حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,28 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 113185

اللاجئين في الاردن

اللاجئين في الاردن

اللاجئين في الاردن

02-03-2013 09:19 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور إياد النسور
لقد استقبل الأردن على مر العقود العديد من الهجرات القسرية من شتى بقاع الأرض، التي حطت الرحال على أراضيه ، وعاشت معظمها برهة من الزمن تنعم بخيراته، وتتقاسم الحياة بصعوبتها وسهولتها من المواطنين الأردنيين، ومنها من زار وخفف وعاد أدراجه إلى بلاده أو انتشر في بلاد الله الأخرى .
بدءاً من هجرة الشركس والشيشان للأردن بعد توطينهم، وأصبحوا مواطنين أردنيين لهم من الحقوق وعليهم من الواجبات التي لا تختلف عن الأردني الأصيل، ولأن المجتمع الأردني تقليدي ومحدود السكان والموارد في نهاية القرن الثامن عشر، فلم يظهر تأثير واضح لهذه الهجرة، بل أنها ساهمت وتعايشت رغم قلة الموارد من الأردنيين البسطاء من الفلاحين والبدو، وكان لهم دور في بناء الأردن على اختلاف مراحله قبل التأسيس والمملكة.
وجاءت هجرة الفلسطينيين بعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وكانت هجرتهم متقطعة وعلى فترات بدءا من 1948 و 1967 ، وكان عنوان التوطين واضح في تلك الفترة، وعليه تم إنشاء وكالة للاجئين الفلسطينيين لتسهل عملية إدماجهم في المجتمع، وتقديم سبل العون والدعم المالي والمعنوي والمادي لهم، وهو ما فهم منه لاحقاً أنه لا سبيل لعودتهم إلى فلسطين على الأقل حتى الآن.
وفي العام 1993 عادت نسبة كبيرة من الأردنيين العاملين في الكويت، رغم أن نسبة كبيرة منهم من الأصول الفلسطينية ، وهم من الفلسطينيين الأوائل الذين ساهموا في بناء الكويت إبان نشأتها، والتي تزامنت مع تهجيرهم من فلسطين بسبب الاحتلال الصهيوني . هذه الهجرة ساهمت بشكل واضح في اختلال التركيبة السكانية للمجتمع الأردني في عام 1993 ، وما سببته عودتهم من تفاقم في معدلات البطالة ، وارتفاع مؤشرات الأسعار ، ناهيك عن العادات الاجتماعية الدخيلة التي رافقتهم إلى الأردن خلال تلك الفترة . وما زالت آثار النمو في معدلات البطالة تعتبر تلك الفترة كسنة أساس ، وربما لأن جذورهم كان في الأردن فقد سهلت عملية دمجهم ، وكانت معظم أصولهم واستثماراتهم قائمة في البلد ، ولم يكن لهم مساهمات اقتصادية واضحة سوى تعويضات العاملين في الخليج التي أقرها المجتمع الدولي عام 2001 ، بل على العكس كانت معدلات النمو الاقتصادي سالبة في تلك الفترة ، وكلنا يتذكر فضيحة معدلات النمو السالبة التي عصفت بوزيرة التخطيط في تلك الفترة .
بعد عام 2004 والغزو الأمريكي للعراق ، زحف العراقيين بخيرات العراق إلى الأردن التي حصلوا عليها بعد انهيار الدولة وسقوط صدام حسين ، وبتفويض أمريكي واضح لما يحصل ، ولا ننكر حجم استفادة الأردن من تلك الأموال في استثمار المواطنين العراقيين في العقارات والقطاع التكنولوجي ، وكان منهم نسبة من طبقة المتعلمين الذين أوفدهم صدام إلى أعرق الجامعات العالمية ، فتمكنوا بسبب ذلك من مزاحمة الأردنيين على فرص العمل في الجامعات الرسمية والخاصة ، بل وتسيدوا الموقف في كثير من الجامعات باستثناء الحاجب الذي كان يحسب على الأردنيين ، وكان لإنشاء برامج الدكتوراه في تلك الفترة ، دور مهم في التخفيف من سطوة العراقيين على الجامعات المحلية الأهلية.
أما الهجرة القسرية للسوريين ، فهي من الهجرات الحديثة التي نعيشها حالياً ، وما يميز هذه الهجرة بأنها من المواطنين البسطاء جداً من الإناث والأطفال وكبار السن ممن يحسبون خارج قوة العمل ، ونسبة قليلة من الشباب قليل التعليم أو التأهيل، وبالتالي فإن هذا يقلل من تأثيرهم على مؤشرات سوق العمل المحلي ، كونهم لا يمتلكون المهارات اللازمة للمزاحمة على فرص العمل مرتفعة التأهيل والتدريب ، وإن كانت المزاحمة في مهن حرفية لا يمتهنها الأردنيين أصلاً، وبالتالي فإن المزاحمة تنحصر بين العمالة السورية والمصرية في السوق .
رغم أنني أميل بكل صراحة نحو العمالة السورية مع وضع قيود وشرط عليها، وهي بالتالي تعتبر بديل وخيار جيد مقابل العمالة المصرية المتفشية في السوق، والتي معظمها قليلة التدريب والمهارة والتأهيل ولا تختلف عن السورية في ذلك. وأنا أشجع على هذا التوجه ومحاولة الأخذ به وتشجيعه ، خاصة أن العمالة المصرية عليها ما يكفيها من الملاحظات وعلامات التعجب والاستفهام الكثيرة حول دورها في سوق العمل المحلي ، وكيف تمكنت من السيطرة على قطاعات حيوية تمس لقمة العيش للمواطن الأردني بشكل واضح .
الهجرة السورية طبعاً كان لتدفقها تأثير سلبي أكبر على الغذاء والدواء والسكن ، مقارناً ببقية الهجرات الأخرى ، التي كل لها دور اقتصادي إيجابي وآخر سلبي واضح على الاقتصاد الأردني، أفرزته مؤشرات الرقم القياسي للأسعار .
بكل صراحة اعتقد أن إنشاء وكالة للاجئين السوريين في الأردن، على غرار حالة اللاجئين الفلسطينيين، يعني أحد أمرين أولهم: أن الأزمة السورية طويلة الأجل وليس هناك أي حل سياسي يدور في الأفق، وهو ما يستدعي توطينهم مؤقتاً لحين زوال السبب.
أما السبب الثاني الذي قد ترفضه الحكومة الأردنية في الوقت الحاضر ، وهو تجنيس هؤلاء اللاجئين على المدى الطويل نسبياً ، حيث تقدر الحكومة عددهم حتى نهاية العام بنحو مليون شخص.
ربما يقول شخص وما الحكمة من التجنيس ، أو ما هو تأثير تجنيسهم ؟.
الإجابة على السؤال باعتقادي أن تجنيسهم هو تمهيد لتوطين الفلسطينيين المقيمين في سوريا ومنحهم حقوق المواطن الأردني لاحقاً ، وخوفاً من اختلال التركيبة السكانية ولتحقيق مفهوم الأردن الكبير، فسيكون تجنيس السوريين مع الحصول على - جزء أو جميع درعا - في المستقبل ثمن لقاء ذلك ، وربما يتزامن هذا الطرح مع ما سمعناه من الأحاديث التي لم تنفيها أو تعززها الحكومة باتجاه منح الأردن إعفاء كامل لديونه لقاء لعب دور مهم لصالح فلسطيني سوريا.









طباعة
  • المشاهدات: 113185
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم