11-02-2013 10:11 AM
بقلم : د.امديرس القادري
نتفق تماما مع جوهر ما جاء في الأقوال التي نسبت للدكتور محمود الزهار القيادي في حركة حماس ، والتي كشف من خلالها عن رغبته بأن لا يتناول ولا يتحدث عن مسلسل المصالحة الفلسطينية ، مكتفيا بالقول بأنه سينتظر كأي مواطن فلسطيني حتى يرى النتائج التي ستتمخض عنها جهود مختلف الأطراف التي يتم بذلها الآن في ظل الرعاية والإشراف التي تقدمها لهم العاصمة المصرية – القاهرة – والتي قررت أن تلقي بكل ما لديها من ثقل ووزن سياسي وحرص على الأوضاع الفلسطينية الداخلية بغية معالجة أزمتها ، ولكونها لا تزال غير قادرة وحدها على الخروج من عنق الزجاجة الخطيرالذي حبست نفسها بداخلها ومنذ سنوات .
يبني الدكتور الزهار مداميك الفكرة التي يتمسك بها على أساسات حالة التشاؤم الشعبي الواسع والعارم التي تسود مختلف الأوساط الجماهيرية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، والتي تسود أيضا لدى الغالبية العظمى من تجمعات هذا الشعب الفلسطيني الموزع على بلدان الشتات ، والمنافي التي انتهى به الحال إليها على مدى ما يزيد من الستة عقود التي انقضت حتى اللحظة من عمر هذا الصراع وهذا التهجير والنزوح القسري الفلسطيني .
ملايين من هذا الشعب الذي ينتظر أبناءه العودة إلى تراب الوطن ، للأسف ، فإن عليهم أولا أن ينتظروا كثيرا حتى تعود قيادات فصائلهم الوطنية إلى رشدها وتترفع عن اللهو والعبث عبر تغليب وحدة النضال الوطني ضد العدو الصهيوني على مصالحها الشخصية والضيقة وهو ما يشكل المدخل الأساسي لكل من يفكر وبروح المسؤولية بقضايا التحرير والعودة وتحقيق الإستقلال الوطني الفعلي والناجز .
فشلت جميع المحاولات السابقة لتجاوز هذه العقدة التي تعترض طريق المنشار الفلسطيني ومن هنا يأتي تشاؤم الزهار وغيره ، ومن هنا ينبع بالأساس ذلك الإحساس والشعور بخيبة الأمل المتفشي في الداخل والخارج الفلسطيني ، ولهذا السبب فإن الدكتور الزهار الذي نكن له ولدوره الوطني عميق الإحترام والتقدير قد فاض به الفيض في الجلسات المغلقة ، وأمام العديد من أخوته في قيادة حماس ، لذلك فقد راح يلقي بالائمة على " زلم رام الله " ، ويتعهد بأنه سيقطع يده إذا ما تحققت المصالحة في ظل وجود الرئيس الفلسطيني محمود عباس وجماعته الحاكمة في رام الله ، لأنهم وحسب ما جاء في وسائل الإعلام العديدة و المختلفة التي نسبت هذه الأقوال للدكتور الزهار غير قادرين على تنفيذ هذه المصالحة وخصوصا في المجال الأمني الخاضع تماما لأوامر وتعليمات المخابرات المركزية الأمريكية والموساد الصهيوني .
التناول الموضوعي لكل ما يتعلق بحلقات هذا المسلسل التصالحي بين فتح وحماس ، والذي سرعان ما كان يعود دائما إلى مربع الخلافات الأول وعند الإقتراب من أية بادرة انفراج ولو بسيطة ، وخصوصا أن الكثير من الأطراف والجهات والشخصيات الوطنية المحايدة قد اتفقت في لحظة من اللحظات على أن ما يجري ليس هدفه المصالحة ، ولكنه يرمي إلى الإتفاق على كيفية إدارة نتائج هذا الخلاف والإنقسام لما فيها من فائدة " للزلم " عند الطرفين وعلى المدى الزمني الأبعد ، ومن هنا ، فإن التناول الموضوعي المنحاز كاملا إلى فلسطين القضية والشعب يقتضي التساؤل أيضا عن إمكانية وجود " زلم في غزة " لا تريد هي الأخرى لهذه المصالحة أن ترى النور ، وهذا ما كان يجب على الدكتور الزهار أن يقوم بتوضيحه لأبناء شعبنا في كافة أماكن تواجدهم وبعيدا عن إملاءات الجغرافيا البغيظة وبعيدا عن المكاسب الحركية الخاصة .
إننا ونحن ندرك جيدا هدف كل البرقيات التي أرسلها الدكتور الزهار مؤخرا عبر ظهوره مسلحا و باللباس العسكري بين المجاهدين من أبناء حماس الذين ساهموا في رد العدوان الصهيوني الأخير وتحقيق الإنتصار على حكومة نتنياهو المجرمة ، والذي غاب أيضا عن الظهور في جميع محطات الزيارة التي قام بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل إلى غزة ، والذي شن هجوما شديدا على ما تحقق " لزلم رام الله " من إعتراف الأمم المتحدة بعضوية مراقب لدولة فلسطين والتي وصفها بأنها " دولة عرة " أي مشينة ومعيبة حسب المصطلح المستخدم شعبيا عند أهلنا في قطاع غزة ، كل ذلك وغيره ، كان يفرض على من يحظى بالإحترام عند شعبه ، وعلى من قدم فلذة كبده شهيدا على طريق الكفاح والنضال أن يتمسك بجميع حلقات السلسلة التي من خلالها سوف يتكامل النقد البناء لكل ما يجري الآن في القاهرة ولكل ما جرى سابقا في العديد من العواصم العربية التي تشهد على الفشل الذريع الذي غالبا ما كانت تنتهي إليه الجهود المبذولة .
نبني على تصريحات الدكتور الزهار الذي نتمنى أن تظل يده بخير ليقاوم بها عدوه الصهيوني ، ونؤكد على ان القرار الوطني الفلسطيني المستقل لا يمر اليوم وللأسف في احسن حالاته ، وأنه لا يزال بعيدا عن الأيدي الأمينة التي يجب أن تمسك به و أن تحافظ عليه وتصونه ، وهذا ما كان له أن يكون لولا هذا الإنتشار الواسع في أعداد " الزلم " وعلى الصعيدين الأفقي والعامودي ، هذا هو المأزق والمستنقع والذي لا خروج لنا من مخاطره ، والذي لا شفاء لنا من جروحه النازفة إلا بالعودة إلى الوحدة الوطنية ، والمقاومة الشعبية وبكل الطرق والوسائل وهذا يحتاج إلى وحدة رجال صادقين وليس إلى بعض المتحكمين من الزلم المارقين .