27-04-2013 10:36 AM
بقلم : جرير خلف
ما زالت وسائل الاعلام الامريكية والغربية تتناول مسألة تفجيرات بوسطن بنوع من الاثارة والتحليل ويتبعها في ذلك وسائل الاعلام العربية التي تنهل من مصادر الأخبار العالمية كل ذلك وتضيف على هذه الأخبار والمتابعات نوعا من التراكم الكمي للتصريحات والتحليلات.مما ساهم في وضع الحدث في مصاف الحوادث الدراماتيكية المثيرة وخلقت حالة تنافسية في منطقتنا من حيث الأهمية للمسألة السورية والعراقية والفلسطينية مجتمعة.
وما يقلقنا من الموضوع هو أن خلق الحدث الامريكي وتفعيله وتضخيمه كان من السهولة بحيث انه احتاج فقط الى (طنجرة ضغط) ومجموعة طباخين لا يتجاوز عددهم عدد اصابع اليد وضحايا اقل من عدد الطباخين ساقهم حظهم السيئ الى الوقوف في نهاية سباق الماراثون في تلك الساعة في مدينة بوسطن، وهنا لا نستخف بالضحايا او بالحدث بل نرى في شخوصه ادوات تم اختيارها عشوائيا (وعلى ما قسم) لإدارة مسرحية استعراضية بضجيج عالي لتكتف فيه المشاهدين على كراسيهم ولتجمع بائعي المواقف المتجولين على هذا الجمهور.
ففي احداث بوسطن نجد ان هناك اكثر من مائة وستين مؤتمر صحفي عقدت له.. وصرح له أكثر من ثلاثون مسئولا امريكيا ترواحت مراكزهم بين الرئيس الامريكي اوباما والروسي بوتين وصولا الى مايكل بلومبرغ رئيس بلدية نيويورك، وثلاث وعشرون اجتماعا رسميا امريكيا على مستوى مجلس الشيوخ وأعلى.. ذلك سبّب مرحلة من التوجيه المركز لخلق عبارة واحدة (وجوب تركيز كل الجهود لإزالة مسببات الإرهاب العالمي).. وهنا المصيبة..!.
فالقضية ليست مكافحة الأرهاب بالمعنى المجرد.. وكذلك لم تطرح المسألة بهذه الإنفعالية بسبب أخويين قادهما فكرهما الهش وإيمانهم الضعيف وما تبقى من بخار مراهقتهم الى الحضن المجهول للإجرام والذي اتقن استعمار عقولهم عبر وسائط التواصل والسيطرة عن بعد لخلق مشهد (البطلين) لهما ومشهد المجرمين للجميع.. بل القضية هو نحن.
وهنا قد يختلط الأمر علينا ونرتاح قليلا من وسواس الاتهام كون الإرهابيين من الشيشان وليسا عربا ولكن قبلها علينا التذكر ان الحدث اصبح العامل المشترك بين روسيا وأمريكا من جهة والإسلام في الجهة المضادة (نفس مفاعلات المرحلة في منطقتنا) ولا يمكن ان يكون ذلك محض صدفة أيضا.. فالحضن الدافئ لنماذج الارهابيين يملك السيطرة على أتلالا مكدسة من المراهقين فكريا والمسلوبين الحكمة من عقيدتهم وما عليه سوى أن يختار من هذه الشخوص ما يناسب المرحلة والحدث المبرمج من حيث الهوية والدين والغباء.. وليجمع استحقاق المرحلة بعدها من كتف المنطقة المستهدفة وبالقطاعي وبال(كريك)، وعلى (منتجي الارهابيين) أن تصمت.. فهناك ضحايا.. وهناك ارهاب والمتهم المدان دوما بطرقة ما وقبل وجود التهمة هو نحن !.
اذا ستبدأ مرحلة الحصاد وستتألق المتناقضات.. وتحت بند خصوصية مكافحة الإرهاب سيكمل الجميع البحث في مفاصلنا عن مسببات وجعهم.. وتبدأ التجارب التي وضعت لإزالة الإرهاب من بين أرجلنا.. وسيكون علينا ان نعترف بأن اطفال حمص هم انتحاريون ولا مانع من اجتثاثهم حفظا للسلم الأهلي مع الإقليات الخائفة..، أذا هي قنابل سلمية ستلقى علينا وسنخضع للحكمة ونجنح للسلم ونحن نرى الجهود المستحقة التي كان المواطن العربي ينتظرها لرفع الظلم عنه في سوريا والعراق وفلسطين ستتحول الى جهود ضدنا تماما كما جرت العادة.
نعم لقد نجح الغرب والشرق والجميع باستثناء الأمة العربية وقضاياها في استغلال الحدث والجميع بات يدرك ويجد الأعذار والتفسيرات الملطفة لتغيير مواقف الدول الغربية من الثورة السورية وما رافقها من احداث على الساحة العربية والتي تغيرت مائة وثمانون درجة بوضوح وصراحة بعد أن كانت قبل احداث بوسطن مغطاة بورقة التوت الصغيرة التي لم تحتاج إلا هزة بسيطة لتسقط او لتبرير بسيط لإسقاطها ذاتيا..
ذلك ما اعطى الضوء الأخضر بل أطفئ الانوار كلها على التصعيد الكبير بعد حدث بوسطن والذي تم على المسألة السورية والعراقية والأحوازية والفلسطينية، فجيش النظام في سوريا قام وبالتعاون الكامل مع قوات حزب الله بتصعيد وتكثيف المجازر على الشعب السوري وبشتى انواع الاسلحة المحرمة والمحللة والمكروهة ايضا، والمالكي قام باقتحام الساحات العراقية السلمية وبالرصاص الحي والدبابات ودون أدنى عقل او رحمه.. والباسيج قام بالتنكيل بشعب الأحواز العربي ودون سبب.. والجيش الصهيوني أكمل ما بدء فيه من اقتحامات واعتقالات وتنكيل بالشعب الفلسطيني.. وكل ذلك ما زالت تصريحات امريكا والغرب تتراوح ما بين احتمال وربما والخطوط الحمراء والصفراء والأخضر إبراهيمي.. والاهم من ذلك في هذه التصريحات هو (مكافحة الأرهاب)..
لقد آن الأوان لكي نقلب الطاولة على الإرهاب الحقيقي وحان الوقت لقطع أذرع الصهيونية العالمية وفضح بائعي المقاومة الجائلين في الضاحية الجنوبية والمنطقة الخضراء والقصر الجمهوري في دمشق.. وعلينا بالحد الأدنى أن نخرج من وسواسنا الذي ألجم قوانا وحييد كرامتنا وجعلنا نتوسل الجميع لكي يؤمن بان عقيدتنا وعروبتنا هي اكبر اعداء الإرهاب والتشبيح والقتل.. فتلك المعلومات يدركها الجميع ولكنهم يعملون على نفيها وعكسها لتماشي المخطط وتعطي التبرير (لعمل السبعة وذمتها فينا)..
وآن الأوان لكي نفضح الحضن الدافئ للإرهاب القابع في طهران وتل أبيب.. هذا الحضن الذي أوجده حاخامات ومعممي الظلام وحرصت على إدامته وقيادته من خلف الظل لكي تترك صبيانها في المزّة والضاحية الجنوبية والمنطقة الخضراء ملوكا للمرحلة .. فالكل اصبح يعلم ان إيران لاعب اساسي في المذبحة القادمة التي يعدها الجميع لنا.. والكل يدرك بأن معممي الخراب في طهران سيكونون أول الواصلين لمائدة العشاء الأخير لاستلام استحقاقها من عظام رفات شهداؤنا..! وتبا لنا أن بقينا على مدرجات المتفرجين بحثا عن إثارة في (الأرف ايدول) وانحصرت بطولاتنا في مشاهدة لقطة على اليوتيوب لثائر فيها معنى الرجولة.