04-03-2013 10:21 AM
بقلم : الدكتور عواد النواصرة
أعتقد بأن الوقت قد حان كي نفكر طويلا في مسألة العدل الاجتماعي في الأردن؛ لما للأمر من أهمية واضحة في اندماج المجتمع الأردني، بكافة أطيافه في برنامج إصلاحي شامل يعبر عن ضمير الشعب الأردني، ويرتقي بالمواطن إلى حيث الأمل المنشود ،وهو سيادة عدالة اجتماعية، تراعي حاجات السكان الأساسية، بهدف الوصول إلى سيادة سياسة التوافق بين مختلف شرائح السكان. ولا يأتي ذلك إلا من خلال الاطلاع على الحاجات المجتمعية والدراسات المعمقة لواقع المجتمع الأردني، وسياسات التعامل بين الناس ، والتخلص من سياسة التفريق بينهم وفق أسس جغرافية أو تاريخية.
ونحتاج في الأردن إلى التخلص من إرث جهوي ثقيل، ولا أراه إلا من مخلفات الاستعمار، وما يزال يطبّق رغم انقضاء سنوات طويلة وهو مبدأ توريث المناصب العامة في الأردن ، وانحصارها في عدة عائلات بعينها لتولي المناصب السيادية ،وتهميش قاعدة عريضة من المجتمع دون أي مبرر لذلك، حتى بتنا نسمع عن مناطق جغرافية في الأردن لم يتولى منها شخص واحد منصب عام إلا في سبيل الترضية. إضافة إلى التعامل مع أبناء المتنفذين بأسلوب المحاباة، وعدم تطبيق القانون عليهم ، وسرعة تنفيذ طلباتهم، وكأنهم وحدهم من يحمل الهوية الأردنية.
لقد خلقت تلك الوضعية فجوة مجتمعية في الأردن تسببت بإيجاد تحولات غير مسبوقة في الشارع الأردني، وسرعة تأثره بالأحداث التي تجري في الدول المجاورة، إضافة إلى المزيد من التحديات التراكمية ،والتي أهملتها معظم الحكومات المتعاقبة على الأردن، ولا يخفى على أحد أن تلك الوضعية أوجدت أنماطا متباينة بين شرائح المجتمع الأردني، والمزيد من الطبقية المنفّرة والعنف المجتمعي، وفي حال استمرار عجز الحكومات عن تقديم العلاج الضروري لهذه الحالة سوف تتفاقم الأمور بشكل قد يضر بأمن البلد واستقراره داخليا. ولعبور تلك الفجوة والتخلص منها يجب علينا تبني سياسة فكرية تتناسب وثقافة المجتمع الأردني، وعدم استيراد تجارب الدول الأخرى لتطبيقها على مجتمعنا ، فلكل مجتمع عاداته وتقاليده وثقافته المميزة له.لنصبح مجتمعا منتجا لثقافة وأنظمة سياسية تتناسب مع طبيعة الأفراد وأصولهم وميولهم المجتمعية. بالإضافة إلى ذلك ينبغي على الدولة توفير العدالة في توزيع المكتسبات بين الناس، وعدم حصرها بين فئة بعينها، وحرمان الباقي منها. ناهيك عن توفير الأمن الغذائي والحاجات الإنسانية حسب المستوى الحضاري والمعايير الدولية، وبذلك تكون الدولة قد حصنت السكان داخليا وخارجياً. وأفضل طريقة لقياس التقدم في هذا المجال الوقوف على نقاط القوة والضعف ،واستلهام العبر والدروس المستفادة، وتسهم هذه الطريقة في اكتشاف المزيد من المشكلات الأعمق والتي يتناسب حلّها مع الواقع الاجتماعي الأردني.
فمن الأهداف الأساسية لأي حكومة العمل على خلق الغنى الروحي والمادي لدي المواطن بمعنى آخر العمل على تحقيق العدل الاجتماعي، والحرية الأساسية ،وأن يسود القانون على الجميع .فالنهوض بمستوى العدل الاجتماعي الأردني وردم الفجوة المجتمعية يتطلب مشاركة أهلية إلى جانب الحكومة ومن كافة القطاعات الشعبية، وعلى اختلاف مستوياتهم لأن المجتمع أعرف بعاداته وتقاليده، وبالتالي ما يناسبه من تطور وخطط علاجية، مما يؤدي إلى عدم تراجع الأمر ،واتساع الهوّة الثقافية، وترسيخ ثوابت المجتمع.
حمى الله الأردن وأبقاه عزيزا كما كان وحفظ الله جلالة الملك المفدى.
awad_naws@yahoo.com