27-04-2013 09:50 AM
بقلم : الدكتور كايد الركيبات
استطاعت العقلانية أن تطغى في مجلس النواب، وتمنح الثقة لحكومة النسور، مع الاحترام لكل من لم يمنح الحكومة الثقة من السادة النواب، فمستوى وتركيبة حكومة النسور جاءت ادني من المستوى المتوقع لها، وان كان دولة الرئيس قد اخذ وقت طويل في اختيار طاقم وزرائه، ولكن يبدو أن دولة الرئيس لا يفضل الاستفادة من تجارب الآخرين كحكومة الدكتور عدنان بدران مثلا.
ورغم الحلم الكبير لدولة الرئيس، بان تكون حكومته الحكومة التي يلقى على عاتقها مهمة إرساء مبادئ جديدة للديمقراطية الحديثة، والتشاركية المأمولة، وان هذه الحكومة تعتبر بوابة الدخول للمرحلة المنشودة، في إرساء قواعد تلك الديمقراطية المنتظرة، بالتحاور البناء مع جميع مكونات المجتمع، للوصول إلى طريق واضح المعالم يجمع على سلوكه الجميع، إلا أن كلمات السادة النواب في جلسات مناقشة الثقة، دلت على أن هناك فجوة بينهم وبين دولة الرئيس، ليس من السهل على دولة الرئيس وفريقه الوزاري تخطيها بسهولة، دونا عن تخطي أي حواجز من المؤكد وجودها بين دولة الرئيس والجماعات المعارضة، سواء كانت حزبية، أو جماعات الحراكات الشعبية في مختلف مناطق المملكة.
ومن المآخذ على السادة النواب وعلى المعارضة، أنهم يعارضون الإجراءات الحكومية في معالجة الخلل الاقتصادي والسياسي، بدون تقديم بديل، أو حلول أكثر جدوى من تلك التي تقدمها الحكومة، وهذا في حد ذاته يؤدي إلى إصرار الحكومة على تبني سياسات ومنهجية تعتمد على معطيات إحصائية رسمية، لكونها المصدر الوحيد للمعلومات، ولعدم وجود أي دراسات بحثية متخصصة من الممكن الاستفادة منها في تخطي مثل هذه العقبة.
وباعتقادي أن هذا هو السبب الجوهري في الخلاف بين المعارضة بمختلف مكوناتها، سواء حزبية، أو حراكات شعبية، أو مفكرين وأكاديميين، وبين الحكومة، وان أي حلول تقدم بدون أن تكون مدروسة وموافق عليها بالإجماع من ممثلين عن كل منهم، ستكون دائما عرضة للنقد والتحريف، وإخراجها عن مقاصدها الحقيقية، وارى أن الأسلم لتخطي هذه العقبة، ولتخطي عقبة الدخول في حوارات فردية مع كل حزب، أو تيار، أو جهة، أن يتم تشكيل مجلس سياسات وطني عام، يضم في تشكيلته التطوعية عضو من كل حزب، وممثل عن كل محافظة، ومندوب من كل وزارة، ومناديب من الأجهزة الأمنية، ومناديب من أساتذة الجامعات، والمفكرين المتخصصين، ويتم تشكيل فرق عمل لدراسة المواضيع الاقتصادية والسياسية المتخصصة، وتقديم التوصيات للحكومة، وتكون الحكومة ملزمة بالعمل بها، وتكون هذه التوصيات وإجراءات تنفيذها، خاضعة لرقابة مجلس النواب.
ففي هذه الحالة تقدم الحكومة المعلومة، وتحيط مجلس السياسات العامة علما بها، فيقوم المجلس بصناعة القرار الذي يراعي الظروف العامة للدولة، والخاصة بالمواطن، كما ويساعد وجود هذا المجلس على التخلص من الارتجال في اتخاذ القرارات، بحيث يكون القرار ناتج عن معلومة صحيحة يتم التأكد منها من جهة، ومن جهة أخرى يكون صادر عن متخصصين، الأمر الذي يجعل القرار أكثر إقناعا وشفافية للمواطن، الذي بات يفقد الثقة في الحكومة، وقدرتها على تجاوز العقبات التي تواجهها بدون عثرات تعود عليه بنتائج سلبية، تزيد من الأعباء المترتبة عليه، وتدفعه للمصادمة معها عند اتخاذ أي قرار.
kayedrkibat@gmail.com