حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,29 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 26817

فلسطين : ارضنا وعرضنا

فلسطين : ارضنا وعرضنا

فلسطين : ارضنا وعرضنا

31-03-2013 09:32 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.امديرس القادري
لن ينفصل هذا الترابط الجدلي بين الأرض والعرض عند شعبنا الفلسطيني الذي لا يزال يرى في هذا الترابط سببا مهما ورئيسيا لمواصلة التمسك بالحق الفلسطيني ، وقد تكون فلسطين عند الغالبية من أبناء شعبها قضية عرض وشرف وكرامة قبل أن تكون حجارة وتراب وجبال وسهول ووديان ، ولذلك فسوف تظل فلسطين تاريخ راسخ في ذاكرة الأجيال ، في الوقت الذي يريد البعض المارق والمتسلق على ظهرها تحويلها إلى جغرافيا مكانية يمكن قياسها بالأشبار والأمتار والنسب المئوية .
في عام 1976 كان يوم السبت الثلاثين من شهر آذار هو الموعد المحدد لإنفجار الإنتفاضة والهبة الرافضة لمصادرة الآلآف من الدونمات التاربعة لأراضي قرى عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد وغيرها من قرى الجليل والمثلث ، وهذا ما بات يعرف بيوم الأرض والذي اعتدنا على الوقوف عند تخوم ذاكرة في ذات التاريخ من كل عام ، أهمية هذه المصادرة تكمن في أنها شكلت البداية الفعلية لممارسة شهوة السرقة عند عدونا الصهيوني عبر سياسة التهويد والإستيطان و التي لا يزال يواصلها إلى يومنا الراهن .
في يوم الأرض وتحت غطاء المسميات التي انتقاها عدونا بعناية كقانون الأراضي البور ، وأملاك الغائبين ، وقانون الحاجة الأمنية وأخيرا تحت ذريعة وحجة تطوير منطقة الجليل ، كان عدونا قد قرر المضي قدما في تطبيق نظريته التي تقول : " بأن ما قد أصبح في يدنا هو لنا ، وما يزال في يد العرب يجب إستعادته وأخذه بشتى السبل والوسائل " ، وهذا ما دفع بأبناء شعبنا في قرى الجليل للتقاطر من كل الجهات والإجتماع لوضع الخطة اللازمة لمواجهة هذه السرقة ، فكان الإضراب العام يوم 30/3/1976 إستنكارا ورفضا ، وكثمرة لتصاعد النضال الوطني ضد هذا العدو المجرم وضد كل إجراءاته الإستيطانية والإستعمارية والعنصرية .
قرار الإضراب كان الأول من نوعه منذ سنة النكبة ، وقد جرى التحضير والإستعداد له بكل الأسلحة المتاحة من الحجارة والعصي والفؤوس والمناجل والسكاكين وصفائح البنزين ، كل التجمعات العربية في الجليل استجابت لدعوة الإضراب رغم كل محاولات " إسرائيل " إفشال هذا اليوم ، خرجت الجماهير إلى الشوارع واشتبكت مع الجيش المجرم في معركة لم يسبق لها مثيل ، فسقط الشهداء خير ياسين ، وخضر الخلايلة ، وخديجة شواهنة ورجا أبو ريا وحسن طه ورأفت زهدي ، ووصل عدد المصابين إلى المئات .
نكتب ذلك لنتذكروحتى لا ننسى هذا الحق الذي لن يضيع ما دامت هذه الذكرى تواصل الطرق على جدران الخزان وبكل ما فيها من شدة وقوة ، فهذا الطريق هو الذي تبقى لنا ونحن نطالع أوضعانا الحالية الراهنة في ظل قيادة هذه السلطة العبثية والعابرة و التي ما عادت تسمع ، ولا تريد أن ترى وبعد أن أصابها الصمم والعمى ، وبعد أن تبلدت وفقدت الإحساس بعذابات شعبها الذي سرقت قرار تمثيله الأمر الذي جعلها فاقدة وغير مؤهلة لكل موجبات قيادته .
" قيادة " وللأسف أدمنت على الإنخراط في كل ما هو مشبوه ومريب ، " قيادة " لا تتوانى عن السير في كل الدروب التي لا يملأ جنباتها إلا كل ما هو عفن ومقزز ، " قيادة " تتلاعب وتتاجر بالأرض بعد أن أسقطت من قاموسها كل ما له علاقة بالكرامة والعزة والشرف ، " قيادة " لا تستحي من أن تعترف بحق " إسرائيل " في الوجود فوق ما هو أكثر من ثمانين بالمائة من أرض الوطن الفلسطيني المغتصب ، " قيادة " لا تخجل من التسول في كل المحافل والميادين بعد أن تحولت هذه القضية العادلة عندها إلى صندوق جباية .
في يوم الأرض وإذا كنا نريد أن نحفظ للأرض عفتها ، وللعرض شرفه ، وللدماء قداستها وطهارتها ، فإن علينا الإنتفاض على هذه القيادة التي تواصل جرنا ومنذ أكثر من عقدين من الزمان نحو المجهول الفارغ عبر مراهنات ليس لها أية أساسات على أرض الواقع باسم أوسلو ، والمفاوضات ، وتمثيل الأفلام الهزلية المضحكة في الأمم المتحدة وجمعيتها العمومية ، حتى أوصلتنا إلى ذروة هذا التآمر الذي انعكس واتضح في القمة العربية الأخيرة التي انعقدت في العاصمة القطرية الدوحة .
لقد دقت هذه القمة آخر مسمار في نعش منظمة التحرير الفلسطينية حين قررت تحويل القضية إلى صندوق للجباية المالية والصدقات ، وبعد أن أصبح لدى الحاضرين في هذه القمة ما هو أهم من فلسطين وحقها في التحرير والعودة إلى أصحابها الشرعيين ، وكل ذلك على مرأى ومسمع من " القيادة " الفلسطينية التي لم تحرك ساكنا لإفشال ومنع هذا التآمر ، ومن يراجع قرارات الدوحة لن يكون عليه صعبا أن يكتشف ما سيحاك من مؤامرات ودسائس في الشهور القليلة القادمة .
ولأن القضية هي الأمانة التي لم يفرط بها شعبنا ومعه ما تبقى من قواه الوطنية ، فلا بد من القول وبأعلى درجات الثقة واليقين بأن كرامة هذه الأرض ، وشرف عرضها سيظلان الشوكة في حلق كل من يفكر بتجديد التآمر عليها وعلى عدالتها ، فمنذ سنة النكبة ، و مرورا بيوم الأرض ، ووصولا إلى أحدث محاولة تآمر يجري الإعداد لها ، فإن هذا الشعب الذي قد يهون العرض عليه في سبيل التمسك بحق الأرض سيظل قادرا على المواجهة ، وكما فشلت " إسرائيل " في أن تكسر ذراعه ، فإننا نقول لكل من وقع على التآمر في الدوحة بأن ذراع شعبنا كانت وستبقى طويلة ، وسيظل العهد في يوم الأرض يتجدد مع كل ذكرى تأتي .








طباعة
  • المشاهدات: 26817
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم