بقلم : عبد اللطيف أبوضباع
اعترف بأن " البوتقة سببت لي مشكلة استطعنا في نهاية الأمر تداركها ؟

قبل سنوات كنت امشي في الصباح تقريبا الساعة العاشرة كنت اتمشى في شوارع المخيم .... المدة الممنوحة لي للزيارة والمسموح بها هي
عشرة ايام فقط ؟؟

وخلال هذه العشرة ايام وفي هذه القترة القصيرة جدا لمجتمع كان يشكل الجزء الاكبر بل والكبير من تكوينك كأنسان فلسطيني كان على ان استغل هذه
الفترة " الزيارة " لأعيد ذكريات الطفولة في هذا المخيم العريق

وبالتأكيد لاتتسع الكتب والمجلدات لشرح العلاقة الروحانية بين الفلسطيني وما تعنيه من كلمة مخيم العلاقة تعود لتاريخ ممزوج بالمعاناة والصمود والتحدي والثبات والصبر لشعب استطاع ان ينتصر بقوة وصلابة اراداته
على اية حال حتى لانخرج عن صلب الموضوع ومشكلة " البوتقة "

صادفت رجل كهل فلسطيني مرسوم على وجهه وعلى ملامحه اثار النكبة الفلسطينية تقريبا يبلغ من العمر 75 عاما ومن الممكن ان يكون اكثر من ذلك؟ اطال الله في عمره الحاج" ابو مناضل "

كان يجلس على رصيف احدى الدكاكين في المخيم ويرتدى الثوب وعلى رأسه الكوفية الفلسطينية والعقال وعكاز في يده يعينه على صعوبة الحياة ؟؟ وللعكاز مَآرِبُ أخرى كما اتضح لي لاحقا !!

فقلت في نفسي عندما رأيت فيه علامات الشموخ والكبرياء قلت في نفسي اريد ان اسمع ماذا يقول؟؟ هذا الكهل الفلسطيني بخصوص قضية حق العودة كنت اريد ان اسمع منه ماذا يقول للاجيال وبخصوص البوتقة ومشاكل البوتقة وهذا هو الحوار الذي دار بيني وبين الحاج
" ابو مناضل ":

السلام عليكم يا حاج كيف حالك اطال الله في عمرك في شو قاعد بتفكر يا حج ؟

والله يا أبني كنت بفكر في الزتونات اللي زارعهم.. ساق الله على ايام البلاد
فقلت في نفسي " بس " ..الحاج عندو كلام بدو يحكيه "!!

طيب يا حاج ابو مناضل شو يخصوص حق العودة ؟

ابو مناضل :هاظ الكلام ما في نقاش عليه فلسطين ارضنا التاريخية وارض اجدادنا واليهود طلعونا منها بقوة السلاح فلسطين عربية والقدس عربية

صحيح كلامك يا حج ابو مناضل بس بتعرف انو المجتمع الدولي والشرعية الدولية اصبحوا امر مفروض !! وعلينا التعاطي معهم بالدبلوماسية القوية ونجادلهم عبر طاولة المفاوضات كما ان وجهة النظر هذه تقول من الممكن تقسيم العمل السياسي والنضالي الى مراحل بمعنى من الممكن القبول
" بحل عادل ومتفق عليه " بخصوص قضية العودة هذه وجهة نظر البعض يا حاج ابو مناضل !!

وهنا بدأت ملامح الغضب والنفور تظهر بشكل واضح على وجه الحاج ابو مناضل وقالها لي بنبرة حادة " هالخراف فارط "

فقلت يا حج ابو مناضل يعني بدك اياهم يطلعوا من بوتقة المنظومة الامريكية الصهيوينة الاستعمارية؟؟... السياسة بدها هيك ؟

وحينها ادركت ماذا يعني ان تطرح كلمة "بوتقة" لرجل فلسطيني عاش طيلة عمره يصارع هذه الايام من اجل استعادة حقوقه المسلوبة والمنتهكة وكل مايدور في فكره شريط ذكريات لثورة ال36 والقائد عبد القادر الحسيني ومجزرة دير ياسين الى ان وصلنا الى مجزرة عائلة شهداء "الدلو " من الصعب بل ومن المستحيل ان يقبل هذا الطرح !!

فقال لي الحاج ابو مناضل وهو يلوح في عكازه دير بالك تحكي مثل هذا ( الخراف ) الكلام مرة ثانية بعدين كيف بتقول عني بوتقة وبدأ يصرخ الحاج ابو مناضل حتى تجمع العشرات من اهل المخيم يقفون بجانب المناضل ابو مناضل

فقلت له مقاطعا بطريقة ودوده يا حج ابو مناضل مش عنك هذا الكلام المطروح حاليا والبوتقة بتعرف يا حج احنا في عصر المصطلحات السياسية !!

وبالاخر استطاع بعض اهالى الحي تهدئة الحاج ابو مناضل... لم يقنعوه بأن البوتقة هي مصطلح من الممكن تطويعه في اللغة السياسية بل اقنعوه ان يغفر لي عن الخطأ الذي ارتكبته بحق نفسي وبحق وطني !!

وهنا سلمني الله عزوجل من عكاز الحاج ابو مناضل وهذا العكاز سيبقى مرفوعا في وجه كل من تسول له نفسه الحديث عن حق العودة بطريقة استسلامية أو انهزامية

كنت اعلم ردة الفعل والغضب ولكني كنت اريد ايضا بطريقة أو بأخرى سماع رأي الحاج ابو مناضل هل تغير أو تبدل في ظل العولمة والبراغماتية
والاتو قراطية والبوتقة !!

ولكني تأكدت بان ابومناضل ومن معه من اهالي المخيم يرفضون ولايقبلون بهذه السياسة ومصطلحاتها ومبادراتها واتفاقياتها ولسان حالهم يقول كما قالت احدى الاخوات " عن اي حق للعودة يحكون " !!

عن اي حق يحكون وهم كما قال احد الاخوة لاتستفزهم صورة رجل يريدون طرده من منزله ومن ارضه ومن حياته فهل هؤلاء صادقين !!

حق العودة ليس كما يعتقد البعض من الممكن ان يكون مطية أو ورقة تفاوضية أو مشكلة يمكن حلها على حساب طرف من الاطراف أو أن تكون مادة دسمة موضوعة على مائدة المانحين بالتأكيد أنتم واهمون .

حق العودة قضية وطن سليب وقضية اجيال وقضية ارادة وصمود وتحدي وثبات قضية حقوق تاريخية يطالب بها الكهل والشاب والفتاة والطفل والانسان الفلسطيني وهذه الحقوق غير خاضعة للتفاوض وللمبادارات

وغير خاضعة ايضا للاستفتاء او النقاش أو للسياسة ومراحلها وغير قابلة للابتزاز !!

على الاقل من وجهة نظر ابو مناضل واهالي المخيم الذين تواجدوا في مشكلة البوتقة وفي وجهة نظري ايضا ووجه نظر البعض

عن اي حق للعودة تحكون !!

اللاجئين الفلسطينين في المخيمات الفلسطينية بعضهم قتل وبعضهم في السجن وبعضهم ميت وبعضهم حي وبعضهم " ميت وحي " في شوارع البرازيل وبعضهم امام مكاتب الامم المتحدة وبعضهم يعيش في الصحراء وعلى الحدود

والبعض محجوز في المطارات يصول ويجول ليجد له دولة تقبل وجوده ك لاجئ فلسطيني هارب من الرمضاء الى النار !!

والبعض منهم في مخيمات الموت يعيش في صحراء خالية من كل شئ الا الارادة والعزيمة

والبعض منهم محروم من الحقوق الانسانية ومن الحقوق البشرية ولن يفهم هذا الكلام الا الذين عانوا ومازالوا يعانون من قضية الشتات الفلسطيني

نستطيع القول بأنكم نجحتم ولو بشئ بسيط اظهار معاناة اللاجئ الفلسطيني ك قضية انسانية !! ولكن علينا اظهارها ايضا ك قضية قانونية وسياسية

وهي ليست عبارة عن قضية مواد غذائية يتم التبرع بها من هذه الدولة أو تلك !! فهذا عمل اغاثي وليس سياسي او قانوني

اذا أظهرناها بشكلها القانوني بالتأكيد مايسمى القانون الدولي وجميع المنظمات الدولية تعطينا الحق كلاجئين فلسطينين استعمال السلاح لتحرير الارض فأنه يندرج في اطار " استخدام للقوة المشروعة "
ويندرج ايضا تحت اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

وهنا اقتبس هذا النص :


أدانت الجمعية العامة في قرارها 147/32 الصادر في 16/12/1977 الأنظمة الاستعمارية والعنصرية ..مقررة شرعية كفاح حركات التحرر الوطنية وفقا لأهداف ومبادئ الميثاق، هذا وقد أصدرت الجمعية القرار 43/37 الصادر في 3/12/1982 الخاص بشرعية كفاح الشعوب بكل الوسائل المتاحة لها بما في ذلك الكفاح المسلح ، وقد تأكدت شرعية الكفاح المسلح في القرار159/39 الصادر في 17/12/1984 الخاص بعدم قبول سياسة إرهاب الدول ، حثت فيه الدول علي احترام ومراعاة السيادة والاستقلال السياسي للدول وحق تقرير المصير بما يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة وأكدت علي حق الشعوب بحرية اختيار نظمها السياسية والاجتماعية دون أي تدخل أجنبي كذلك حقها المشروع في الكفاح للوصول ‘لي ذلك (2).


ومن هذا المنطلق اظهار القضية بطريقة قانونية لتكون مقبولة للجميع قانونيا !!

لاعودة ولاحق للعودة بدون سلاح !!

وكل ما يقال غير ذلك يأتي في سياق الدجل والكذب السياسي والتخدير المرحلي ؟!!

حق العودة وقضيته بحاجةالى ثورة تعيد رسم الخارطة من جديد
ومع قرب حلول الذكرى السنوية الموسمية ليوم الأرض ويوم النكبة اعتقد علينا اظهار قضية حق العودة بشكل جديد ومختلف هذا العام ؟!!

وبالنسبة لمن يمنع هذه التحركات لاسباب تبريرية هزيلة وغير مقبولة نقول لهم انتم تقفون بيننا

وبين حقوقنا التاريخية وتساعدون على طمس الجريمة التي ترتكب بحق اللاجئين وبحق قضيتهم وبالتالي ستكونون عقبة في وجه الحق الفلسطيني وتكونوا قد دخلتم عالم البيروقراطية والديماغوجيا

لاأفهم هذا الكلام كما ان الحاج ابو مناضل لايفهمه بالاضافة الى اهالي المخيم الذين يقفون بجانب ابو مناضل


واما بالنسبة للطريقة السلمية التي استطاعت الضغط على المجتمع الدولي وعلى الكيان الصهيوني فاعتقد ان تجربة مرج الزهور كانت خير مثال على ذلك ومن الممكن الاستفادة من هذه التجربة

ومن الممكن تشكيل ضغط لتنفيذ قرارات مايسمى الشرعية الدولية فيما يخص قضية اللاجئين بطرق كثيرة ومتعددة
نريد الخروج من البوتقة ؟!!
نريد ان نعمل من اجل العودة الى فلسطين ... فلسطين التاريخية

البوتقة والمصطلحات السياسية الاخرى وحل عادل ومتفق عليه وغيرها من الكلمات المهينة للانسان الفلسطيني جميع هذه الكلمات بالنسبة لابومناضل ومن يقف بجانبه هي عبارة عن" خراافه " والخرافة هي الاعتقاد او الفكرة القائمة على تخيلات سياسية لدى البعض ومن ضمنها تعريض قضية اللاجئين للتفاوض وبالطبع الى الشد والجذب وهذه تخيلات


كما قال ابو مناضل " خراف فارط " فهو يطلق هذه المصطلحات بطريقة عفوية ولكن هذه هي الحقيقة هذه خرافة سياسية لان القنبلة ستنفجر وهذه الشظايا بالتأكيد سنصيب اصحاب هذه التخيلات
قضية اللاجئين هي القضية الفلسطينية اما ان نقاتل من اجلها واما ان نبقى في داخل البوتقة ؟!!
نحتاج الى ثورة على البوتقه وتغيير جميع المصطلحات ؟!!