11-02-2013 10:18 AM
بقلم : زيد فهيم العطاري
حقيقةٌ لطالما حاولنا الألتفاف عليها وتجاهلها ظناً منا بإن هناك مبالغةٌ كبيرة بذلك ولكن وصف الجفاف يبدو أقل من الواقع فما عصف بدول الربيع العربي من تداعيات كارثية يوضح ذلك, قد يخرج البعض ليتحدث عن أن للحرية والديمقراطية ثمنٌ من التراجع الأمني والإقتصادي لابد أن يُدفع ولكن ما تشهده دول الربيع العربي من تطورات يبدو بإنه أصبح أكبر من الثمن المتوقع بل أن خسائر الربيع العربي فاقت مكاسبه فوفق القاعدة الإقتصادية التي تقول بإنه إذا كانت الأضرار أكبر من المكاسب إذن فإن العملية قد فشلت ودول الربيع العربي فشلت بإمتياز في ثوراتها.
بدايةً من تونس التي ظن الجميع بإن ثورتها قد نجحت دون أي تدخلات وهذا صحيح ولكن ما جاء بعد الثورة من تطورات وأغتيالات أثبت بإن ثورة الياسمين قد لُطِخت بالدماء فيما بعد فأغتيال المعارض البارز شكري بلعيد يوضح بإن الربيع التونسي يعاني فالساسة والشارع التونسي لم يكونوا على قدرٍ كافٍ من القدرة والكفاءة في الحفاظ على ربيعهم فرحيل بن علي ليس فقط هو المؤشر على نجاح الثورة فالأصعب هو ما يليه وتونس إلى الأن لم تستطع أن تنقل ثورتها إلى بر الأمان.
أما مصر المحروسة التي أصبحت اليوم منحوسه لِما تشهده من واقعٍ مرير فيبدو بإن سياسييها ومثقفيها قد فشلوا في الحفاظ على الثورة التي أنطلقت ضد حكم مبارك, أن الربيع المصري قد تحول خريفاً عدة أسباب أبرزها عدم وضع مصلحة مصر فوق الجميع فكلُ طرفٍ يريد تحقيق مكاسبه بدايةً من فلول مبارك الذين يريدون إسقاط مرسي بكافة الوسائل ومروراً بخصوم مرسي في الانتخابات الذين تحالفوا بهدف تنحية الإخوان عن السلطة فهم يخشون من سيطرة الإخوان المسلمين على السلطة تلك السلطة التي حاولوا لعقود إبعادهم عنها وليس من السهل أن يتركوها لهم لذلك فهم يسعون للضغط على النظام المصري من خلال الشارع الذي وللأسف الشديد لم يكن وعيه بالمصلحة الوطنية على الموعد فإنجراف معارضي حكم الإخوان مع التيار ونزولهم إلى الشارع ومطالبتهم بإسقاط نظام مرسي في محاولة لتكرار مطالبات إسقاط نظام مبارك رغم معرفتهم بإن انتخاب مرسي كان شرعياً ونزيهاً إلا ان محاولة مقارنته بنظام مبارك يدل على أن فئة لا بأس بها من الشارع المصري يتقدمها معارضو الإخوان قد فضلوا مصالحهم وإبعاد الإخوان على مصلحة مصر كما أن ما شهده ميدان التحرير من ممارسات لا أخلاقية من قلةٍ من المتظاهرين كظاهرة التحرش وغيرها من أعمال العنف تُدلل على أن ما تشهده مصر اليوم بعيد كل البعد عن الربيع العربي الذي كان هدفه تحقيق الديمقراطية والعدالة الإجتماعية ويبقى السؤال المطروح من سيتغلب على الأخر في معركة الخاسر فيها هي مصر
أما ربيع اليمن فقد تحول إلى ساحةٍ للقتتال والمعارك فتنظيم القاعدة أستطاع استغلال ما شهدته الساحة اليمنيه خير استغلال فقد أعاد الانتشار واصبح المواطن اليمني بين مطرقة تفجيرات القاعدة وسندان الطائرات الأمريكية التي تتجول في سماء اليمن وتقصف مدنه وقُراه في ظل عجز الحكومة اليمنيه عن مقاومة تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات المسلحة
وفي ليبيا ايضاً هناك العنف اصبح ذات تأثيرات أقليمية وللأزمة في مالي ارتباطٌ وثيق بما شهدته وتشهده الساحة الليبيه ليبيا اليوم أصبحت أشبه بالفانوس السحري التي يريد الجميع أن يتقاسمه فالشركات الأجنبيه تتسابق لإقامة المشاريع فيها بُغية تقاسم ثرواتها الطبيعية والمالية والليبيون على حالهم ينتظرون ان تتبدل اوضاعهم المعيشيه والاجتماعيه والسياسيه على غِرار تبدل نظام القذافي
أما سورية فقد تحول ربيعها الذي لم يكتمل بعد خريفاً بسرعه حتى قبل إسقاط نظام الأسد فسورية اليوم تعج بأعمال القصف والعنف والجماعات المسلحة على الصعيد الداخلي أما خارجياً فهي تعج بالأستراتيجيات السياسية والتحالفات فكل طرف يريد تحقيق مصالحه ونفوذه, ان إسقاط نظام الأسد اليوم ليس مطلباً شعبياً بُغية إحلال الديمقراطية بل هو مطلبٌ مُلحٌ لوقف عمليات القصف ولإنهاء معاناة ملايين السوريين.
أن الربيع العربي فشل في تحقيق أهدافه التي تتلخص بالديمقراطية والعدالة الإجتماعية والأسباب كثيرة أبرزها وأهمها تغليب المصالح الضيقة على المصالح الوطنية في دول الربيع العربي وضعف الوعي الشعبي المتمثل بالإنجراف خلف نخبٍ وجماعاتٍ تريد مصالحها وبالطبع فإن ما وصل اليه الربيع العربي من جفاف جاء ايضاً بسبب التدخلات الأقليمية والدولية التي نجحت في تغيير مسار الربيع العربي ليصبح خريفاً كما أن ما وجدته هذه الأطراف الاقليمية والدولية من بيئةٍ خصبة داخل دول الربيع العربي ساعدها بشكلٍ كبير على تجفيف هذا الربيع وجعله خريفاً لتحقيق مصالحها.