27-04-2013 11:08 AM
بقلم : رائد علي العمايرة
(حامد) أسمالٌ باليةٌ وسُكْرٌ يتأرجح ،وعُمْرٌ ينقضي بين الخمارة والخمارة والصيدلية والأرصفة ............تَلافيفُ وجهه المرهق من اللاشيء ،تَخُطُّ على صِدْغَيهِ سنوات عُمْرِهِ الذي يتلاشى في اللاشيء أيضا.
يتراوح حامد بين حالة سُكْر ٍقذر ٍ وحالة زهد نَقيْ ........يصحو من سكرته أحيانا في العام مرة فيقضي يومه في المسجد،وتزول الأقذار عنه، ويرسل التحايا لمن أنساه السُّكْرُ ،كم من المرات التقى بهم،وكم من المرات طردوه ، ليظن بأنه التقاهم اليوم فقط بعد غياب ٍطويل .
في سُكْرِهِ ! يتأرجح على الرصيف أثناء سيره كرقاص الساعة، يوقف النساء الحوامل والمسنات، يطلب منهن ثمن الزجاجة الجديدة،وتحت ضغط (الأدرينالين) الذي يتدفق في عروقهن ويملؤهن رعبا، يَجُدْنَ عليه بما في أيديهن، فإن كان مبلغا زهيدا اكتفى (بالكحول الطبي )يتجرعه بقُِطْنَةٍ يُشَبِّعُها بالكحول ويزاول استنشاقها بنِهَم ! وإن كان المبلغ أكبر هُرِعَ إلى الخمّارة؛ ليفوز بلتر كامل ٍ،مضيفا عليه بِضْعَ ِحبات للهلوسة، تجعله في حالة من السُّكر الملوث العميق، فيأتي من جانب اللوح الزجاجي الثابت للمطعم ويحاول السير للأمام ليدخل المطعم وبينما يمنعه الزجاج من التقدم، يُراوح في مكانه، ويصارع الزجاج، ويظن أن ثمة شخصاً يمسكه من الخلف ليمنعه من التقدم ، فيستغيث بمن في الداخل علَّهم يفتحون له الباب،بينما يتعرج وجهه بأشكال مضحكة، عندما يضغط به على الزجاج،ظنا منه أنه يقاوم شخصا يمنعه من التقدم للأمام،فينحرف أثناء مراوحته، و يظن انه أفلت من قبضة من يمسكه فيتزحلق ويرتمى أرضاً...... ويبقى كذلك حتى يأتيه من يجرُّه ليلقيه في ركن فينزوي فيه- كدودة ٍشريطية -سائر الليل؛ ..........يحادث أشياء يراها وحده، وينعتها بما يعتقد أنها تستحقه من الشتائم، حتى الصباح، ومن هناك ينطلق الى المقاهي الشعبية، ليتبرع له أحد الجالسين بشيء يشربه.
يملك حامدٌ يدين ملونتين بكل ألوان الوشم، وقد خطَّ عليهما كل عبارات البطولة والتحدي.
حامد أعزب! وهذا من حظ طائفة النساء،وهو بالإضافة إلى مميزاته الكثيرة يملك في القضاء ملفاً لا ينتهي من القضايا المكررة....( إيذاء ،مشاجرةٌ، سُكْرٌ شديدٌ، سطوٌ، مخدراتٌ، قضايا كثيرة كثيرة).. كان لابد أن تستوعب ما مضى من أيامه وما بقي منها،في السجن، فلا يخرج من خلف القضبان، ولكن يرأف السجَّان بحاله، فيطلقه ليكون مسرحية مؤلمة ويومية، في السوق، ولكن لا تستوعبه مراكز المعالجة من الإدمان ليكون شاهدا على قصورها في الشارع العام.
حامد قد يصرعه (غلام صغير) ولكن البسطاء يخشون جرأته، ويرعبهم منظره ؛ مؤخرا ظهر برفقة حامد شاب آخر في أوائل الثلاثين،كنسخة أخرى مكررة، وصار يقاسمه (السبيرتو) والسجائر المتعددة الأنواع،التي يجمعها من المارة، وَسُبات ُالكراجات،في الليالي الباردات الحالكات، وعندما يختلط الليل والنهار على حامد ورفيقه،بفعل السُّكْرِ،في وقت الظهر ؛يستلقيان على الرصيف تتخطاهما أرجل المارة، ولا يجدان من يزيحهما عن الدرب،فبشرى لحامد وأمثاله، ففي السوق متسع لهما ليرعبا المارة من البسطاء، والكحول الطبي ستوفره الجمعيات الخيرية في بازاراتها،وحبوب الهلوسة ستأتي كتبرع ٍمن (فاعل خير) .