14-03-2013 05:37 PM
بقلم : أحمد محمود سعيد
هي كلمات متداولة في جميع الدول والدساتير المدنيّة الوضعيّة ولكنّها جدليّة خاصّة في عالمنا العربي وخلافيّة في اردنّنا الحبيب .
والتغيير مطلب شعبي حمي وطيسه منذ سنتين او يزيد قليلا في عالمنا العربي مع انّه نظريّا الحاضر الغائب دوما فهو بالتنظير السياسي لا تخلو منه خطبة عصماء وفي المناهج الدراسية وخاصّة الثقافة الوطنيّة ورد في كثير من الصفحات ونغنّى به الكثير من المعلمين المثقّفين سياسيّا .
امّا على الصعيد الإجتماعي فكان جملة تغيير اللوك هو الغالب بين الصبايا والشباب وتغيير الطبخات مرهون بتغيير الشيف الذي تتابعه المرأة بالتلفازوكذلك تغيير الالعاب عند الاطفال وتغيير بلد التصييف لدى العائلات وتغيير عملة الودائع وبلد الايداعات لدى ميسوري الحال كلُّ ذلك هي بدائل للحال المُعتاد عليه إلى حال افضل حسب الشخص والظرف والزمان ولكن التغيير الذي تسعى اليه الشعوب هو بالمعنى الاشمل تغيير نمط الحياة والمعيشة الى الافضل من حيث الديموقراطيّة وحريّة التعبير وإبداء الرأي والمساواة والعدالة في توزيع الثروة والايرادات وتكافؤ الفرص ذلك هو التغيير الذي تنشده الشعوب لكي تكون مشاركة في صنع القرار .
ومحاولات التغيير في العالم العربي مرّت في محطّات جيّدة حتّى الآن كما في الاردن والمغرب ومحطّات فيها بعض الاضطراب كما في تونس ومحطّات اكثر اضطرابا كما في مصر واليمن ومحطات كانت دمويّة كما كان في ليبيا ومحطّات كانت اكثر من دمويّة كما يحدث الآن في سورية الحبيبة وما زال الحبل على الجرّار والسبب ان التغيير لم يشمل تغيير الثقافات ولم ينجح كل طرف وضع نفسه مكان الطرف الآخر ولم يرى الإتجاه المعاكس له لكي يتعلم ويُصلح نفسه او يتمكّن من إقناع الطرف الآخر بالتغيير حتّى تصل جميع الاطراف الى الحد الادنى من التوافق على القضايا الهامّة للعامّة .
وثاني التائات العربيّة هي التجنيس وهي تنقسم في الغالب لفئتين اولهما هم من يعيشون في دولهم بلا جنسيّة وقد تكون لعدّة اسباب منها عدم اعتراف السلطات الرسميّة بجواز تجنيسهم لأنهم ابناء نساء غير متجنّسات اصلا او من مناطق حدوديّة غير معروف لاي من دول الحدود ينتمون او لغير ذلك من اسباب ويُطلق على هؤلاء البدون واهم مثال عليهم البدون الذين يعيشون في الكويت والفئة الاخرى وهم الفلسطينيون الذين يعيشون في سوريا ولبنان ومصر واهالي غزّة في الاردن ويحمل هؤلاء الفلسطينيّون وثائق سفر من الدول التي يعيشون فيها ويلاقون صعوبات جمّة في العمل والسفر وغير ذلك وقد تكون إقامة دولة فلسطينيّة هي الحل لامثل لحل مشكلة هذه الفئة .
والحكومات العربيّة تتعامل مع مشكلة التجنيس وكأنّها نوع من المحرّمات وانّ من يطلب الجنسيّة بعد ان يستكمل المتطلبات القانونيّة لذلك وكأنّه يرتكب احدى الخطايا فلا القوانين السارية نافذة في هذا الموضوع ولا المواضيع الانسانيّة تُأخذ بالحسبان بينما في الدول المتحضّرة والتي تحترم قوانينها يصبح المواطن من اي اصل ما دام اكتملت شروط الجنسيّة عنده بحيث يستطيع ان يترشّح لمنصب رئيس الدولة .
امّا التاء الثالثة وهي التوطين فلها بعدين اوّلهما انساني وهي مساعدة أناس تقطّعت بهم السبل ووجدت ملاذا في مكان ما فمن حق الملهوف على الناس إغاثته وإعانته على ان يكمل حياته بكرامة وشرف وثانيهما موضوعي وواقعي وهو قدرة الدول على توطين جماعات لجأت اليها وما يسبّبه ذلك من ضغط على الحدمات والموارد الطبيعيّة مما ينقص حصّة المواطن من تلك الموارد والخدمات بل يُسبّب خللا في التنمية المستدامة والبرامج والخطط التنمويّة ممّا يجعل البلد غير قادر على التوطين دون مساعدات دوليّة إضافة ان الدول المصيفة تدرس تغيّر الديموغرافيا السكّانيّة مثل زيادة عدد السكّان الذين هم في اعمار غير قادرة على العمل والإنتاج عادة وانتشار الجريمة والتعاطي في مجتمعات جديدة.
ومثل هذه الحالة ما يُطالب به البعض من توطين للسوريّون اللاجئون لدول الجوار هربا من الاوضاع المأساويّة التي تتعرّض لها بلادهم وهنا تلعب العلاقات السياسيّة دورا اكبر من العوامل الانسانيّة وما زال اللاجئون السوريّون يعانون في مخيّمات اللجوء .
وما الذي يربط التائات الثلاث هو الوضع العربي القائم منذ ما يزيد عن خمسة وستّون عاما حيث دخل ضيف عدواني ثقيل الظل على منطقتنا العربيّة وهي اسرائيل فجعلت التغيير الايجابي مستحيل في عالمنا العربي واشترت الضمائر القابلة للشراء وكرّست الفُرقة العربيّة والحدود المصطنعة واصبحت كأنّها حدود محرّمات كحد السيف واصبح التوطين في مفهومها هو فقط الوطن البديل للفلسطينيّين وفي منظورها لا يتحقّق ذلك إلاّ بتدمير العراق وسوريّا وإذلال مصر وخلق المصاعب الماليّة في الاردن وتجهيل الفلسطينيّين وخنقهم ماليّا وخلق الانقسام الديني والطائفي والجماهيري .
وقد غيّرت إسرائيل الكثير من القيم والمبادئ في الدول العربيّة وبالاخص في فلسطين بشقّيها الضفّة والقطاع فكان الخلاف المسلّح بين فتح وحماس وهما يجشمان تحت الإحتلال .
فالتغيير الايجابي هو الهدف والتجنيس ليست منّة او فضل من احد كما ان التوطين ليس هو الامل والحلم لكافّة الناس كاللاجئين في مخيّمات اللجوء خارج الوطن لأيِّ كان لأنّ الأوطان هي الأساس للعيش الكريم .
حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة من ايّ مكروه .