27-03-2013 10:14 AM
بقلم : رائد علي العمايرة
أثلج صدري خبر براءة َجبهة النصرة والجيش الحر وسائر فصائل المجاهدين في سوريا، من التسبب بهلاك (البوطي) وأسعدني أن تكون أهدافهم عسكرية فقط، وأن لا يلجأوا الى ما يثير اللغط ويطلق الرويبضة من عقالهم-مع أنهم انطلقوا فخابوا ثم نكصوا –وأعجبني أن لا يلتفتوا إلى هذه الأهداف الصغيرة جدا؛ والتي تحول دونها المساجد ووجود الأبرياء حولها،فضلا عن أن الشعوب الآن أصبحت تتمتع بوعي ٍنوعاً ما يؤهلها لكشف ترهات "علماء السلاطين" التي تتقولب على شكل فتاو ٍ مضحكة لا تصلح في زمن الوعي السياسي مادام الوعي الديني غائباً عن الوعي، وبهذا يقطع المجاهدون الطريق على كل متسول ٍلعثرة ٍيريد إلصاقها بالجهاد خدمة ًلعصابات الشبيحة الأسدية.
والحقيقة أن البوطي برغم أنه (شبيح بعمامة ) إلا انه غدا بالنسبة لنظامه صنما ًمن حجرْ، لا ينفع ولا يضرْ، ، فلم يعد لديه جديد، ولم يبق من الخزايا ما يضيفه إلى تاريخه الممتد منذ مجازر حماة، إلى زمن مجازر درعا وحمص وحلب،فقد استنفذه بشار كزجاجة خمر ٍولم يعد منه الا العبوة الفارغة، وذهبت سكرة فتاويه (التشبيحية) مع وضوح سُعار العصابات الأسدية،وتسارع سفكها للدماء والتي وصفها البوطي،بأنها تمثل الصحابة، بينما يمثل المعارضون أبا جهل .
ولقد كانت الفتوى لديه في الإقرار بسفك الدم السوري، أكثر سهولة من فتواه في دم الحيض،فهنا يحتاج للتفصيل والتأصيل،والجمع بين الأقوال، والتفريق بين الحيض والاستحاضة، أما في المجازر فلا يحتاج لأكثر من هزة رأسه خفيفة؛ فإن اشتهى الثرثرة،غاب عن الوعي فأسهب في ذكر "مجازر بورما" في غمرة موج الدم السوري المسفوح في الطرقات،والآلاف حالات الاغتصاب لفتيات شاميات أصابته الغشاوة عن رؤيتهن في الشام وتجلت تلك الغشاوة عن قتل أمثالهن في بورما على يد البوذيين .
ومن جديد يخفق نظام العصابات بترتيب المشهد إعلاميا، فحيث أراد إلهاب مشاعر الناس بقتل (البوطي المُسْتَنْفَذْ) في داخل مسجد ٍ –وكم قصف المساجد من قبله -ووسط عشرات المصلين، وإظهار التفجير كأنه من تنفيذ انتحاري، إلا أنه نسي المروحة فوق رأس البوطي والثريا الصغيرة بقربها،وطاولة حَمَتْ نفسها من التحطم ولم تحم البوطي من خلفها من القتل، ونسي أن يحرق بعض السجاد، وأن يمزق بعض ملابس القتلى الذين أصابهم التفجير في الرؤوس تحديدا، هذا فضلا عن قتيل تتحرك شفتاه فيغلق فمه بنفسه قبل إدراجه في كيس الموتى،والمكان إجمالا مسيطر عليه بالكامل من قبل النظام، ولم يقم أي طرف محايد ببث شيء يتعلق بالتفجير إلا من خلال إعلامه الرسمي.
وكالعادة تستوقفنا الخرافات التي تفرزها العواطف الغوغائية بعد الحدث، فمن مشفق ينسى من هو البوطي ويزداد احتراما وتقديرا لمؤلفاته،مما يجعلنا نتباكى على الأجيال التي لم تدرك علم البوطي ! ومن عالم سلطان امتلأ قلبه رعبا من مصير البوطي-خصوصا مع توفر القناعات لكل من لديه مسكة عقل،أن الكلب الذي عضه هو ذات الكلب الذي كان يرجو البوطي وَفاءَه، بعد أن ألقى إليه "بِـدِينِهِ" كسرةً كسرة على مدى أربعين عاما- فاخترعوا له احتمالا بالإكراه، ورهنوا الأمة للاحتمالات وأغرقوها في التشكيك كما هي عادتهم!!
وَمِنْ متعلق ٍبكذبة ٍمضحكة كالقول بتهديد البوطي باغتصاب بناته، فأباح للبوطي الإقرار باغتصاب كل بنات سوريا فداءً لبناته!ويحاول اقناعنا إن البوطي منذ سبعين عاما لم يجد مخرجا من سوريا، ومن ممتلئ ٍورعا ًكاذباً يريدنا إن نصمت وينهانا عن الانشراح بقتل رأس ٍمجرم ٍمن رؤوس نظام بشار،بل وهناك من لم نرى منهم تسامحاً مع أي حدث،خصوصا إن مسَّ آباءهم أو مصالحهم وإذ بهم يطفحون تسامحاً ونعومة مع البوطي، وأكثرهم شدة امتلأ تفويضا واتكالا فأوكل أمره إلى الله ،وكأننا طلبنا التدخل في حسابه عند الله تعالى.
إلا أن حالة الفصام لم تكن بهذه الحدة فأكثر الناس يفقهون من هو البوطي، ويفقهون ما يعني مسمَّى "علماء السلاطين" ويفقهون أنهم أعظم إثما من غيرهم من المجرمين، ويكفينا قول الله تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينان والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) فإن كان هذا جزاء من يكتم فكيف يكون جزاء من يزور ويفتي بالباطل ويسوغ الإجرام ويحارب المجاهدين والصادعين بالحق، ويظاهر الظالمين على المستضعفين ؟.