بقلم :

كيف تمكنت قطر من حل الأزمة ؟ عمر شاهين لم يأت حل الدوحة عبثياً فقد حلت المعادلة بتوافق زمني ومكاني غريب ، ومع أن الجميع بدأ يقرع طبول الحرب اللبنانية ، إلا أني كنت مرتاحا جداً على مستقبل لبنان لأن حزب الله وتيار المستقبل وكل لبناني خسر الكثير في المعركة، وربح لبنان ممثلا في الجيش الذي حافظ على ألا ينجر وراء تحريض أو قتال طائفة على حساب طائفة أخرى ليجسد العماد ميشيل سليمان بأنه يستحق بجدارة قيادة لبنان. فما حدث في لبنان ليس انقلابا حقيقيا كما تعرفه الموسوعات السياسية ولم يكن شرارة بقدر إعادة لصورة مزروعة في ذهن اللبنانيين من المؤكد أنهم حريصين على تجنبها ، وسيكون الخاسر الأكبر هو تيار المستقبل كما تفتحت الأمور بشكل واضح خلال أيام المكاشفة التي حصلت فيها المناوشات والتي لم يستخدم فيها حزب الله سلاحه الذي رأيناه في حربه مع إسرائيل إنما أسلحة خفيفة يبدوا أنها كانت مخبأة في الضاحية الجنوبية ، ومع ذلك فقد ظهر أن مقاتليه مستعدون للدفاع عن أرواحهم بينما لم يكن للطائفة السنية أي نية للدفاع عن تيارهم وكأن ولاءهم كان مدفوع الأجر وغير قابل للتضحية . الفترة التي سبقت المناوشات جعلت نوعا من الاحتقان الذي أزمته الخطابات في لبنان ،وبعد المناوشات تم التفريغ ، فاكتشفنا أن خطابات قوى الرابع عشر من آذار ما هي سوى كلام بكلام واكتشفنا أيضا أنهم لم يكونوا يعدون لحرب أهلية واكتشف الشيخ سعد الحريري أن جنبلاط وجعجع أول من تخلى عنه ، فتعامل مع الأزمة بعقلية الشهيد رفيق الحريري بعد أن خذلتهم قوى عربية ولم تتدخل كعادتها أمريكا فتسامح وسكت سعد الحريري لأجل لبنان مع أنه مؤسساته وطائفته تضرروا بشكل كبير فيما صمت وسلم جنبلاط . طبعا الحريري صاحب العقارات ووريث مجدد وباني بيروت سيكون الخاسر الأكبر لو اشتعلت الحرب ، ولكنه تعامل بعقلية سياسية حتى لو مضطرا لأنه لا يرد أن يخسر بيروت وهذه المرة مليئة بأملاكه . حزب الله كان ذكيا .فقد كان الغرب يتمنى أن يسيطر الحزب على الحكومة ويستفرد بها لينال ما نالته حماس قبله ، ولكنه انسحب تكتيكيا بعد أن حقق رسائل طويلة المدى ، وسحب الخيم ليس لصالح بيروت وسياحتها التي تعتبر الدخل الأهم سيما مع بداية الصيف وحسب فقد فرحت المعارضة بعد أن فشل حل الاعتصام لما يزيد على العام من إبعاد السنيورة . لم يكن لغير قطر أن يحقق اتفاقا مثل الدوحة الذي نتمنى أن يدوم على لبنان ، فالنظام الحاكم في قطر يعتبر من أذكى الأنظمة في المنطقة فبإمكانك أن تصنفه بأي مكان تشاء ، فهو على علاقة قوية جداً مع أمريكا والغرب وعلى أراضيه توجد قاعدة السيلية و بجانبها قناة الجزيرة المحيرة جداً وفيها تحضر ليفني وخالد مشعل على أراضيها ! ولديها علاقات واسعة مع إيران وكل الدول العربية . إذن فهي دوما تحافظ على شعرة معاوية ولم تزج نفسها لا مع دول الممانعة ولا محور الاعتدال ، وهذا ما جعلها تقريبا مرغوبة لدى جميع أطراف اللعبة السياسية في لبنان فهي قريبة من إيران كما من أمريكا بعكس باقي الدول العربية الذين اصطفوا مع جهة ضد أخرى وكل منهم لديه أدلته المقنعة و مصلحته وأمنه القومي وضروراته. لبنان بحق تقع بين فكي أمريكا وتحالفها العربي من جهة ، والفلك الإيراني والسوري من جهة أخرى وكان يود كثيرون أن يحولوها لساحة تصفية حسابات مثل العراق ولكن بحمد الله استوعب سنة العراق وشيعته الدرس العراقي جيدا وعرفوا أنهم سيكونون أداة لغيرهم.نشكر قطر ونشكر كل الطوائف اللبنانية وندعو باقي البلاد أن يتركوا لبنان بحاله فقد أراد الله أن يوافق الزمان والمكان لحل المعجزة اللبنانية .