29-04-2013 10:21 AM
بقلم : حماده فراعنه
الأنحياز الروسي لسوريا ، لا يعود فقط لسبب إستراتيجي له علاقة بالصراع الدولي بين المعسكرين : الروسي الصيني من جهة والأميركي الأوروبي من جهة أخرى ، والحفاظ على موقع روسيا في موانئ المياه الدافئة على شواطئ المتوسط ، وهذا سبب جوهري يكمن في دوافع سياسات روسيا وأولوياتها الدولية ، ولكنه ليس العامل الحاسم الذي يدفع روسيا ، كي تضع رهانها ، للحفاظ على نظام حزب البعث ورئيسه ورفض تقويضه ومنع سقوطه ، بل ثمة عوامل قوية لا تقل أهمية بل تزيد عن هذا العامل ، تدفع روسيا نحو مواجهة الدعم الأميركي الأوروبي للمعارضة السورية المسلحة وإفشاله ، ويقف في طليعة هذه العوامل :
أولاً : الحفاظ على أمن روسيا في الشيشان ، فالأدوات المقاتلة في سوريا ، تشكل إمداداً عقائدياً وتنطيمياً وحزبياً ، لأدوات المعارضة الشيشانية التي تقاتل في روسيا ، وبالتالي فإن إنتصار المعارضة المسلحة السورية ، يشكل رافعة فيما لو حققت الأنتصار للمعارضة المسلحة الشيشانية ضد روسيا .
وثانياً : ثمة مشروع قطري لمد أنبوب غاز من الدوحة نحو أوروبا ، يشكل أداة بديلة لأنبوب الغاز الروسي الممتد نحو أوروبا ، ووسيلة تعتمد عليه أوروبا للتدفئة وإحتياجات قطاع واسع من الصناعة ، ولهذا سيكون أنبوب الغاز القطري ، أنبوباً منافساً ، مالياً وإقتصادياً للأنبوب الروسي ، وسيترك أثره السياسي في إضعاف النفوذ الروسي على أوروبا . ومن هنا يمكن تلخيص حصيلة العاملين ، عاملي الأمن الداخلي الروسي في الشيشان ، وأنبوب الغاز ، هما العناونين الأساسيين اللذين ستنعكس أثارهما على العامل الثالث ، وهو إضعاف النفوذ الروسي وتقليصه دولياً .
تقول موسكو لأصدقائها ، لقد خطفت واشنطن كل من العراق وليبيا في غفلة من اليقظة الروسية وهذا لن يتكرر ، لا في سوريا ولا في غيرها ، وسيبقى التوازن والتفاهم والشراكة هو أساس العلاقات الدولية ، وهذا ما حصل بشأن سوريا في بيان جنيف ، والذي شكل أساساً صالحاً للحل ، وسيكون عنواناً للحل ، ولن يبقى الرهان على الحل العسكري بين الطرفين المتصارعين في سوريا وعلى أرضها هو العنوان .
ولذلك يمكن الحديث عن ثلاثة عوامل ، إذا وقع أحدها سيؤدي إلى تغيير السجال القائم على الأرض بين النظام والمعارضة المسلحة :
الأول : إنشقاقات كبيرة ملموسة في بنية المؤسسة العسكرية ، تجعل الجيش فاقداً للمبادرة التي يملكها حالياً . والثاني هو : وحدة قوى المعارضة بشكل يؤدي إلى تماسكها وإمتلاك قدرتها على إتخاذ زمام المبادرة وهي ما تفتقده حالياً . والثالث يتمثل بتغيير الموقف الروسي ، بما يسمح للولايات المتحدة ويوفر لها الغطاء للتدخل العسكري كما حصل في العراق وليبيا ، وفي غياب هذه العوامل أو أحدها ، سيبقى الصراع سجالاً بدون تغيير إستراتيجي لصالح أحد الطرفين .
h.faraneh@yahoo.com