعيد ، طاردوه ، حاولوا أن يأسروه ، ثم ، حين كان يبتعد عنهم ، بعيدا في الغابة جنب النهر ، أصابته رصاصة ، لم يستسلم ، ورمى نفسه في احضان صديقه ...غاب مع التيار ، ابتعد بعيدا ، ثم خرج للسهل ، مد ساقه الجريح ، حدبا عليه كانت تمر كل الأزهار والفراشات ، وعالجته الغابة كلها حتى أفاعيها ، فقد صرن للحصان صديقات طيبات....بعد أسبوعين ، عاد لصحتة ، اتجه بنظره صوب وطنه القديم ، تذكر اللصوص والبنادق ، فاتجهه بعيدا صوب الجبال السوداء التي تغطيها الثلوج ، جعل ضفة النهر على يمينه ، وسار محاذاته نحو ما بعد الجبال السود....تلك التي تغطيها الثلوج البيض...بعيدا، بعيدا.... نحو وطن جديد.... لكني أنا يا ليلى ، كيف أغدوا ذاك الحصان وأنا بارد جسدي رغم كل المدافئ ، وأنا يا ليلى ، ثقيل على قلبي ، بقائي ، رغم أنها ، يا ليلى ، وصلت لبيتي ، رائحة المنافي ... سأسافر ، الى أين ؟! والأرض كلها غوانتانمو ، ونحن نلبس الزي البرتقالي ، ونمشي باستقامة ، من نوم الى نوم....نمشي بصمت من رعب الى رعب.... واليوم في بيتنا قاتلنا ، مر متكبرا متعجرفا ، لم يلق التحية ، بل لم يكترث ، وصمتنا ، ظنا منا ، أن يا ليلى بهذا قد أنتصرنا... وأنت تعلمين أن قاتلنا صديق لشيوخ القبائل، ولأجله ، تنفتح المضارب ، وتسال دماء الخراف ، ويرقص الزنوج ... وقاتلنا ، وعلى عادة القتلة، يشارك في جنازة القتيل ، مر من عند الجثث ، صافح الأخوة ، قبلهم على الجبين ، لكنه لم يزعجه شيئا اطلاقا حتى منظر الكفن....والقتلة في بيتنا ، يوما أثر يوم ، أحدهم ، نقدم له من أموال الأطفال الصغار ، سكنا للرذيلة ، والآخر نفرح بزيارته ، فرح المنتظرين من الذئب ، للعيش وسيلة.... أليس مرعبا هذا الذي يجري ، أليس مؤلما ؟!.. المؤلم ان العربي الرسمي يستقبل هذا السفاح في الوقت الذي تستصرخ غزة كل العالم فيه من أجل حبة دواء ،من أجل لقمة ، أمي تحتضن في فلسطين شجرة زيتونها ، ونحن نصفق لسائق الجرافة ، لا بل أن الرسمي العربي يكاد التبرع بسجن أمي ، أرهابية أمنا حين تضم لها جذع الزيتون ، مدنيون هم حين يقتلونا ... بربريون نحن ان صرخنا ضد الظلم ، معتدلون أولئك الصامتون....ويتربصون بنا ، يتربص بنا العدو والصديق ، وصار ابن العرب ، تطارده القوانين ، والأجهزة والمخبرين والجواسيس... وأنا خائف يا ليلى ، أخاف من هذا السفاح ، أخاف علينا ، على شقتنا ، على عطرنا وأزهار شرفتنا وأوراقنا ، أخاف منه على أحلامنا ، على صحونا ونومنا ، أخاف أن يتسلل ويسرق طفلنا ، أخاف منه أن نطقت ان يأخذك الى (أبو غريب) ، أخاف أن يأخذني الى( ابو غريب) ، أخاف منه ، من جلاديه ، من سجنه ، أخاف من حلفائه ، من سجونهم وسوطهم وتعذيبهم واغتصابهم ، مرعوب منه أنا يا ليلى ، أخاف على أمي منه يا ليلى ، على أخوتي ، اخاف على قبر أبي ، أخاف أن يحاكموا عظامه كونه كان يقصف تل أبيب بالمدفعية ،أن يتهموه بالأرهاب ، وأن يأخذوا العظام نحو محاكم أمن الدولة ، وأن يعلنوا أكتشاف شبكة قامت بأعمال ارهابية ضد اسرائيل ، ترأسها عظام أبي... أخاف أن بعد عشرين عاما ، أن أكون انا أعرجا ،أخرسا وأعمى، بفعل السفاح وتكونين أنت منتهيه ، لا يا ليللى ، كم اشتاق اليك ، أنا لا زلت احب البلوز الأخضر العشبي والتنورة السوداء ، هل تذكرين ...بعض الكلام على الشفاه الجميلة ، السير قبل الغروب ، مع هدأة الشمس والجموع ، هل تذكرين ، رسم الورود على الشواطئ الرملية .... لكني ، علينا ، أخاف منه يا ليلى ، أخاف من السفاح وزبانيتة ، أخاف من القادم ، فوجه السفاح في كل مكان والقادم ، لا يحمل من نبوءة الا المزيد من التهامه لنا... وانا ، كنت من ثلاثة أيام قد قررت أن أقلع عن التدخين ، وقررت ان أتواءم مع نفسي ، فأنا رياضي ومدخن ، ولا بد لي ان أختار ، قررت اختيار الرياضة والهدوء والعيش بنموذج صحي للحياة ، يومين فقط ، كنت أرى السفاح مبتسما ، في حضرة أزلامة ، ورأيتهم كلهم زنوج ، يتراقصون كالمومسات أمامه ، ورأيتنا ، نحن ، جموع ، يمر عليها والينا ، وقد أطمأن من حسن سلوك خصيانة...ما احتملت...تقززت حتى التقيوء ، سافرت عن رغباتي وأحلامي ، سافرت حتى عن أوهامي....الآن أنا أدخن ، ما عدت أريد نموذجا صحيا ، لا أريد حتى زيادة في العمر ، لا أريد حتى فاكهة وحليب ونوم كاف ، فقط ، أريد أن أنهي سنوات سجني في هذا العالم الذي يسوده سفاح ، وأريد أن أمضي.... ان ما يحدث في هذا العالم العربي ، يزعجني لدرجة أني أفقد توازني النفسي وهدوئي ، وما يحدث عندنا بفعل هذه الصهيونية العالمية ، أراه ينغص علي عيشي ويصيبني بالكآبة ، يصيبني بضعف في التركيز وتشويش في المفاهيم وضعف في النشاط العام ، كذلك يشعرني بتفوق العبثية ، فأنا أعمل ، لماذا أعمل ؟... من أجل المال ، أي لماذا ؟... كي أتزوج وأفتح بيتا ، أي لماذا ؟... كي تنجب ليلى لنا العربي ، ثم ماذا، سيكبر الطفل ، ثم ماذا ، سفاح جديد ، وعبيد جدد ، والعربي ، ينأى تحت وطأة ما أنأى أنا تحتة ...ويرتعب.... أليست عبثية هذه؟!... أحيانا أفكر برفع دعوى قضائية ضد الأدارة الأمريكية وضد كل الحكام العرب ، لما يتسبب به نشاطهم السياسي ومواقفهم من تأثير صحي ونفسي علي ، فالأكتئاب السياسي ، حقيقة طبية تصيبنا بفعلهم في أ رواحنا وتعرضنا لما هو أسوأ جسديا ونفسيا ....لكن لمن نشتكي يا ليلى ، لمن ؟! أي ليلى ، أترين كم بت سوداويا أنا ، هل ترين كيف يستطيعون بسنوات قليلة ان يمنحونا نفسية العجزة....ونشيب في عز الصبا ، وأفكر دوما أن القادم أحلى ، أنه لا بد من أن النصر قادم ، ثم أشمت من نفسي يا ليلى ، أي نصر عنه أتحدث ، أزاء كل ما يحدث... وكأن كاتب التاريخ الذي أبلغ تميم البرغوثي ، أنه في القدس من في القدس ، لا ارى في القدس الا أنت...أراه يحدق بنا ويقول ، في بلاد العرب من في بلاد العرب ، في بلاد العرب ، غريب يدير مشربا للغرباء ، سكارى يلبسون الكفن ، وطغمة من البلهاء...في بلاد العرب ، خبيرللبنك الدولي ، كاذب ماكر.... فيها ، سائح فرنسي يزور الاهرامات ويستذكر نابليون ويأخذ صورة له مع أحد الفلاحين ... فيها ، سواح اسرائيليون ومستوطنون .... فيها مبعوثون من كل جهة وقوات دولية وبوليس دولي وعاهرات...فيها، فتاة من بلاد السوفييت زرقاء العيون شقراء ، جاءت تبيع الليل واللذة وتحلم بشراء بيت في كييف ... فيها، سفير يزور العشائر ويشرف على الأنتخابات ويكتب للرؤساء ما يقرأون ، في بلاد العرب ، ضابط أمريكي كان قد فرغ من تعذيب السجناء وهاهو في الملهى يستمتع بنبيذ عربي ورقصة عربية، في بلاد العرب ، جيوش واساطيل وطائرات ودروع ودفاعات جوية ودبابات ومدفعية عربية ، لكنها.... ليست عربية ، فيها مراسم وشاشات وجموع ، لكنها أعجمية ... فيها، في كل يوم جثة وسجن وقضية ، فيها الفرنسيون والانجليز واليهود والأمريكان والأسبان والطليان والكوريون واليابانيون والعرب ، فيها كل الوجوه ، لكنها كلها ، ليست عربية ... فيها قوى وأجهزة وجيوش ، ليس للدفاع بل لنواح أمنية ...ومخبر في كل زقاق ، وشرطي ، وقضاء ليس نزيه وفساد وسمسرة ورشوة وواسطة ومحسوبية ، فيها السنة لا تنطق باسمك وموسيقى ليست لك وأغان ، عبثا تسمى وطنية...يلتفت الي كاتب التاريخ يا ليلى ، ويقول : رفقا بنفسك يا بني أني أراك قد وهنت ، أرفق بنفسك وأمش جنب الحائط أني أراك قد كللت، عبثا ما تحاول اجتراحه ، أني أظنك من الوهم تبني مجدا وأراك من القهوة قد سكرت ، رفقا بنفسك يا بني ، ففي بلاد العرب ، من في بلاد العرب ، الكل في بلاد العرب الا أنت....... لكن من أين لنا غير بلاد العرب ،يا ليلى ، وطن ، نحن لا نعرف غير هذه الأرض وطن ، ولا نملك أرصدة في البنوك ولا نعرف طريقا في الغربة ، بالأصل لم نركب طائرة البته ، نحن حراثو هذه الأرض ، نحن عجولها وأسودها ، ثم أنا نحبها ، ثم أن هناك ،حيث وجد الحصان وطنا جديدا ، هناك، خلف الجبال السود التي تغطي قممها الثلوج البيض،هناك.... وحش أسود متوحش كاسر ، اسمه امريكا.... أي ليلاي ، أي عيوني ،ان هذا الزمان ثقيل على نفسي ، على قلبي ، ثقيل على جفوني ...وأني بريئ يا ليلى من هذا الزمان الا أنت ، والله وأمي ، وبريئ من سرقة حليب الأطفال الصغار ، بريئ من دموع الأمهات وبريئ من كل هذا الخزي ...ويا ليلى ، سأبقى أبوح اليك بوحا ليس ككل الكلام ،بوح الزير ساخرا من جور اللئام ، بوح الرجال حين يمنعهم هزيع الظلام ، بوح الذاهبين الى المقصلة ،ذاهبون وفي عيونهم .... حب وسلام...  








طباعة
  • المشاهدات: 16634
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-01-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تتحمل إيران مسؤولية "نشر الفوضى وتأجيج الفتن" في سوريا كما تتهمها جامعة الدول العربية رغم نفي طهران؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم