24-02-2013 01:24 PM
بقلم : د. عزالدين كناكرية
حدد جلالة الملك عبدالله الثاني، في خطابه الذي افتتح به الدورة غير العادية لمجلس الأمة السابع عشر، خريطة عمل لمتطلبات التحول الديمقراطي في كافة المجالات.
وحظي موضوع اللامركزية بأهمية خاصة من خطاب جلالته حيث اكد على أهمية عمل الحكومات لتنمية المحافظات بالشراكة مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لتحفيز طاقات المجتمعات المحلية من خلال استكمال مشروع اللامركزية الذي يكمل المسيرة الديمقراطية ويطورها ويرتقي بآليات اتخاذ القرار ويضمن أعلى درجات المشاركة الشعبية في صيغ القرارات المحلية ويقود الى أثر توزيع اكثر عدالة لمكتسبات التنمية، كما اشار جلالته الى ان صندوق تنمية المحافظات سيقوم بدور مساند في تنفيذ هذه التوجهات.
والمتابع لموضوع اللامركزية في الاردن يجد ان هناك جهودا عديدة بذلت خلال السنوات الماضية وخاصة خلال العشر سنوات الاخيرة لتطبيق هذا المفهوم، وشُكلت لجان وزارية عديدة لتسريع الاجراءات اللازمة لتنفيذ هذا المشروع والوقوف اولا بأول على المعوقات التي تواجه تنفيذ الاجراءات المطلوبة، وتم اعداد بعض التشريعات وبعض مسودات التشريعات اللازمة لتغطية الجانب القانوني.
كما تم اجراء تجارب عملية في بعض المحافظات في المملكة لترسيخ المفهوم، الا ان كل ذلك لم يؤد الى ظهور نتائج كبيرة على ارض الواقع في اي شكل من اشكال اللامركزية سواء اللامركزية السياسية ام الادارية ام المالية، فما تزال القرارات المتعلقة بالمجتمعات المحلية تصنع مركزيا كما ان تحديد الاحتياجات المالية واعداد الخطط والبرامج والموازنات المالية وتنفيذها تتم من قبل السلطة المركزية وليس من قبل المجتمعات المحلية (فيما عدا سلطة منطقة العقبة الاقتصادية التي تقوم الى حد ما بتطبيق جانب من اللامركزية).
وبالرجوع الى المعوقات التي تواجه تطبيق اللامركزية في الاردن والتي ادت الى التأخر في التنفيذ بالشكل المطلوب وتواضع النتائج المتحققة، نجد ان هناك عدة معوقات واسباب ابرزها الجانب التشريعي المتمثل بالوقت اللازم لاجراء الحوارات بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المحلي لاعداد القوانين والتشريعات القانونية اللازمة، والجانب الفني المتمثل بعدم وجود استراتيجية شاملة تتضمن خطط عمل وبرامج تنفيذية ضمن تواريخ محددة لتنفيذ الاجراءات المطلوبة حسب الاولويات والامكانات المتاحة، والجانب الاداري المتمثل في تعدد الجهات التي تقوم بالعمل على تنفيذ اللامركزية بأشكالها المختلفة بدون وجود جهة واحدة تعمل على التنسيق فيما بينها بالشكل المطلوب، اضافة الى الجانب المالي المتمثل بالحاجة الى المخصصات المالية اللازمة لرفد المجتمعات المحلية بالكوادر الفنية والقانونية والمالية المتخصصة لقيامها بالمهام المطلوبة وتدريبها لرفع كفاءتها بما يمكنها من تنفيذ الاجراءات اللازمة بالشكل المناسب.
ونظرا لأهمية تفعيل الاجراءات اللازمة لتطبيق اللامركزية في الاردن كونها تمثل استكمالا للنهج الاصلاحي الاقتصادي والسياسي والاداري في المملكة والذي من شأنه ان يؤدي الى تعزيز التنمية في كافة المحافظات وبما ينعكس ايضا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة بشكل عام، فإن الحاجة تستدعي إسناد مهمة موضوع اللامركزية الى جهة رسمية لتقوم بحصر الاجراءات التي تمت حول اللامركزية والاجراءات الجارية حولها ومراجعتها بشكل شمولي واعداد خطة استراتيجية على المدى القصير والمتوسط والطويل، ووضع الاليات المناسبة للتحول التدريجي لتطبيق اللامركزية بالتنسيق مع الوزارات والدوائر الحكومية ذات الصلة والمجتمعات المحلية، اضافة الى تشكيل اللجان الفنية اللازمة من ممثلين عن الجهات المعنية للسير بالاجراءات التنفيذية اللازمة لتطبيق الخطط والبرامج المعدة والبدء بإعداد خطة توعوية للكوادر العاملة وتدريبها لرفع كفاءتها، ليصار بعد ذلك الى رفد المجتمعات المحلية بالكوادر الإضافية اللازمة.
* خبير في المالية العامة