20-04-2013 09:59 AM
بقلم : أحمد نوفل
هكذا إذاً ، تسكبُ الريحَ في كأسٍ الأمنيات .. جولةٌ ليلةُ تتفقد فيها مهاجع الأحلام ، هنا حلمٌ تصافح لحيته وجهَ الأرض ، ولا يترك أي سبيلٍ ليتقرب للرب ، حيث لا حاجة هناك إلا لبعض الطمأنينة والإيمان ، وحلمٌ آخر يتجول في زنزانته وتتعلثم خطواته بأفكاره اليسارية عن الحرية والحرب وما بين إيمانه الكامل بأن أعظم حرية له الآن هي أن يلامس قضبان الزنزانة .
الزنزانة تلك الأنثى التي لن تستطيع إلا أن تحبها ، تمنحك حق الإختيار فإما أن تكون مرآتكَ التي ترى فيها نفسك ، وتكون فيها أقرب لذاتك ، وتمنحها الحب بكل نُبلٍ واحترام ، أو أن تكرهها وتبدأ رحلة التأقلم معها .
هذا الرأس المعتقل ، الذي يقتاد أحلامه بسلاسل الضعف والخوف إلى سجون الوحدة ، هذا الرأس المجنون ، الذي يفتت أحلامه ويصنعها قوتاً لصمته ، أي شئ ذلك الذي يقودك للعزلة ؟ ، وأي عزلة تلك التي ستؤويك ؟
تتمثل فيك كل أشكال الحزن ، وتقرع أجراس الهزيمة في ماضيك ، إلى أين اللجوء ؟ وأين المنفى ؟ ، هذ الفوضى التي تجوب الرأس الآن تحتاج إلى تلك العناية الإلهية كي تهدأ .
يستذكرني الآن قولهم " ولدتهم أمهاتهم أحراراً " ، وإني الآن استعبد نفسي ، وأشعل الفتنة بين طوائف القلب .
هذا القلب المتشبث بأطراف ثوبها ، المهاجر منها إليها ، المتمردُّ عليّ ، الثائرُ الممزق المرابط المنكوب المعانق ظلها ، الهارب اللاجئ منها إليها ، يصرخ " لا " ، يقول أن الحرية هي أن تقول لا في وجه النَّعَم ، وتمسح جبهة القدرِ بكفيك وتقاتل ، اصمد !!
لن تتجرد من أحلامك ، ولن تقتل نفسك ، فذاتك المقرونة بذاتها ، وعينك التي لا تدرك إلى عينها ، وقلبك النابض من قلبها ، وشمسك المشرقة من صوتها ، وليلك المرسوم بكحلها ، واسمك المخطوف من اسمها ، وكلُّ كلِّكَ راحل إليها ،
هكذا هما الحب والحرية لا يأتيان إلا من الممرات الضيقة جداً.
ومن الزنازين تولد الحياةْ .