03-03-2013 04:20 PM
بقلم : يزن ابو شندي
مازلتُ أذكر تلك الأجواء في آواخر الثمانينيات، حينها كان يغرّد صوت المذياع كل مساء بصوت العندليب وعبد الوهاب وأم كلثوم، ورائحة الياسمين والفل تفوح بالأجواء، وبحرة شامية أمامنا (نافورة ماء) غرقت فيها بطيخة مقلمة كنا ننتظرها أن تبرد. أجواءٌ كانت كلها صفاء خالية من النفاق في بيت خالتي "منوّر" رحمة الله عليكِ.
مازلتُ أذكر كل شيء وأذكر أرض الديار والأرجوحة القديمة وأحواض الزرع المليئة في أوراق الشام الخضراء، ولا أستطيع إحصاء عدد القطط في حينها من كثرتهم ولكن أذكر ذاك القط القوي عنتر كان مشاكساً جداً. كان منزل خالتي في أول شارع الرينبو في عمان والآن لو أنك تري يا خالتي شارع الرينبو؛ تغيرت أحواله، تغير كل شيء حتى من به تغيروا، لم يبقى من الماضي شيء، أبو العبد باع الدكان، وأبو مراد هدتلوا عمارته، زمن أول تحوّل، تطوروا يا خالتي تطوروا، بدلوا الزفت بطوب، وصار الشارع تقولي من شوارع باريس، والأغاني كلها أجنبي ما بتفهمي منها شي والشباب يخزي العين حولهم ما بتفرقيهم عن البنات.
الشارع تطور وصار كله مبدعين، المحترف بالرقص والمحترف بالعزف وبين كل عامود وعامود في غيتار وناس قاعدين.. الله يرحمك يا خالتي لو إنك عايشة تشوفي التطور.
صحيح يا خالتي نسيت أحكيلك آخر تطوراتنا كمان، كنا زمان نقول ضاعت فلسطين وراحت من زمان، واليوم ضيعنا باقي البلاد؛ الشام عم بتموت ومصر بتنازع وليبيا بتعارك فالله يرحمك يا خالتي ويرحم كل اللي ماتوا بالشام وباقي البلدان واطمني احنا بخير عم نطور اكتر واكترحتى طورنا الأخلاق صارت كلها سستم امريكي وعم نحاول نغير باقي الاشياء.