24-04-2013 09:31 AM
بقلم : د. رضا مومني
ما من شك ان نتيجة التصويت على منح الثقة بحكومة د.عبد الله النسور كانت مخيبة للآمال للقطاع الاوسع من الجمهور الاردني ليس فقط بسبب فقدان الثقة لدى معظم الاردنيين بهذه الحكومة ولكن بسبب ما سمعه الشعب الاردني على لسان ممثليه!! من النواب تحت القبة. خطابات رنانة ألهبت فضاء المجلس بكلمات النقد الجارح والتشريح المعمق لشخصية رئيس الوزراء ومنهجه الفكري والمسلكي وأداءه القاسي الذي طال بيت كل اردني من الطبقتين الوسطى والفقيرة من رفع للاسعار وزيادة في المصاريف وشح في الدخل والمدخرات الاسرية وارتفاع في معدلات البطالة وانسداد في افق المستقبل أمام الآلاف من الخريجين والخريجات وما رافق ذلك من ارتفاع مستويات العنف في الجامعات والمدارس والشوارع وتنامي ظاهرة السطو المسلح جهارا نهارا.
ان ما سمعناه من أفواه النواب كان كاف لكي ندرك ان نوابنا الذي قيل لنا انهم يمثلون ناخبيهم ,هؤلاء النواب عرفوا ويعرفوا كل مكامن الخلل والفساد في جسم الدولة الاردنية ومطلعون على الكثير الكثير من الملفات السوداء التي سودت حياة الناس حيث انهم ذكروا تفاصيل محتوياتها بكل الوضوح والصراحة التي تجاوزت كل السقوف المتعارف عنها في هذا البلد, ما سمعناه كان كافيا وأكثر لأسقاط حكومة النسور لأن هذا هو منطق الاشياء, ولكن نتيجة التصويت على الثقة جاءت معاكسة لكل منطق سليم , فلماذا حدث ذلك يا ترى؟
من المعلوم بالضرورة ان فضيلة الصدق هي درة تاج المنظومة الاخلاقية التي يستند اليها المجتمع الانساني في كل زمان ومكان والتي في حال ضعفها وسيادة رذيلة الكذب مكانها فانة لا يمكن للمجتمع ان يكون قادر على البقاء محافظا على كينونته واستقراره ونموه . ان انتشار الكذب كظاهرة في اي مجتمع هو شيء مدمر وللاسف الشديد فان هذه الظاهرة كأنما اصبحت جزء من شخصية الامة وهويتها المعاصرة وثقافتها التي نعيشها وهذا شيء معيب ومدمر للفرد والجماعات والمجتمع بأسره , أليس من أمثالنا التي نرددها المثل القائل( الكذب ملح الرجال........) وهل هناك على وجه هذة الارض أمة غيرنا تقبل لنفسها ترديد مثل هذا المثل المعيب.
والكذب تتوالد منه صفات قبيحة وكثيرة ومن اهمها رذيلة النفاق والتي لها وجوه كثيرة ,منها على سبيل المثال لا الحصر موقف نوابنا مانحي الثقة فهؤلاء كذبوا على أنفسهم وعلى الشعب وعلى الحكومة في آن واحد, فيا ليتهم لم يوسعوا الحكومة شتما وتجريحا للضحك على ذقون ناخبيهم في دوائرهم الانتخابية ومن بعد ذلك منحو الثقة لحكومة النسور نفاقا بواحا ممجوجا ومعيب. فان كنتم ترونها حكومة تستحق الثقة فلم الشتم والتجريح والنقد الخارج عن المألوف,وما الداعي لهذا النفاق المزدوج على الناس وعلى الحكومة في آن. وان كنتم ترونها حكومة لا تستحق الثقة فلم منحتموها اياها ؟.
ان ما أصاب منظومتنا القيمية من تآكل واضمحلال وفقداننا لفضائل الصدق والامانة وغرق المجتمع في رذائل الكذب والنفاق والغش هو أشد خطرا علينا كأمة من اسرائيل والصهيونية والامبريالية الامريكية وأكثر فتكا بالامة من اسلحة الدمار الشامل. فالكذب ليس ملح للرجال بل غذاء كامل للانذال ضعفاء النفوس , والنفاق آفة هي اشد من الكفر بل ان (الكافر) الصادق الواحد خير من الف (مسلم )منافق كذاب.