23-05-2013 02:48 PM
بقلم : النائب حسن عبيدات
يشارك عشرات الزعماء و القادة الدوليين ، باللقاءات المستمرة التي تعقد بينهم ، و كلها أو معظمها يدور حول الوضع القائم في المنطقة و تحديدا حول أهم القضايا العربية من القضية الفلسطينية إلى أخر مستجدات الأزمة السورية . و يضع هؤلاء الزعما الدوليون حلولا لهذه القضايا ، و يتصرفون بها ، كأنها قضايا بلدانهم ، في حين نرى مؤسسات النظام العربي معطلة بدءا من الجامعه العربية مرورا بمؤتمرات القمة و انتهاءا بالإتفاقات البينية بين الدول العربية . و على النقيض تماما نجد أن الحكام العرب يتنافسون فيما بينهم بنصب المؤامرات و التدخل المباشر بشكل عدائي في شؤون بعضهم البعض . فمستقبل شعوب المنطقة يقرر بمعزل عنها و عن حكامها .
لقد حول الغرب الاهتمام من القضية الفلسطينية قضية العرب الاولى الى الاهتمام بالازمة السورية ، و الصراع المذهبي . فصار الحديث يدور عن تقسيم الكيانات القائمة الى دويلات مذهبية ، و حلت ايران لتصبح العدو الاول ، في عقول و أذهان الاخرين .
كانت القضية الفلسطينية القضية المركزية لنضال الجماهير العربية ، و جميع الانقلابات و الثورات التي حدثت بعد النكبة كانت بدافع تحرير فلسطين و عودة الشعب الفلسطيني الى ارضه . كما كان ظهور العمل الفدائي في أواصف الستينات من القرن الماضي من اجل تحرير فلسطين و عودة الشعب الفلسطيني الى ارضه فلسطين .
- فأين القضية الفلسطينية من الاهتمام العربي الان ؟
- و أين هي من المنابر و المحافل و الندوات ؟
لقد حوًلت الانظمة العربية الاهتمام بالقضية الفلسطينية الى موضوع هامشي ، و قفزت بالازمة السورية لتكون في أولى اهتماماتها ، و راحت تجيًر لها المؤتمرات و الندوات و تنقلها الى المحافل الدولية و الامم المتحدة ، و تجعلها في المقام الاول كقضية مركزية ، في حين انزوت قضية فلسطين الى الظل ، و لم يعد الحديث عنها الا بالمناسبات المؤلمة .
حتى التنظيمات الفلسطينية ، تحولت عن نضالها المقاوم، و راحت تجترح أشكالا جديدة للعمل لا علاقة له بجوهر النضال الفلسطيني الذي استشهد من أجله الاف المقاتلين الفلسطينين و العرب .
إن الخطر الحقيقي و العدو المركزي الذي يهدد الامة هو العدو الصهيوني ، أما افتعال الخلافات بين العرب فهو جزء من مخطط خارجي يهدف الى زرع بذور الانقسام بين ابناء الامة الواحدة .
إن الصمت المطبق الذي يلف الوضع العربي من الاحداث التي تعصف في المنطقة إنما يعبر عن حالة التردي للوضع العربي ، و حالة الاموقف التي تسيطر على هذا الوضع البائس ، و حالة الافلاس التي وصل اليها الحكام ، حيث لا حول لهم ولا قوة .
و يأتي اجتماع وزراء ما يسمى " اصدقاء سوريا " بعمان يوم الاربعاء في 2252013 كجزء من السيناريو المعد ، و تعبير عن إفلاس سياسي لا يخرج عن كونه بهرجة إعلامية ، فلا يمكن ان يكون مجتمعون من أصدقاء سوريا ، بل إن غالبيتهم من المتامرين على الشعب السوري و المساهمين في قتل السوريين الابرياء .
كما يأتي هذا الاجتماع في ظل حدوث متغيرات حقيقية قلبت موازين القوى و حوًلت دفة الصراع لصالح الشعب و الجيش و الدولة السورية . فاللذين راهنوا على إمكانية تحقيق انتصار ولو جزئي للمسلحين باتوا اليوم يدركون أن مثل هذا الانتصار اصبح في الاحلام ، و أن الواقع يشير الى إمكانية تحقيق هزيمة منكرة لهم على إمتداد الارض السورية .
فالإجتماع الذي ينعقد في عمان اذا لن يكون سوى امتداد لمؤتمرات الخيبة التي عقدت في اسطنبول و باريس و روما و الدوحة ، و لن يأتي بجديد إلا انه اختزل من ( 120 ) دولة الى ( 11) دولة فقط !!
- فلماذا انعقاد المؤتمر في عمان ؟؟
- و هل سيساهم في ايجاد حلول حقيقية للوضع السوري ؟؟
- و هل الهدف من انعقاده هو وقف الاقتتال و دعوة الاطراف للحوار و حضور مؤتمر جنيف ( 2 ) ؟؟؟؟
- و ما هي الفوائد التي يجنيها الاردن من هكذا مؤتمر ؟؟
إن بقاء الاردن على السياسة القائمة على النأي بالنفس عما يجري في سوريا ، و الدعوة للحوار و رفض التدخل الخارجي ، و الامتناع عن اقامة مناطق عازلة ، إن مثل هذه السياسة التي اتبعها الاردن منذ بداية الاحداث ، هي التي تبعد الاردن عن اية مخاطر خارجية .
و قد جاءت تصريحات وزير الاعلام الاردني لتؤكد على السياسة الثابتة لللاردن و هي تؤكد على عمق العلاقة بين الشعبين الاردني و السوري . و أن الاردن لن يكون منصة لانطلاق عدوان خارجي على سوريا .
فسياسة الاردن المتوازنة ، تلبي رغبات الشعب ، و تعبر عن سياسة عقلانية متزنة ، يجب أن تبقى قائمة ولا تتأثر بأي ضغط أو ترهيب أو إغراء مهما كان الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها الاردن .
لقد أعلنت موسكو أنها لا تساوم على مواقفها ، و أنها تحترم القانون الدولي الذي يؤكد على حرية و سيادة الدول ، و على الشرعية الدولية التي تمنع التدخل في شؤون الدول المستقلة . و بهذا الموقف الثابت لموسكو ، استطاعت من خلاله أن تكسب الجولة ، معتمدة على الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري على الارض .
إن الاعلان عن الاتفاق ، لعقد المؤتمر الدولي من أجل إنهاء الصراع و حل الازمة السورية ، و دعوة جميع الاطراف المعنية بالمشاركة لحضور المؤتمر ، يأتي في سياق قناعة جميع الاطراف المتأمرة بأن الحرب على سوريا انتهت و أن عليهم الخروج بحفظ ماء الوجه ، و الانسحاب التدريجي بعد أن أوكلوا أمورهم لروسيا و تفويضها بإيجاد الوسائل الافضل لحل و إنهاء الحرب على سوريا .
و يبقى السؤال قائما بمناسبة مؤتمر وزراء الخارجية في عمان ؛
- هل سيعقد مؤتمر جنيف ؟
- و هل ستتمكن جميع الاطراف من حضور المؤتمر ؟
- و هل سيصل المؤتمر الى حلول نهائية ترضي الجميع ؟
نشك في انعقاده و نشك في نتائجه .