02-02-2013 09:43 AM
بقلم : الدكتور عواد النواصرة
تتجه أنظار الأردنيين هذه الأيام إلى المطبخ السياسي الأردني والذي سيخرج لنا وجبة دسمة ،وهي رئيس الوزراء القادم وطاقمه الوزاري، إضافة إلى تشكيلة مجلس الأعيان. ولا يخفى على أحد الطريقة الكلاسيكية لتشكيل الحكومات في الأردن ومجلس الأعيان، وأعتقد بأن التشكيلة القادمة لن تأتي لنا بجديد من حيث الوجوه المستهلكة والتي اعتدنا عليها تغادر موقعا لتحل في موقع جديد. ولكن الأمر المحير والذي بتنا نسمع به وهو بداية المشاورات مع مجلس النواب الجديد أو ما يسمى الكتل البرلمانية ، وما أراه هنا إلا كلمة حق أريد بها باطل فالكتل البرلمانية (إن وجدت) فهي كتل هلامية حديثة الولادة وتجمع بين أطيافها من كل فطر أغنية، ولن تناور إلا لتمرير اسم شخصية متنفذة ليصبح وزيرا حتى وإن لم يعرف من السياسة إلا اسمها.
بعد هذا التقديم نرى أن هذه المرحلة والتي أفرزت مجلس نواب أغلبية أعضائه إفرازات عشائرية وليست نخب سياسية قادمة من أعماق السياسة والعمل الحزبي. لقد فشلت الأحزاب والقوائم التي خاضت الانتخابات في حصد مقاعد مقنعة تمكنها ولو على سبيل المناورة في حسم أمر رئيس الوزراء الجديد، أو حتى اقتراح اسم جديد. فهذا يقودنا إلى استحالة تشكيل حكومة حزبية في الأردن والسبب يوجد في الأردن وبحسب معطيات وزارة التنمية السياسية 23 حزبا مرخصا. وهذا يقودنا إلى التفكير بعدد الأردنيين المنتسبين لهذه الأحزاب فنجده لا يتجاوز 30 ألف شخص وهذا يقودنا بدوره إلى مساع الدولة في تشكيل حكومات برلمانية على أسس حزبية، فكيف تستطيع الدولة الأردنية النجاح في هذا المسعى؟ هل ستأخذ 23 شخص (أي شخص من كل حزب) لتشكيل حكومة حزبية في المستقبل القريب؟
إذاً ستفشل الدولة في محاورة الأحزاب لغايات تشكيل الحكومة القادمة، إضافة إلى أنها ستفشل في محاورة الكتل النيابية، وحتى وإن تم استشارة النواب منفردين فسيصبح عند الدولة عدد كبير من الآراء التي يصعب الاتفاق عليها، فحتمية المرحلة القادمة تفرض أن يبقى رئيس الوزراء الحالي في منصبة كونه من خارج مجلس النواب؛ حتى يتم خلق حالة من التوازن ما بين الشارع الغاضب ومجلس النواب الجديد. بمعنى آخر أن لا ينحاز رئيس الحكومة إلى النواب أو إلى الشارع؛ لذلك سيواجه رئيس الوزراء مشكلة إرضاء النواب الذين يتحكمون بمصيره سياسيا، ومشكلة إرضاء الشارع في حالة عدم الرضى عن أداء النواب . ونتوقع أن تحدث معضلة سياسية في البرلمان القادم وهو عدم تبنى موقف واضح من السلطة التنفيذية إذا ما تم زج عدد من النواب في الحكومة القادمة كوزراء خصوصا وأن غالبية النواب من إفرازات عشائرية أو محلية. وبعيدين في غالبيتهم عن التوافق في وجهات النظر حول صعوبة المرحلة القادمة في الأردن من حيث مكافحة الفساد والمديونية والموقف من سوريا . وأعتقد بأن الحل الوحيد هو الإبقاء على رئيس الوزراء الحالي الدكتور عبدالله النسور نظرا لحتمية المرحلة الحالية ليكون نقطة ميزان بين الشارع والنواب،فالدكتور عبدالله النسور تنطبق عليه مقولة أنه جاء ليبقى. حفظ الله الأردن وأبقاه عزيزا كما كان وحفظ الله الملك المفدى.
عواد النواصرة رئيس ملتقى المزرعة الثقافي – الأغوار الجنوبية. awad_naws@yahoo.com
0795295143