بقلم : هاشم الخالدي
ما الذي حدث في العقبه
بالامس خلت كل شوارع العقبه مساءا من الماره وتحولت المدينه الساحره الى مدينة اشباح.
عندما لححت بالسؤال على احدهم قيل لي بان مباراه تجري الان بين برشلونه وايسي ميلان .
لم احفل بهذا الامر فانا من عشاق المصارعه اتابعها بين الفينه والفينه ولا تهمني كرة القدم واجزم انني اذا التقيت مع المدعو ( ميسي) في كوفي شوب ( تشيه تشيه ) ساطلب منه احضار ارجيله تفاحتين وعصير تفاح .. تفاح اصلي مش من اللي بالي بالكم ،. لانني ساظن ان الاخ يعمل ( جرسون) او ما شابه.
هذا ليس انتقاصا من السيد ( ميسي) طبعا ولا اريد لعشاقه ان يحقدوا علي وانما اتيت بهذا المثل لادلل على جهلي بعالم كرة القدم .
المهم انني لشدة الملل ولانشغال اهل العقبه وزوارها بهذا الحدث التاريخي قررت الانصياع لدعوه عشاء في الانتر كونتيننتال من احد الاصدقاء معتقدا انني ساجد هناك عالما اخر غير العالم الذي اختفى فجأه من شوارع العقبه.
دلفنا الفندق انا وصديقي ( سعود ) واخترقنا البهو باتجاه الترس ( او البرنده) بالعاميه وجلسنا نطلب العشاء فاذا بنا ندخل على قاعه مليئه بالشباب والصبايا وجميعهم تشخص انظارهم لشاشة العرض المنصوبه على احد الجدران الضخمه في ( الترس ) يتابعون كما غيرهم احداث المباراه.
حمر مستنفره كأنها هربت من قسوره.. هكذا كان حال هؤلاء الذين لو قلت لهم ان يوم القيامه قد ازف فستجد جوابا واحدا: خليهم يأجلوه لبعد المباراه.
حزنت لهذا المظهر ولهذا الانشداه الذي حول شعبنا الى ارقام وكراسي تجلس امام الشاشات لتتبع مباراه يتراكض فيها ( ميسي ) هو وغريمه ( كريستانو رونالدو) لاعب ريال مدريد على ما اعتقد.
ليس هنا بيت القصيد
غادرت المكان قبل انتهاء المباراه بلحظات لاحظى بشيئ من جمال ( الغزدره ) في الشوارع المطله على البحر لكن الاجواء هناك تحولت الى نكد عام واصبحت المح حجم النواح بالشوارع والحزن الذي لف شبابنا القادمين كزوار من مختلف المحافظات.
اعتقدت بادئ الامر ان اسرائيل اجتاحت غزه وارتكبت مجزرة شنيعه هناك .. ثم هيئ لي ان هذا الحزن يأتي كردة فعل على مجازر النظام السوري وصور جثث الاطفال السوريين الملقاه بالشوارع .. ثم قدرت ان هذا الحزن ربما يأتي تعاطفا ضد المجازر التي ترتكب بحق مسلمي بورما ..
قدرت عاليا هذا الشعور الشعبي مع القوميه العربيه التي رضعناها منذ الصغر وطفقت اطبطب على الشباب المفجوع في شوارع العقبه ( الشباب فقط ... ما تفهموني غلط) واستجمعت كل كلمات المواساه التي حفظتها من الكتب لاجد الكلمات المناسبه التي اقولها لهؤلاء الحزانى المرميين على قارعة الطرقات وعندما اقتربت من احد الشباب لللاستفسار عن سبب حالة الوجوم والحزن لديهم قال لي : انتا مش عارف المصيبه اللي صارت.
قلت له : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم اوعى تقول انه المصيبه وصلت لعندنا واسرائيل انجنت واحتلت العقبه لانني فورا سانظم الى الجيش الشعبي كما كنت ابان حرب الخليج من اجل تحرير شاطئ الغندور وشارع الشلالات التونسيه وتقسيم الشباب لمجموعات كما حرب الشوارع لازعاج المحتل الاسرائيلي وتكرار نصر حرب الكرامه.
نظر الشاب الي بنظرة استخفاف قائلا ما حرفه: يا رجل احنا بايش وانتا بايش ... ليش كل تفكيرك ( عسكري)
قلت له خير.. يا رجل قطعت قلبي .. شو في... داخل على ولاياك ... سيبت ركبي
اجاب بحزن : برشلونه خسرت المباراه ونحن حزانى على ( ميسي ) لانه لم يستطع ان يجلب النصر لفريق البرشا.

كاد الشاب ان يبكي وهو ينقل لي هذه الكارثه المأساويه وانا اردد في داخلي عشرات الشتائم من وزن ( تيت.. تيت ) على ابوه وابو اللي خلفوه .. لانه قطع قلبي على اشي فاضي.
حاولت ان استجمع ما تبقى في داخلي من ديبلوماسيه وقلت له : البقيه بحياتك .. قصدي الايام الجاي نسأل الله ان ينصر ( ميسي ) تبعكوا على اعداءه من الانديه المنافسه وان يلهمكم الصبر والسلوان.
تركت الشاب وقد ادركت لماذا ينتصرون علينا .
عقل محجوز
وقلب مهزوز
وفسق معزوز
وشبابنا ... سلامتك والعافيه عمو
والبقيه بحياتكو
الكاتب : مؤسس موقع سرايا
Hashem7002@yahoo.com