09-03-2013 12:00 PM
بقلم : د.محمد عدنان القضاه
يصنف التعليم في الأردن على انه من أفضل أنظمة التعليم في العالم العربي من حيث المدخلات والمخرجات, ويفرح أبناء الأردن بالسمعة العالية والطيبة لمستوى التعليم في بلادهم, ونحن نعلم أن سمعة التعليم ومكانته في الأردن- رغم شح موارده الطبيعية -نعمة يحسد عليها .
ويمكن القول أن استثمار الأردن بالقطاع البشري ممثلا بالتعليم جعله يتربع على قائمة الدول العربية من حيث الكم والنوع في التعليم ,حيث انخفضت نسبة الأمية وشارفت على الزوال , وانتشرت المدارس في القرى والبوادي والمدن حتى أصبح التعليم الملاذ الوحيد والخيار الأفضل لأبناء الوطن لتحقيق ذاتهم وتحسين مستواهم المعيشي .
وقد استطاع الكادر البشري الأردني بمهاراته,وقدراته الخلاقة أن ينتشر في السوق العالمية وخاصة دول الخليج العربي ,حيث يشير الواقع وتشير الدراسات إلى أن الأيدي العاملة الأردنية المتعلمة والمدربه تلقى قبولا منقطع النظير لما تتمتع به من كفاءة عاليه .
إن المنصف لا ينكر الشوط الكبير الذي قطعناه في مجالات التعليم المختلفة حتى أصبحت الجامعات منتشرة في كل محافظه تستقطب آلاف الطلبة لتعليمهم وتدريبهم على احدث ما توصلت إليه التكنولوجيا.
والحقيقة أن هناك بعض التحديات التي تواجه مستقبل التعليم في الأردن تتمثل في ضعف الاستراتيجيات الطموحة التي تحافظ على المستوى المتقدم لنظام التعليم العام في الأردن ومنها ان الاهتمام أصبح يوجه إلى القطاع الخاص دون القطاع العام الأمر الذي يجعل الفرص بين أفراد الشعب غير متكافئة أبدا لأن التعليم المتميز والنوعي لا يتسنى إلا لمن يملكون الأموال التي تؤهلهم للانخراط بأفضل التخصصات والتي تقدمهم على الصفوة من أبناء المجتمع وبذلك يؤدي هذا الانتخاب الغير طبيعي إلى إنتاج أجيال ضعيفة لا تقوى على مقاومة المستجدات .
وقد أدى استثمار التعليم بصورة تجاريه بحته دون النظر إلى المصلحة العليا للوطن إلى خسارة كفاءات لا تعوض من الشباب الواعد والمتقد من الذين لا يملكون الأموال للالتحاق بالتخصصات المكلفة .
وسواء كان الأمر بقصد أم بغير قصد, بعلم أم بجهل, فان النتيجة المؤسفة لهذه السلوكيات تحد من التقدم والاستمرار في النمو المهني والمعرفي والوظيفي لمخرجات المؤسسات التربوية الوطنية والتي يفترض أن تكون مصدرا أساسيا من مصادر الدخل في الأردن .
واليوم يقع على كاهل أصحاب القرار المخلصين وخاصة من لهم الخبرة الطويلة في هذا المجال مسؤولية النهوض بالنظام التعليمي في الأردن, ومنع انحداره ووضع الخطط الكفيلة لحمايته من العبث وذلك من خلال وضع رؤية حقيقية لتحويل الأردن إلى مركز تكنولوجي إقليمي ولاعب نشط في الاقتصاد العالمي القائم على المعرفة للمحافظة على المليارات من الدولارات التي تأتي لخزينة الدولة من هذا القطاع الحيوي النشط والتطلع لزيادتها .
ان واجب الدولة تجاه أبناءها يتمثل برعايتها للموهوبين وتمكينهم من اخذ الدور اللائق بهم وعدم التخلي عن حقوقهم لأن خلاف ذلك يؤدي لا محالة إلى القضاء على الأصناف الجيدة التي تبنى الحضارات .
وأنا هنا لا اقلل من قيمة القطاع الخاص الذي يساهم ويبني شراكة حقيقية مع القطاع الحكومي في مجال التعليم خاصة, لكن على ان تكون المصلحة العليا لصالح الوطن نفسه لا من اجل الحصول على الأموال فقط.
ويمكن للتعليم الخاص ان يطلع بمسؤولية تبني الطلبة المتفوقين وابتعاثهم, واقترح ان يكون ذلك تحت رعاية وزارة التعليم العالي ومراقبة مدى تطبيق المعايير الحقيقية لمن يتم اختيارهم وتبنيهم .
أخيرا ان المحافظة على هذه النعمة لا يكون بالتنظير والتخبط في السياسات, بل لا بد من برامج حقيقية مدروسة لا تتأثر بذهاب احد أو مجيء غيره.