حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,26 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 31792

الأزمة الإقتصادية العالمية والربيع العربي

الأزمة الإقتصادية العالمية والربيع العربي

الأزمة الإقتصادية العالمية والربيع العربي

06-04-2013 10:24 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : رائد سليمان الخشمان
منذ بدء الأزمة الإقتصاديةالعالمية عام 2008 والمتغيّرات الإجتماعية والسياسية والإقتصادية تتسارع في كل أنحاء العالم، ومنها بالطبع ما واجهته وما تزال منطقتنا العربية، وقاد الى ما يسمى بـ "الربيع العربي". واذا ما بقيت الحكومات العربية وخبرائها والمخططين الاستراتيجيين (إن كان هناك مخططين!!) تتفاعل مع الأحداث بصورة ردة الفعل، فإن المنطقة مقبلة لا محالة على أوضاع إقتصادية وإجتماعية وأمنية صعبة جداً قد تصل الى حد الكوارث إذا لم يتم تدارك الأمور. ولا شك بإن ما نحن فيه الآن لم يكن وليد الصدفة، بل بدأ منذ ما قبل فترة الثمانينات عندما مرّ الأردن كغيره من البلدان العربية بفترة بحبوحة إقتصادية، أدت الى تغيّر أنماط الحياة بكل أشكالها وخاصة الإجتماعية، فالأسر تحولت من منتجة الى مستهلكة، فمثلاً كان هناك حالة من الأكتفاء الذاتي في الأرياف نتيجة الاعتماد على الزراعات المختلفة من الحبوب والخضروات والفواكة، وكذلك الأمر بالنسبة للمنتجات الحيوانية كاللحوم والألبان والصوف والبيض وغيرها، حتى أن معظم الأسر كانت تورّد للسوق المحلي ما يزيد عن حاجتها بأسعار مناسبة للمستهلكين. هذا كله توقّف مع بدء الأعتماد الكلي على السوق في كل ما تحتاجه الأسرة بدءاً من رغيف الخبز وانتهاءاً بالكماليات التي أصبحت ضرورات فيما بعد. وما ينطبق على الأردن ينطبق على غالبية البلدان العربية.
كل تلك المتغيّرات الإجتماعية والإقتصادية التي تلت فترة الثمانينات، أدت الى الإعتماد بصورة شبه كاملة على الوظائف والنمط الاستهلاكي، مما أدى بدوره الى اختفاء مصدر دخل وطني مهم كان يساهم فيه كل مواطن، وأنقلب ليصبح عبئاً إقتصادياً ضاغطاً على ميزانيات الأفراد وبالتالي على ميزانية الدولة، مما زاد من الأستيراد وقلّل الناتج الوطني. فأصبحنا من حيث ندري أو لا ندري رهناً لسياسات الأقتراض وإشتراطاتها من قبل صندوق النقد الدولي، الذي لجأت اليه الحكومات المتعاقبة كأسهل الحلول للتعامل مع إختلالات الميزانيات السنوية، دون التفكير بعواقب هذه الحلول المؤقتة والبائسة وما يمكن أن تجرّه من حلول آنية، ولكن نتائج كارثية على مستقبل الأقتصادات الوطنية. والأدهى والأمرّ أن أموال القروض لم توجّه لمشاريع إستثمارية تساعد في دعم الأقتصاد، بل إنها إما نُهبت من قبل الحكومات الفاسدة، أو وجّهت الى مصاريف جارية لدعم بعض السلع الأساسية أوالرواتب. وهكذا إستمرت سياسات الأبر المخدرة، والتي للأسف سيتحمّل عواقبها المواطن البسيط والأجيال القادمة.
ولا يمكننا فصل هذه السياسات الإقتصادية عن المخططات السياسية للدول العظمى التي تسيّر العالم كما تريد، فأمة لا تمتلك قوت يومها، ستبقى رهينة شروط صندوق النقد والتبعيّة السياسية لتلك الدول. من هنا لا يمكننا إستبعاد نظرية المؤامرة لفرض سياسات معينة في منطقة الشرق الأوسط، وتمرير تسويات ترضخ لها الشعوب وتصبّ في النهاية في مصلحة الدول الكبرى ومن تدعمها. وبالعودة الى الربيع العربي، فإنه لا بدّ من طرح السؤال التالي: لماذا لا تمانع الولايات المتحدة والقوى العظمى أن يتسلّم الحكم في العالم العربي أنظمة ذات طابع إسلامي؟! فحكومات تونس ومصر والمغرب ومستقبلاً ليبيا هي إسلامية. وقد يكون من بين الإجابات والسيناريوهات بإنه طالما أن وقت التغيير قد حان، وطالما أن الشعوب لا تثق في غير الأسلاميين لتأمن على إقتصادياتها، فإن في زجّهم لواجهة القيادة في هذه المرحلة وفي هذا التوقيت بالذات، عملية شبه انتحارية لهذه الأحزاب، ومصلحة مزدوجة لتلك الدول الكبرى تتمثّل في إخضاع شعوب المنطقة لأية تسويات سياسية، وحرق ورقة الأسلاميين عند الشعوب العربية. فأي نظام حكم مهما كان توجهه لن يستطيع القيام بأي إصلاحات إقتصادية دون إتخاذ قرارات مؤلمة، تتمثّل بفرض المزيد من الضرائب ورفع الدعم عن أسعار بعض السلع الأساسية، لإصلاح ما تضرّر عبر سنين طويلة، ولمواجهة المديونيّات الثقيلة، مما سيتطلّب المزيد من السنين لكي تعود الأقتصادات الى حالة التعافي التدريجي، كما حدث في تركيا. وهنا يبرز سؤال آخر: هل المواطن العربي لديه النفس الطويل لتحمّل المزيد من التضييق في لقمة عيشة؟ والمزيد من شدّ الأحزمة لأجل الوطن ولعيون الأنظمة ذات الطابع الأسلامي أو غيرها؟ وهي النقطة التي تُراهن عليها أمريكا والغرب للوصول بالتالي الى النتيجة المطلوبة، وهي فقد الثقة في كل أنظمة الخكم أياً كانت توجهاتها، وبالتالي تمرير مخططاتها السياسية كما تريد. يقول المثل الصيني: "بئست الأمة التي تأكل مما لا تصنع".








طباعة
  • المشاهدات: 31792
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم