بقلم :

  ما زال المهندسون وعلماء من تخصصات عده يعملون في شركات يابانيه لانتاج تلفزيون يبث كل انواع الروائح بحيث تثير حاسة الشم في انف هذا المتربع امام الشاشه فيستطيع وهو يتابع اخبار الجزيره مثلا ان يشم رائحة البخور .اما اذا كان يشاهد برنامجا اخباريا في العربيه فسوف يشم رائحة رشة عطر امريكي مركز تصيبه بالدوار وتذكره بايام نيسان وسقوط بغداد .واذا كان البث مباشرا من مزرعة للورود في بلجيكا فسوف يشم هذا المتربع رائحة الورود ويقول في نفسه " ساق الله على ايام صيد العصافير " .اما اذا ادار التلفاز على محطه للاغاني والفيديو كليب فلن يستطيع تحمل هذه الخلطه العجيبه والغريبه من الروائح التي اختلط فيها عرق النساء بالعطور الفرنسيه ومزيلات العرق وبعض رائحة الياسمين الذي تنتجه معامل الفوط الصحيه .ويا لويل هذا المشاهد ان كان حظه في الصباح مقرونا ببث مباشر من مزرعه للدواجن اللاحم ان كان متابعا لاخبار انفلونزا الطيور .او من حلقات بيع الاسماك على شاطيء عربي وكان الخبر تقريرا عن بواسير السمك . عندما يريد العربي ان يسب احدهم فانه يقول "فلان ما بشم" ويقول عن اخر " فلان مروح " او "معفن " و "ما عنده ريحة الشم " عندما كنت في الامتحان الشفهي في مادة "امراض الفم " كان السؤال لزميلي عن اسباب رائحة الفم .فراح الطالب النجيب يجيب عن السؤال وكانه حصان يعرف طريقه واجاب واسهب وكأنه يحفظ قصيدة شعر غزليه .فوضعت له الدكتوره علامه تقترب من الكامله .ثم وجهت لي سؤالا :هل لك ان تضيف لنا شيئا على اجابة زميلك دون ان تكرر ما قاله .فقلت متسائلا :هل لي ان اخرج عن الكتاب والنص .فقالت بسخريه :هاتها يا ذكي ؟فتنحنحت وبسملت وقلت : ان الكلمه التي تخرج من الفم انما هي التي تعطي الرائحه لهذا الفم .فان كانت خارجة عن الذوق والمنطق والعرف والدين وتميل الى السباب واغتيال الشخصيه ويكون فيها الكذب واضحا والنفاق منبطحا والعهر مفضوحا والحسد عنوانا والغدر هدفا فان رائحة الفم تكون نتنه وبها عفونه زائده والكلمات لا تكون مقبوله ونتمنى على قائلها ان يغلق فمه ولا يتحادث معنا حتى لو غنى لنا عن الحب والقهر والغربه ومكافحة الاستعمار وغلاء الاسعار .لاننا قد نسمع عن قاضي اساء في تقدير الحكم على متهم .ولطالما سمعنا عن عمارات بناها مهندسون وانهارت على رؤؤس ساكنيها .فوجدنا لهم العذر لان تقديراتهم ومخططاتهم لم تكم محسوبه بدقه .اما من يتكلم ويكتب فعليه ان ينظف فمه ويعطره بكلمات طيبه حتى لا ينفر منه السامعين والقراء .فوضعت لي علامه كامله وقالت لي وانا قد وصلت الى حد النشوه :يجب ان يكون جوابك هذا مرجعا لكل الطلاب اللذين يدرسون في هذه الكليه .ويتخرج ليعمل طبيب اسنان او حتى صحفي .او من يريد امتهان هواية الكتابه في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونيه . طبعا هناك ارتباط تكنولوجي ما بين شاشة التلفاز وشاشة الكميوتر .فاذا ما توصل هؤلاء العلماء الى نتيجة في بحثهم .فلسوف لن نستطيع الكتابه في المواقع الالكترونيه التي يعلق فيها بعض السفهاء لاننا لن نستطيع تحمل رائحة الغدر والحسد وضيق الافق والميل الى شخصنة التعليق في ردودهم المسيئه .وربما نجد ان الحل هو بالعوده الى شاشاتنا القديمه التي رفعناها على الرف في المستودع ولا بأس ان كانت بلونيها الابيض والاسود .فبعضهم يريد ان نغرق في حاله من الحداد ولبس الاسود والبكاء المتواصل الى يوم الدين .ونحن نريدها بازهى الالوان واطيب الروائح وتبعث الامل والخير في النفس التي لا تتوق الا لطيب العيش وكلام جميل ....