حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,26 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 35222

وطني يؤلمني ..

وطني يؤلمني ..

وطني يؤلمني ..

08-04-2013 10:37 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس مهند بني سعيد
تعود بي الذاكره الى ايام المدرسه وما تعلمناه من مناهج,كنا نفرح عندما نمر على درس في التاريخ مثلا يحدثنا عن بطولات الاسلام والعروبه,واسماء حفظناها بالقلوب قبل العقول,اسماء تحمل اسماء شوارع ومدارس وتقاطعات في اكثر الاماكن صخبا وكفرا وضجرا بعواصمنا العربيه,وكنت شخصيا اتوق لحصه التربيه الوطنيه انذاك لما تنسجه من احداث في بلدي الاردن,وما تحمل في جعبتها من حقوق وواجبات للمواطن,وحلمت باني عندما اكبر ساكون بطلا في درس هنا وهناك يتباهي بي ابني بين اقرانه بان ابيه كان مواطنا فعلا احب وطنه وقدم في سبيله التضحيات الجسام,تابعت الدستور الاردني بشغف ونهم واذهلني ما به من حقوق يكفلها بالقانون من حريه التعبير والتنقل والانتخاب والترشح والتعليم الالزامي المجاني وغيرها من حقوق لم يكفلها اي دستور بالعالم.
ليتني لم اكبر وبقيت طفلا ساذجا يسمع ويحفظ ويردد متفاخرا ببلدي بالاذاعه المدرسيه ناهيك اني كنت قائدا لفرقه الدبكه انذاك ,عندما كبرت صدمت فوجدت غير الذي حفظته عن رغبه واجتهاد مني,وجدت بان بلدي يعلوها متنفذين لم يدرسوا في مدارسنا,ولم يقرؤا دستورنا ,وكان التاريخ بالنسبه لهم سذاجه وحمق,لا تعني لهم العروبه والاخلاق شيئا,لم يذهبوا يوما الى صناديق الاقتراع كمقترعين في يوم,كانوا يرعون الاحتفالات الوطنيه ويقصون الشريط اذنا منهم للخطابات والاهازيج والدبكات وبالكاد يصفقون , ينظرون الى ما نفعل بسخريه وتخلف,لم يدفعوا فلسا واحده للدوله مقابل التعليم او العلاج او جتى السياحه,نفوذهم جعل منهم مواطنين بامتياز,ليس فيهم من يتقن الدبكه او يحفظ الاغاني الوطنيه , ليس في رصيد حناجرهم شيء من الهتاف الذي كان يطق عرقا فينا عندما نشرع به,لم يقفوا على الشارع منتظرين المواصلات العموميه,لم يقفوا على دور الخبز او العياده او الاحوال المدنيه,حتى في الورطه الانتخابيه الاخيره كنا نحن المنقذ وانفسنا من يدفع الثمن,هم لم يجوعوا ولم يقترضوا ولم يبكوا يوما امام اي بيت او خلف اي باب مع ذلك هم الساده الساده,ونحن الشعب .
تفاؤلي في الطفوله كان حافزا لي ان كبرت بهذه السرعه,فلم احسب عمري يوما ما,لا ادري نا الذي عمى عيوني عن اهلي وجيراني وابناء محافظتي التي اسكن,كنت اظنهم لم يقرؤا الدستور ولا يعرفون السياسه,كنت اراهم حمقى لحالهم التي يعيشون,كنت اظنهم لم يشاركوا في الثوره العربيه ولا بتاسيس الاماره,كنت اظنهم يوما جواسيس او عاله على المجتمع باسره,وعندما نضجت تاكدت انهم من يزرعون الارض لتنتج الخير ويطعمون الدوله,وانهم من يرعون الانعام لتمتلىء كروش اصحاب القرار وتزيدهم تبجيلا,وانهم من يحرسون الحدود ومن اعاد للامه الكرامه في حرب كان يقصها لي جدي وهو على حدود تل ابيب,وهم انفسهم من عاشوا الويلات فكانوا يعيشون تحت وقع النار والاهانه والاساءه ايام العثمانيين والفدائيين ولا زالت اثارهم معقله في اذهان شيوحنا,وعلمت بان ابي ايضا كان جنديا وفيا اقضى اجمل سنين حياته يحمل السلاح ويقص لي قصصا كنت اراها من الخيال ابان النكسات والحروب,وهم ايضا من يدبكون ويصفقون ويسحجون ,وهم ايضا ممنوعون من الحياه الكريمه وحريه التعبير او حتى لا يحق لهم ان يملوا او يضجروا او يلعنون الدنيا .
عندما كبرت وجدت ان الحياه لمن لا يتعب او ينتمي,وجدت ان العروبه ذل ومهانه,ان الامانه والاخلاص والنخوه مصطلحات غريبه عن شعوب تعودت على الظلم والاستبداد والانتداب والاحتلال,ارض تحمل بباطنها خيرات فتذهب ادراج الرياح لتتبخر وتطير لنحارب بها,وتحمل فوقها شعب طموح مفكر محارب دفنه الوصوليون في الارض تنافسا على هبات باليه لا يابهون بماض ولا يطمحون الى مستقبل افضل,يتوارثون المناصب والخيرات ,منهم من يستمد شرعيته من الكثره,واخرون مفروضون علينا من جهات ووجهات ووجاهات,ومنهم محسوبون على ثوره لم يعرفون متى قامت او من قام بها حتى,شعارهم ان اكون او لا احد يكون.
عندما كبرت اصبحت عبئا اضافيا على اهلي,كل ما املكه هو رقم وطني ابرزه عندما ادفع للدوله,عندما توقفني دوريه امنيه ملت الوقوف بالشارع,ابرزه عندما ادخل الى دائره راجيا متضرعا طالبا اقصى الحقوق,ففي هذا البلد لا يتعاملون معك الا عرقم,حتى تسهل عليهم الاحصاءات وكم سيحصلون على مساعدات,او عند عمليه حساب نسبه التصويت التي في بعض الاحيان كان يشارك بها الاموات,هويه مدنيه لتدفع عليها او تحبس فبالجامعه حصلت على قرض وبعد تخرجي بسنه طلبت للشرطه وما اضحكني كثيرا انني حولت للاموال العامه وما اضحكني اكثر حجزهم اموالي المنقوله وغير المنقوله على اساس ان هناك اموال بالاصل,فكل ما ورثته من هذا الفساد والتلاعب بارواح العباد ان وطني يؤلمني وطبيب الوطن لا يسمع انين.
الحلقه الاولى....يتبع








طباعة
  • المشاهدات: 35222
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم