29-01-2013 04:29 PM
بقلم : مصطفى صالح العوامله
ما هو الفرق بين شراء بعض الأشخاص فضائيات خاصة تم استخدامها كأبواق بث لتشويه الرأي العام وصم أذان مثقفيه ، وتوجيهها نحو التصويت للقوائمهم المفبركة ، وبين المال السياسي الذي تم من خلاله وبثغرات القانون إستخدامه لتشكيل قوائم ( الكتائب وطنية ) بحيث لو ترشح شخوصها بشكل فردي لما نجحوا، لإتكائهم على الأرقام التي دخلت قوائمهم ليكونوا أدوات لجمع الأصوات كجوازت مرور لدخولهم المجلس النيابي سؤال برسم الإجابة بصدق وموضوعية من قبل المشرٍعين ؟
وهذه المعركة الإنتخابية الكرنفالية التي تمت على أرض الوطن ، كانت معركة هندسية بجدارة ، واتكأت على جدران إستنادية صنعت بالقانون وتحت عناوين ديمقراطية جُعِلت مفصلة على مقاسات العديد من المترشحين ، و استطاعت أن توقف من لم يستطيعون الوقوف والمنافسة إلا بالإتكاء علي هذه الجدران ، وهم بدونها لا يكونوا يشكلون سوى أسماء مرت على مدرجات مجلس النواب بدوراته السابقة بالخداع والتزوير تم تدوين شخوصها في صفحات سجله للتاريخ ، أو مغامرين لخوض معركة النيابة لعبوها بمهارة خبيثة من خلال ( الكتائب الوطنية) الذي كان هذا القانون بوابة وشاهدا على تأريخ إدخالها الحياة البرلمانية في وطني قبل أوانها بزمن بعيد أو ملائمتها لواقع الحال ، فلا توجد بينها أحزاب بالمعنى السياسي لتشيكل هذه القوائم ، ولم تكن بين المغامرين قواسم مشتركة إلا المصالح التجارية والمقاولاتية وتنفيذ الأجندات الخاصة ، فلأ أحزاب ذات برامج تفيد الوطن والأمة قد دخلت معترك الحياة السياسية لصناعة التغيير وإعادة هيكلة الواقع الحياتي للمواطن .
وكان للفضائيات الخاصة التي تم شراءها واستخدامها في التوقيت المناسب لبعض قادة القوائم لتكون أبواق دعاية وضخ إعلامي موجه ،ومعبأ بمساحق غسيل أدمغة العامة والغوغاء ، وتهييجهم ودغدغة عواطفهم ، وتجييش إنفعالاتهم ، لحشد الأصوات للوصول بهم الى صنايق الإقتراح ، منومين مغناطيسيا للإدلاء بأصواتهم بإتجاه واحد ، هذه الأساليب لعبت دورا هاما في نتائج الإقتراع ، وأوصلت شخوصا ليست لهم فرص الفوز لولا هذه الأبواق ، وحرمت الوطن والأمة من الكثير ممن لو أتيحت لهم الفرص بعدالة وموضوعية ، لكانوا هم الفائزون ، لقد أغفل قانون الأنتخاب تجريم هذ ا الأداء ، وهذه الأدوات لكونها لا تعطي تكافؤً للفرص بين المرشحين ، وبقناعتي الشخصية لا تختلف في جوهرها عن استخدام المال السياسي ، إذ أن كثيرا جدا ممن هم مؤهلون لدخول الحياة السياسية وصنع القرار ولا يمتلكون المال ، بل يملكون الفكر والتجربة والعلم اللازم للنهوض بالوطن وتحقيق طموحات الشعب قد خرجوا من هذه المعركة أو حتى لم يستطيعوا المحاربة في ميادينها لضيق ذات اليد ! فلا يجوز لأصحاب الأموال والمصالح الخاصة والنفوذ وتجار الحروب ، منافسة المفكرين والرياديين في قيادة الوطن لكونهم فقط يملكون الأموال . التي في جلها لو كان في الوطن قانون للكسب غير المشروع ( قانون من أين لك هذه الأموال ) لكانوا قابعين في السجون ، وهم الكثير من التجار والمسؤولين والمتنفذين ، أما قضية عدم وجود أدلة كافية على فسادهم لتقديمهم للعدالة فأمرها بسيط لدى إشهار ذممهم المالية والتحقيق في طرق الحصول عليها ، وهذا الأمر بعيد كل البعد عن إغتيال الشخصية والإدعاء عليهم باللصوصية والفساد ، فكم مِمَن كانوا قبل عدد من السنين فقراء معدمين أو مستوروا الحال ، أصبحوا بين ليلة وضحاها من أصحاب الملايين ، ويسكنون في قصور ويديرون الشركات والمصانع والبنوك ويتربعون على رئاسة مجالس إدارتها ، في حين لو جمعت اموالهم واموال أسرهم لمدة لسنين طويلة ، لما جمعوا هذه الأرقام الفلكية من الأموال في عقدين او ثلاثة عقود من الزمن في الوقت التي لا زالت أسعار الأرضي في أماكن ولادتهم الذي يدعون وراثتهم لها لا تساوي جميعها ما جمعوه من أموال ، وهم الذين ابتعثوا أبنائهم للدراسة على حساب جيوب المواطنين في اكبر المعاهد العالمية دون كفاءة أو تميز سوى انهم من أبناء شخوص أصبحوا ذوات وليكونوا ورثة عروش إمبراطورياتهم المالية .
أننا لا نتقن لعبة الديمقراطية على حقيقتها ، إذا بقيت خيوط اللعبة بيد النخبة وأذنابهم الذين يبرزون بين الفينة والأخرى ، ليتسلقوا مقاعد الأخيار وليسرقون فرص المخلصين ، لكونهم كلاب تنبح على أبواب أهل الحظوة ، وتدافع عن فسادها ، وهم الواقفون على أطراف موائد سكرهم وعربدتهم في الليالي الحمراء المتكررة ، نوادل وحملة لجمار أراجيلهم ونشاشين على مناقيل مشاويهم التي إكتوا بنارها أبناء الشعب سنين طويلة، فإلى متى نتيه في هذه الحالة الرمادية إلى أن ننطلق الى النور للمساهمة في صناعة مجد هذا الوطن مع الشرفاء والمخلصين من أهله الذين لو أتيحت لهم الفرص ، لأصبح الأردن سويسرا العرب بالرغم من شح الموارد والإمكانيات ، وهم الشرفاء المحاطين بالأسلاك الشائكة المكهربة ، وإطفاء النوار عنهم ، وتجريدهم من كل ما يدافعون به عن أنفسهم بثعرات القانون ومهندسيها المهرة ، الحمد لله أن أصبح بين أعضاء المجلس على قلَتهم بعض بصيص من النور ولو كان باهتا يقود الى مستقبل أفضل ، وعم ذلك أقول جازما بأن الفجر سيأتي وسيمسح هذه العتمة الحالكة التي تتيح للفساد والفاسدين المرور والتكاثر .