23-04-2013 12:45 PM
بقلم : خالد ناصر عبيدات
من المفارقات التي حدثت وربما تتكرر قريباً أن القوى العظمى التي يرى الاردن بأن اللجوء إليها قد يقي البلاد والعباد من شرور المعسكرات المتناحرة ، جميعها تترك الاردن في نهاية المطاف تصارع النتائج وحده بعيداً عن الوعود العديدة التي تصبح هباءٍ منثوراً بعد تحقيق الاهداف المرجوة . لا ننكر بأن الاردن وقف لجانب الدول التي شنت حربها على عراق صدام حسين في العام 2003 ، ولا ننكر كذلك بأن هذه الحرب لم تعقد لها الرايات احسانا لعيون الشعب العراقي الذي يترحم الأن على أيام الشهيد صدام حسين ، هي حرب نفطية .. حرب مصالح حاول الامريكان تجميلها فلبست ثوب الخائف على هذا الشعب العريق ممن حقق له كرامته ووقف بوجه الطوفان الامريكي بكل ما أوتي من قوة وتصدى كذلك لأحلام الفارسيين بإستعادة سواري كسرى لا أعاد له الله بريقاً ولا أوقد الله لأتباعه ناراً .
وقف الأردن بكل حنكته السياسية في معزلٍ عن ادارة الأزمة السورية أو التدخل بها والتي إفتعلها البعض بحثاً عن دوراً جديدا يضاف للعديد من الادوار في خدمة الامبريالية العالمية والعنجهية الصهيونية . وقف الاردن محاولاً أن يتفادى كل ما يحصل الأن وتوافقت الرؤى الرسمية مع مثيلتها الشعبية في هذا الإتجاه ، وتناثرت الدلائل هنا وهناك بما يجعل من التحليل الرسمي السوري للموقف الاردني فيما مضى تحليلاً مسانداً للدور الاردني الذي تم اقتصاره على النواحي الإنسانية فقط . ودعا الاردن بكل الوسائل المتاحة لإدارة الأزمة بسلاح الدبلوماسية والتوفيق السياسي بين القوى المتناحرة وقفاً لهدر الدماء وإستنزاف الدم السوري
يتحدث العالم كله الان عن وجود قوات امريكية على الاراضي الاردنية ، وحتى الجانب الرسمي لم ينفي ذلك مع التأكيد على أن الهدف تدريبي وتنسيقي فقط . لكننا نعلم جميعاً أن القوة المحركة للصراع داخل سوريا لم تستطيع فرض الاجندات الخاصة بها في سوريا ، توتعلم كذلك بوجوب تغيير ادوات ادارة الازمة السورية لتشتمل على الاداة العسكرية لا قدر الله للإطاحة بالنظام السوري المستعد لتقديم الشعب بأسره لإستمراره على رأس السلطة أو للقضاء على المؤامرة العربية العالمية ضد سوريا كما يدّعي النظام وبات لهذه الفكرة الكثير من الداعمين . التدخل العسكري وبعد يقين واشنطن وتل ابيب بعدم جدوى الادوات الحالية ، الحل العسكري اصبح كما يبدو من المشهد ضرورة لا حيادة عنها للإطاحة بالنظام الاسدي وربما برموز الجيش الحر والمعارضة بهدف ايجاد انظمة جديدة تحقق المطلوب بالكامل من الازمة السورية . ومع كل هذه التحولات وتجول شبح الحرب بالمنطقة تظهر علامات استفهام عديدة تحاول استجلاء الحاضر والمستقبل الاردني من خلال زوايا عديدة اهمها الدور المرتقب على الصعيد الرسمي للأردن وماهية نوع المشاركة الاردنية في مثل هذه التدخلات العسكرية ومدى المساهمة في هذه الاعمال .. التاريخ يفيد بان الاراضي الاردنية ستكون منطلقاً للآلة الحربية التي ستجتاح سوريا عسكرياً فيما لو نشبت الحرب لا قدر الله ، وستكون الحكومة الاردنية كالعادة في موقع النافي لمثل هذه المشاركة على إعتبار أن الاردن لن يتدخل في الازمة السورية حتى لو وصلح للجانب العسكري .
نعلم جميعاً بأن الضغوطات التي تتعرض لها الارادة السياسية الاردنية هائلة وهائلة جداً تكاد تودي بالبلاد إلى مزالق لا يعلمها إلا الله تعالى ، لكن الأمل أن يتجاوز الاردن هذه المرحلة الصعبة بالإدراك الكامل للنتائج المتوقعة من الازمة السورية وبالأثار المترتبة على هذه النتائج . الشعب الاردني من اوعى الشعوب العربية واقدرها على ادارة الحس الشعبي تجاه سوريا وشعبها . الشعب الاردني مطالب الان بالتحرك السريع نحو رفضٍ شعبيٍ كامل لمشاركة الاردن بالحرب المحتملة أو حتى المساهمة فيها . نحن جميعاً من الوعي والفكر بمكان يجعل موقف جلالة الملك الرافض للتدخل العسكري وغير العسكري في الشؤون السورية هو الموقف الرسمي المعلن وغير المعلن ... فالأردن يزهو بمواقفه الانسانية تجاه الاشقاء السوريين وغيرهم .. وهذا الشعب قادر على تحويل دفة السياسة الاردنية خدمةً لمصالح الاردن وحفاظاً على وحدة الاشقاء في سوريا التي يراد لها ما يراد .