15-02-2013 03:01 PM
سرايا - سرايا - الحب الصادق لا يعرف الحواجز ولا الحدود ولا يعرف الجغرافيا أنه أقوى من كل شيء، فلم تكن إيمان أبو سبيتان وهي شابة فلسطينية تبلغ من العمر 25 عاما تتخيل يوما أن فارس احلامها سيأتي من الصين، فهي تعيش في بلدة دير البلح بوسط قطاع غزة الذي يرزح تحت وطأة حصار اقتصادي اسرائيلي منذ ست سنوات.
القصة تعود للعام 2010، عندما زار شاب صيني القطاع ضمن وفد تضامني صيني مع المحاصرين في غزة، وكان يتقن اللغة العربية فقد عمل كمترجم في ذلك الوقت وأطلق على تفسه اسم موسى، وحينها التقى بإيمان ونشأت علاقة بينهما نمت وتطورت عبر الانترنت حتى بعد عودته الى بلاده، وفقا لموقع بي بي سي بالعربية.
وتقول إيمان انها لمست في موسى مشاعر صادقة واكتشفت أيضا أنه مسلم ويحفظ القرآن، "وكان كثيرا ما يرفع من معنوياتي ويخفف عني لا سيما عندما كنت اتكلم معه عن الواقع الذي نعيشه في غزة."
وتقول إيمان ان موسى طلب الزواج منها، وقد أكدت له أن هذا الامر يبدو مستحيلا فكيف يمكن أن يزور غزة مرة أخرى وكيف يمكن أن تقنع أهلها بزواجها من شخص ليس فلسطينيا أو حتى عربي.
لكن موسى كان مصرا على قراره وكان يقول دائما أن أي انسان يمكن أن يحقق حلمه لو كان يملك الارادة والايمان.
وبحسب مقربين من موسى، فقد قرر في نوفمبر الماضي، أن يزور غزة، وقد سافر بالفعل من الصين الى مصر، وانتقل الى منطقة الحدود بين مصر وغزة، وتم تهريبه عبر أحد أنفاق التهريب الممتدة تحت الحدود حيث كان أصدقاؤه في انتظاره في الجانب الفلسطيني، وعلى الفور قاموا بترتيب موعد مع والد إيمان وقام بزيارته وطلب منه يدها.
وتقول ايمان أن والدها لم يكن موافقا تماما على هذا الزواج لكنه وأمام اصرارها وما لمسه من شجاعة موسى وقدومه الى غزة وتحديه لكل الصعوبات وافق على طلبه، وقال لها أنها الآن في عمر يسمح لها بتحمل المسؤولية.
وأقيم حفل الزفاف في أحد ازقة بلدة دير البلح، ورقص موسى مع جيران إيمان وأقربائها حتى الصباح على أنغام الموسيقى التراثية وعلى أصوات الطبل والناي، واستقل سيارة وجلست هي الى جانبه بثوب زفافها وتجولوا في شوارع غزة الصغيرة وهم يطلقون العنان لبوق السيارة تعبيرا عن انتصارهم.
وخلال شهر نوفمبر شنت اسرائيل عملية عسكرية على قطاع غزة لمنع الفصائل الفلسطينية من اطلاق الصواريخ على أراضيها، وقتل ما يقارب من 200 فلسطيني، في ذلك الحين كان موسى وايمان يقضيان ليلتهما الاولى في أحد فنادق غزة عندما بدأت الطائرات الاسرائيلية بقصف عشرات الأهداف في مناطق غزة بشكل عنيف.
موسى أمضى ليلتين من ليالي الحرب الثمانية، قبل أن تنجح الاتصالات في ترتيب مغادرتهما عبر معبر رفح البري، هناك قامت احدى صديقات إيمان وهي مدونة شابة، بتوثيق اللحظات الاخيرة لهما في منطقة المعبر، وتحدثت مع موسى وسجلت كلماته بكاميرتها الصغيرة، وهي تسأله ما هو شعورك تجاه ايمان فقال وهو يضحك "أنا احبها، وكما يقول المثل الصيني اين قلبك يطمئن فجسمك يطمئن وانا مرتاح جدا لكل ما حصل..".
وتقول إيمان وهي تجلس على بوابة المعبر بانتظار السماح لها بمغادرة القطاع أنها تعلمت كثيرا عن الأكلات الصينية، وكيف تستخدم الأعواد الصينية في الاكل، وتقول أنها ستحاول أن تنقل الثقافة الفلسطينية والمأكولات الفلسطينية الى الصين، بل أنها تفكر مستقبلا في افتتاح مطعم في الصين لإعداد الأكلات الشامية والفلسطينية.
موسى أمسك الحقيبة بيد وأمسك بعروسه باليد الاخرى وسار باتجاه البوابة الأخيرة من المعبر، وكانت ايمان تلوح بيدها لأهلها وهي تذرف الدموع، وتقول أن الحب الصادق لا يعرف الحواجز ولا الحدود ولا يعرف الجغرافيا أنه أقوى من كل شئ.