09-02-2013 10:33 AM
بقلم : أيمن موسى الشبول
عندما كان المجتمع العربي ملتزما” بدينه وعقيدته ورسالته لم تكن ظاهرة الاسماء الغريبة والشاذة للابناء لها وجود قوي في مجتمعاتنا ...
وقد كلنت هذه الظاهرة موجودة في تلك الفترة ولكنها محصورة عند فئات قليلة تعاني الجهل وقلة الثقافة الدينية والحياتية كما كان الحال في المجتمعات النائية والبعيدة ....
لقد ساد إعتقاد في ذهن البعض مفاده بأن الاسم مرافقا للمولود الجدبد لذا فقد ربط هؤلاء أسماء مواليدهم بأحداث رافقت قدوم المولود الجديد ولو كانت تلك الأحداث لها أسماء ومسميات غريبة وشاذة ... فعدا عن أسم : مطر ومطرة التي نسبت الى الامطار أو أسم : ثلجي وثلجية أو ثليجة والتي نسبت الى نزول الثلج فقد وجد إسم : فلاحة وفلحة وعشبة نسبة الى موسم فلاحة الارض وزراعتها كما وجد أسم : غضبان وزعل نسبة للوضع النفسي للاب أو العائلة في تلك الفترة وشمس وشمسية ورعد ومرعد نسبة لحالة الطقس والجو لحظة مجيء المولود ...
ربما كان بعضا” من تلك الاسماء هو مقبول لغويا” واجتماعيا” ولكن بعص من تلك الأسماء كان شاذا” وغريبا” جدا” كما هو حال اسم : غبصة وكشرة وكسوف وكليب وغافل وغريب ومهاوش وغيرها من الاسماء الشاذة ...
لقد قالوا قديما” : لكل أمرىء من اسمه نصيب وهذا الكلام قد ثبت بأن فيه الكثير من الصحة ـ تاريخيا” وواقعيا” ـ : فلو استعرضنا بعض من أسماء القادة والعظماء العرب والمسلمين سنجد أن أغلبهم قد كان له من أسمه نصيب بدء” من خير البشرية محمد صلى الله عليه وسلم الذي نزل اسمه من السماء ليكون محمودا” في الارض وفي السماء فكان له ذلك صلوات الله عليه ... كما أن سيف الله المسلول خالد بن الوليد قد خلد اسمه وبقي يذكر في التاريخ الاسلامي والعالمي كواحد„ من أعظم القادة والفاتحين ولا ننسى صلاح الدين الايوبي الذي سماه والديه بهذا الاسم لعله يصلح الدين وامور المسلمين وفعلا” فقد جعل الله على يديه الانتصار لدين الاسلام وتحرير بيت المقدس من الصليبين ...
يقول علماء النفس : إن الاسم الشاذ قد يسبب لصاحبه الكثير من الاحراج وقد يدفعه الى العزلة الشديدة والابتعاد عن المجتمع وربما سيولد هذا الاسم الغريب لديه شعورا بالنقص ...
وفي زماننا انتشرت ظاهرة الاسماء الغريبة نتيجة” للانفتاح الكبير لمجتمعاتنا دون وعي وبسبب بعدنا عن ديننا وعن عقبدتنا ونتيجة طبيعية لترك التقاليد والموروث والعادات ... ولهذه الاسباب فقد وجدنا الأب الذي درس في الهند أو حتى الذي كان مغرما” بمشاهدة الافلام الهندية يختار لأبنه أو ابنته أسماء” هندية بينما نجد أبا آخر مغرما” بمشاهدة الافلام الغربية او ربما درس في جامعات الغرب يختار لأبناءه أسماء” أجنبية غريبة وقد نجد بعض الآباء المولعين ببعض الرياضيين أو المغنين أو الممثلين يطلقون على أبناءهم أسماء من أحبوا من هؤلاء الرياضيين او الممثلين والمغنين ولو كانت غريبة وشاذة ولا توافق الدين والعادات ...
لذا فقد إنتشرت في مجتمعاتنا مثل تلك الأسماء الدخيلة على لغتنا العربية والغريبة على ديننا وثقافتنا وموروثنا ولكن عند بلوغ الابناء لسن الرشد فإن بعض الابناء سينفر من اسمه الغريب والشاذ فيذهب الى الاحوال المدنية بغية تبديله باسم آخر ولكن البعض من هؤلاء قد يتقبل اسمه الغريب على مضص ولا يظهر للناس نفوره من ذلك الاسم الغريب ... ولا ننسى أن مراجعة الدوائر المختصة لتبديل الاسم فيها صعوبة بالغة وكثير من الاجرآءت المشددة والسبب في ذلك هو : أن بعض الناس يلجأون لتبديل أسماءهم بغية التهرب من حقوق الدولة كالضرائب وخدمة العلم وغير ذلك ... بينما بعض الناس قد يبدلون اسماءهم لغاية التهرب من حقوق وديون الناس عليهم أو يبدلون أسمائهم لغاية الاستئثار بالميراث أو ما شابه ذلك لذا فقد شددت الدول في هذا المطلب ...
إن جهل كثير من الآباء وعدم وعيهم وقلة ثقافتهم وضع أبنائهم تحت ضغط هذه الاسماء الغريبة والشاذة طوال حياتهم وبعض من الآباء قد تخير لابنه اسما” غريبا” جاء مواكبا” لحالته النفسية وردة فعله على الأحداث وقد مر معنا بأن بعض الناس قد سمى بنته كفاية ونهاية ليدلل على ضجره من مواليده الاناث بينما قام البعض من الناس باختيار أسماء قادة يهود وغربيين لابناءه محاولا” بذلك التصرف الأرعن أن يعبر للمجتمع عن نقمته وسخطه على قادة امته العربية والمسلمة الذين لم يفلحوا في صناعة أي نصر أو تقدم لهذه الامة !!!
أخيرا” لابد للمعنيين في المساجد والمدارس ووسائل الاعلام توعية وتثقيف الناس بضرورة عدم الاستهانة بأمانة اختيارهم السليم لأسماء الابناء وإقناعهم بأن تسمية الابناء ليس لعبة يلعبونها كما يشاؤن وليس تسلية يتسلون بها وأن الواجب الشرعي وحقوق الابناء على الآباء يلزم الأب لأن يتخير لأبنه الام الصالحة والأسم الجميل ثم مساعدة هذا الابن في زواجه وفي حسن اختياره لزوجته ..