03-05-2013 11:43 AM
بقلم : خالد ناصر عبيدات
عملاً بمبدأ حرية الرأي والرأي الأخر أرجو التكرم بنشر الرد التالي على المقال المنشور في موقعكم الإلكتروني المميز تحت عنوان : تعقيباً على ما كتب عبدالهادي المجالي .. سليم محمد ابو محفوظ .. لاجيء فلسطيني .
بالتاكيد فإن العرب والمسلمين يدركون أهمية القضية الفلسطينية ودورها الأهم في تشكيل الحس الرسمي والشعبي في المنطقة وربما في العالم . وليس خفيّاً على أحد أن القضية الفلسطينية تشكل الركيزة الأساس في استراتيجيات دول المنطقة والتي ينطلق من خلالها رسم السياسات الداخلية والخارجية وترسيم القضايا على سلم الأولويات . لكن التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية أملت على دول المنطقة تغيّرات جذرية بدأت معها خريطة الطريق السياسية تتأثر بالظروف التي يشترك فيها العالم بدءاً بالأزمات المتتالية كإحتلال العراق وسقوط بغداد ومروراً بالأزمة المالية العالمية وتداعياتها الاكثر خطورة وأزمات ما يسمى بالربيع العربي والازمة السورية المتفاقمة التي يمهد مفتعلوها لتغيير خارطة المنطقة وتحويل الإتجاهات السياسية فيها لمبدأ العسكرة الغربية والشرقية . ومع هذا فالأردن لم يتغير ابداً من حيث اعتباره للقضية الفلسطينية هي محور قضاياه واهتمامه وهي القضية الأولى التي تشغل صناع القرار فيه وتستهلك النسبة العالية من ميزانيته وموارده المالية بالنظر إلى تبعات القضية الفلسطينية على الاقتصاد الاردني . ولا ننسى بالطبع السعي الدؤوب للإرادة السياسية العليا بالحفاظ على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وكذلك عمليات انعاش مفاوضات السلام الفلسطينية الاسرائيلية على أساس حل الدولتين تمهيداً للحل النهائي . هذا كله على صعيد الحاضر وربما المستقبل فيما لو تعمقنا قليلاً بمعاني تجديد الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية في القدس وغيرها .
لكن قبل ذلك ، فالبعد التاريخي للقضية الفلسطينية لا بد وأن يتعمق قليلاً بتاريخ الهبات الاردنية لفلسطين وشعبها المنكوب على مدار التاريخ .. أقول هبات لأن كاتب المقال أراد أن يصل بعقل القاريء لوصف الهبات والاعطيات الاردنية على انها حق من حقوق الشعب الفلسطيني ، بدءاً من تصريحاته الغريبة التي تفيد بأن فلسطين سقطت بيد الصهاينة بفعل الخيانات العربية – وعلى رأسها الأردن كما يدعي الكاتب –وبفعل المشاريع الإستعمارية العربية المتفقة تماماً مع توجهات الساسة الإنجليز والمغتصبين الصهاينة . وتمادى الوصف ليعلن على الملأ بأن المملكة الأردنية الهاشمية نشأت كإمارة بلا شعب أو بعددٍ ضئيلٍ منه ثم إفتعلت الخيانات الاردنية من الإمارة مملكة كان لا بد لها من شعب ينطوي تحت مظلتها ، فدمرت فلسطين وهجّر اهلها لصالح الكيان الأردني . فاين ذلك من الحقيقة ؟؟؟ أين ذلك من حقيقة المهجّرين من الأشقاء الفلسطينين التي أثبت التاريخ أن الكثير منهم مهاجرين وليس مهجرين باعوا اراضيهم وبلادهم لليهود وسكنوا الأردن للتجارة والمتاجرة بالقضية الفلسطينية . وأنقل من التاريخ ((ذكرت الكثير من التقارير المنشورة على المواقع الالكترونية اسماء الوجهاء الذين باعوا فلسطين لليهود والظروف التي رافقت عملية البيع عقب نجاح الشراكة البريطانية – الصهيونية في تحويل الكثير من المدن الفلسطينية خلال ثلاثين عاماً إلى مدن ذات أغلبية سكانية يهودية، بفعل عاملين إثنين: الأول هو الهجرة اليهودية الكثيفة إلى فلسطين، وقد وفرت حكومة الاحتلال البريطاني جميع الشروط لانجاحها، والثاني، كان التلاعب بالحدود الجغرافية لبعض المدن من خلال توسيع حدودها البلدية إلى المدى الأقصى الذي يتيح إدخال أكبر عدد ممكن من اليهود في إطارها. وقد أهملت الحكومة البريطانية الكثير من تقارير اللجان المختلفة التي شكلت للتحقيق في مسائل الأراضي والهجرة، والتي بلغت في مجموعها العشرين لجنة تقريبا، لأن هذه اللجان رأت الحق في مطالب العرب. واقتصرت المقاومة الوطنية في مسألة بيع الأراضي لليهود على الوعظ، والإرشاد، بالتحذير، والترغيب، والتنديد بالبائعين، والسماسرة وقد فشلت معظم المبادرات العملية لإيقاف عمليات البيع أو أنها لم تحقق نجاحاً ملموساً. ويقول «شتاين Stein» كانت ردة فعل العرب تجاه الهجرة أقوى منها في مسألة بيع الأراضي… وذلك لأن الهجرة اليهودية من الناحية العملية كانت واضحة للعيان، ولم تكن نتائج بيع الأرض ظاهرة بعد، وكان المندوب السامي يقوم بتعليق الهجرة عندما يتطلب الأمر ذلك، ولكنهم، أي الإنجليز، لم يكونوا يدركوا نتائج بيع الأراضي العربية لليهود». وقد كتبت جريدة فلسطين تحت مقال:العالم شاهد والتاريخ يسطر” كلما تلفت حولي وشاهدت تزايد انتقال الاراضي في جميع أنحاء فلسطين من أيدي المواطنين الى أيدي الصهيونيين، أتساءل هل يمكن بقاءنا طويلا في هذه البلاد ونحن في تخاذلنا وتعامينا عن هذه الحالة. وقد ازداد تساؤلي هذا بعد أن سمحت الحكومة ببيع أملاك المديونيين في وقت تبلبلت فيه أفكار الناس وتشتت قلوبهم”مكن اليهود من شراء الكثير من الأراضي العربية في فلسطين، وذلك لأسباب كثيرة كان أهمها، تسهيل عملية البيع لليهود من قبل سلطات الانتداب، وذلك من خلال القوانين التي سنتها الحكومة للحصول على الأرض. هذا بالإضافة إلى الطمع، والجشع الذي لحق ببعض الملاكين. والدور السلبي الذي لعبه سماسرة الأرض، ذوي النفوس الضعيفة في تسريب الأراضي العربية لليهود. حيث كانوا يشترون الأراضي ثم يبيعونها إلى الصهاينة اليهود. وهنا نجد بأن جريدة الجامعة العربية تورد مقال تحت عنوان ” لماذا نبيع الأرض” مبينة الأسباب التي أدت بالفلاح ان يبيع ارضه لليهود حيث تقول” من هؤلاء الشبان فريق يقصد تل أبيب، وهناك تنفق الأموال. وهناك مصيدة السذج من حديثي النعمة….وتعتقد الجريدة بأن الفقر ليس هو العلة الأساسية، فهناك الفساد الإجتماعي والضعف في الوطنية وسيادة رجال لا يهتمون بالمصلحة العامة”
ارتفع سعر الأراضي، نتيجة لتدفق الهجرة اليهودية إلى فلسطين، تبعاً لشدة الطلب عليها من قبل اليهود لإستيعاب المزيد من المهاجرين الجدد. وأمام ارتفاع الأسعار هذه لم يكن بوسع تلك الفئة (السماسرة) سوى الانصياع لإغراء المال، فباعت قسماً من أرضها لليهود، دون واعز قومي، أو أية بصيرة لمستقبل البلاد. حيث أشارت جريدة الجامعة العربية إلى نوعية السماسرة الذين شاركوا في بيع الأراضي لليهود بحيث جاء فيها…. ففيها الزعيم الخطير، والوجيه الهمام، والحسيب والنسيب، والوطني الكبير، والأستاذ الجليل، وفيها ذوو ألقاب رفيعة، ومقامات عالية، وثروات طائلة، ونفوذ واسع، ناهيك عن أرباب الدرجة الثانية الذين هم أقل وجاهة ولكنهم أكثر حركة وانتقالاً. وتعرض السماسرة إلى هجمة شرسة من قبل الصحف التي كانت تصدر في فلسطين إبان الانتداب البريطاني، فيورد الباحث على محافظة مقالة وردت في جريدة الكرمل في 20 حزيران 1925، تتعرض إلى السماسرة بالقول: «يا سماسرة السوء، يا باعة الأراضي، ويا أعداء الله والوطن يا من أغواكم الشيطان، وأغوتكم المادة. يا من تبيعون أعراضكم، يا من ستهترون بمقدساتكم، وتلوثون ثرى بلادكم المجبول بدماء شهدائها الأبرار الذين حرروا هذا الوطن من الشرك والرجس، إلا تخجلون!». ونجد مقالاً آخر لأكرم زعيتر في جريدة الجامعة العربية، يدعو إلى مكافحة السماسرة بنشر أسمائهم، بعد أن فشلت أساليب الوعظ والإرشاد والتحذير فيقول: «السبيل هين واضح لا يحتاج إلا قليل من الجرأة والصراحة. هو أن تشرع الصحف المخلصة، التي لا تخشى في الحق لومة لائم، في إعداد قائمة سوداء تنشر فيها أسماء من تثبت أنهم سمسروا وعملوا على إفلات الأرض العربية من أصحابها من دون تعليق». وقد انعكست الصورة السلبية للسماسرة على الشعر في تلك الفترة فنجد إبراهيم طوقان يرد على بيت شعر طرحه الشيخ محمد البسطامي سنة،1931 الذي قال فيه.
ان حجم بيع الأراضي لليهود بعد سنة،1930 ، أنذر القيادة العربية السياسية لحقيقة أن المساحات الواسعة التي خرجت من أيديهم لن تعود أبدا. واتخذت اللجنة التنفيذية العربية في 26 – آذار -1932، قراراً بإنشاء. صندوق الامة. والفت له لجنة عليا لحث الاهلين على شراء أسهم «شركة إنقاذ الأراضي» وبذلت الجهود لإنجاح مشروع الصندوق، غير أن هذه الجهود منيت بالفشل، خاصة وأنه أشيع أن ثمانية من القائمين والأعضاء في صندوق الأمة هم سماسرة على الأراضي لليهود ))
ولا أظنني بحاجة لسرد أسماء العائلات الفلسطينية التي باعت الأرض والديار لليهود ثم جاءت للأردن تنهل من خيراته بيد وترميه بالرصاص باليد الأخرى . لكن الكاتب العزيز الذي تحول فجأة لمؤرخ يصف بقلمه الأسود ما يستهجن المرء منه ، ويسترسل بالزعم أن عمان كانت فارغة فجاء الاخوة الفلسطينين فتم إعمار عمان ، ويتغنى كذلك بالشهداء الفلسطينين الذين ضحوا بحياتهم فداءاً لفلسطين .. لا أظنه قد نسي دم الشهيد كايد مفلح العبيدات على الثرى الفلسطيني ، ولا أظنه إلاّ وقد تناسى شهداء جيشنا العربي المصطفوي في فلسطين ، بل أنه يزعم أن الفلسطينين هم من بنى الأردن ... ولا أريد التعليق هنا لأني أخاف على كاتبنا العزيز أن يتمزق لحم وجهه خجلاً من إدعاءاته وأقاوله الباطلة الهادفة إلى إثارة الفتنة بين ابناء الشعب الواحد . فهو يدعي بأن الفلسطينين قد اشتروا الأردن بعرقهم وحهودهم ، ويتمنن على الاردن بمؤسسات شومان الاقتصادية وغيرها كالبنك العربي وما إلى ذلك ، ولولا الخجل والخوف من اكتشاف سطحيته لمنن علينا بـ ( الملوخية ) والبقدونس وبعض الخضروات .
له ولمثله اقول : خسئت يا سيدي ... فالأردن هو من احتواك وعلمك وانقذك من التشرد ؟ الأردن هو الذي أطعمك وأشعرك بأنك إنسان ولك من الحقوق ما للمواطن الأردني الذي إستضافك في بيته وعلى أرضه وحرم اولاده من لقمة الخبز لتشبع أنت ... لولا الاردن لم تكن شيئاً مذكوراً .. بل لبقي الحاقدون امثالك تائهون على المزابل بحثاً عن لقمة الخبز أو عبيداً لبني صهيون يسقونك ماء الحياة بذلة أيها العزيز . لولا الأردن لكنت الأن مجرماً تسفك الدماء أو متشرداً تتسول المارة وتبيع الغالي والنفيس لتعيش . لولا الأردن لكنت الأن تقبع في مخيم اليرموك تستجدي المؤن وتستنهض الهمم . خزاك الله وقبح فكرك يا من تدعي بأن الأردنى أدنى قدسية من غيرها .. لا ، فأنت تعلم ان الأردن مقدسٌ بأبناءه وعشائره .. ببدوه وريفه وحضره ، يكفيك أن هؤلاء ممن أشبعتهم تشكيكاً برؤيتهم للقضية الفلسطينية ما باعوا وطنهم مثلك وما قدموا فلسطين لليهود على طبقٍ من ذهب
لم نكن يوماً ضد الوحدة الوطنية ، بل عمل الاردنيون الشرفاء قيادةً وحكومةً وشعباً على اثراء الوحدة مع الاشقاء الفلسطينين ممن يستحقون العيش على هذه البقعة الطاهرة من الارض . فمن تكون انت حتى يسيرك حقدك الأهوج ؟؟؟ إن كنت تبحث عن مكانٍ هنا فليس لك سوى مزابل التاريخ .