23-05-2013 02:30 PM
بقلم : د. إبراهيم بدر شهاب الخالدي
لا يدرك كثير من الناس أهمية البيئة وضرورة الحفاظ عليها نظيفة خالية من الملوثات المختلفة ، كالقمامة ، والمياه العادمة ، والدخان ، وغيره . ولا يدركون آثار هذه الملوثات البيئية على صحتهم وحيويتهم ، وكذا آثارها النفسية والعضوية ، فضلاً عن تشويهها لجمال الطبيعة الذي تستروحه النفس وتتشوفه .
ولا تعنيهم نظافة الشوارع والساحات وأفنية البيوت ، لذلك فهم لا يفتؤون يلقون القمامة والنفايات والملوثات المختلفة كيفما اتفق ، في الشوارع والساحات العامة ، وفي أي مكان يرتاده الناس ، فتنبعث منها الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف ، وتعبث بها القطط ، والفئران ، والحشرات ، والقوارض ، التي تنقل الأمراض والأوبئة ، ولاسيما الطاعون إلى الإنسان والحيوان على حد سواء .
وفي التاريخ شواهد كثيرة على كوارث بشرية حصدت آلاف الأرواح بسبب الطاعون والأوبئة المختلفة ، التي نتجت عن عدم الاهتمام بالبيئة ونظافتها ، بل بتعمد تلويثها وتشويهها في بعض الأحيان .
وفي بلدنا الأردن ثمة ظواهر بيئية غير سليمة وغير حضارية ، ولا ينظر إليها على أنها كذلك ، فلا يكاد الزائر لأية منطقة سكنية أو سياحية فيه ، إلا ويجد أكوام النفايات منتشرة في أرجائها ، ملوثة لجنباتها ؛ وهو ما يشكل ظاهرة مزعجة غير مقبولة وغير معقولة ، بل مشكلة مؤرقة تتفاقم كل يوم ، فلا المواطن يعي خطورتها ، ولا البلديات تقوم بواجبها في إزالة أكوام النفايات ، أو المحافظة على نظافة الشوارع والساحات العامة ، ولا الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى تلتفت إليها كما يجب ، فتنهض بواجبها في توعية المواطنين بمخاطر هذه الملوثات ؛ وذلك لنقص الوعي البيئي لدى هؤلاء وأولئك ، وعدم وجود قانون يردع أولئك الذين يهملون أمر البيئة ، فيلقون نفايتهم وقاذوراتهم كيفما اتفق ، في كل حين ، وفي كل مكان ، ويعبثون بكل مرفق عام ، ويتلفون الغابات رغم قلة مساحتها وضآلة حجمها.
ومن هنا بات من الضروري إعادة النظر في سلوكنا اليومي ، ومراجعة القوانين والتشريعات الناظمة للبيئة ، بما يحد من خطر هذه المشكلة ، أو يستأصلها من جذورها . ولعل بتبني الاقتراحين التاليين بصورة جادة ، حلاً لهذه المشكلة جذرياً ، إذا أخذت الحكومة بهما مجتمعين .
أول هذين الاقتراحين هو التوعية البيئية ، وذلك بتضمين المناهج المدرسية والجامعية مواد تدريسية تتعلق بالبيئة ، وسلامتها ، وطرائق الحفاظ عليها ، وسبل منع تلويثها ، بحيث تتضمن نشاطات فردية وجماعية ، من شأنها غرس قيم النظافة والسلامة البيئية في نفوس الناشئة والمواطنين بوجه عام ، إضافة إلى تخصيص مساحة يومية في وسائل الإعلام لهذا الغرض .
وثانيهما ، إصدار قانون خاص ، يلزم أصحاب البيوت ، والعقارات ، والمحال الجارية ، والمصانع ، وسواها ، بضرورة التنظيف الدوري للساحات المحيطة ببيوتهم ، وعقاراتهم ، ومحالهم التجارية ، بحدود خمسة أمتار على الأقل ، وهو أمر يسير جداً ، وباستطاعة أي مواطن أن يقوم بهذا الأمر بأيسر سبيل ، بحيث يتضمن القانون عقوبات مغلظة لمن يترك محيط عقاره دون نظافة أسبوعية . ونجعل لذلك شعاراً نصه : ( خمسة أمتار فقط والكريم من يتجاوز ) ؛ ذلك أن معظم النفايات تكون بالقرب من البيوت والعقارات ، ملاصقة لجدرانها ، ضمن الأمتار الخمسة التي تحيط بها .
وكلنا على يقين ، أنه بتنفيذ هذين الاقتراحين سنغرس ثقافة بيئية سليمة في نفوس المواطنين ، بحيث تغدو النظافة جزءاً طبيعياً من السلوك العام للمواطنين ، وسيغدو بلدنا جميلاً نظيفاً مهوى للسائحين والزوار ، خالياً من الأمراض والأوبئة والملوثات ، بما يخفف من الأعباء التي تقوم بها البلديات في التنظيف ، ويرفع عن كاهل وزارة الصحة في علاج الأمراض الناتجة عن التلوث البيئي بمختلف أشكاله .