27-05-2013 10:02 AM
بقلم : علي الحراسيس
هيكوبيا .. عجوز يونانية اشتهرت بين شخصيات المسرح الاغريقي أنها كانت تحاول منع الممثلين على المسرح من اداء أدوارهم عبر التشويش عليهم بأصوات وقرع أواني وطبول ،فهي المعطل لانجاز الأداء وايصال الرسالة وتحقيق المطلوب ..
الحراك الشعبي شهد ومنذ شهور خلت حالة مشابهة لتلك الحالة الهيكوبية وإن اختلفت الأدوات والظروف والبرامج ، حيث واجه الحراك نفس الحالة " الهيكوبية " بهدف التشويش على بعض الحراك الشعبي الذي وضع رؤية وطنية شاملة دفاع عن وطنه وهوية شعبه وكرامة موطانيه التي باتت تتعرض هذه الأيام " لحرب " قد تنال منها جميعا ، مستخدمين أدوات النقد والتشويه والتحريض والتقسيم لتغيير بوصلة الحراك وتعديل برامجه الجديده التي فرضتها تطورات الوضع في المنطقة .
إنها ثرثرة مزعجة بهدف التشويش ، مارستها أحزاب و قوى سياسية و نشطاء و وكلاء قوى خارجية ،وجدوا في تبني بعض الحراكات لتلك البرامج الوطنية تغييرا لبوصلة الحراك على حد تعبيرهم ، فمارس حتى الجهلاء منهم تلك اللعبة ، وراحوا يمطرون الحراكات ويرمونها بسيل من الاتهامات لا تتعلق بتقويم الحراك كي تنقذه من مأزقه ، بل هي محاولات تشويش وتغيير اتجاه الحراكات وإعادته الى ما كان عليه خدمة لأجندة سياسية ينفذها البعض بالانابة عن احزاب وقوى داخلية وخارجية ، وغالبا ما تجد تلك " السذاجات الهيكوبية " على صفحات المواقع الأجتماعية الخاصة بصفحات أحرار تلك الحراكات ، فتجد مقالات و" بوستات " التخوين والنقد واتهامات تعطيل الحراك او تغيير بوصلته واتجاهاته التي لم تعد ترضي تلك القوى وتلك النخبة ، بالرغم من أن جميع الحراكات في الأردن لم تلغي من أجندتها مطالب الحراك الأساس والمتعلق بالاصلاحات الدستورية المطلوبة و الاصلاحات السياسية والاجتماعية ولاقتصادية التي خرجوا من أجل تحقيقها ، لكنها أي تلك الحراكات وجدت ودون سابق إنذار محاولات حزبية وفئوية لفرض اجندة سياسية لم تأخذ بعين الأعتبار تلك التحديات الجديدة وما قد تشكله من تهديد للهوية الوطنية ،فعمدت تلك الحراكات الى تغيير بعض برامجها وترتيب اولوياتها تبعا لتلك التطورات بالاضافة الى برنامجها القائم على المطالبة بالاصلاح المنشود ، وهو الأمر الذي أثار تلك القوى وبعض أجهزة الدولة ، فعمدت الى ممارسة سياسة التشويش والتحريض ضد تلك الحراكات والعمل من أجل إعادتها الى سابق عهدها خالية فارغة من أي مشروع وطني متعلق بالدفاع عن البلاد وهوية العباد ، فغلب على تلك القوى" المحرضة " طابع الترصد والصيد في الماء العكر ، واستخدمت كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعه لمهاجمة تلك الحراكات الوطنية بغية ابعادها عن تبني برامج وطنية تتعلق بالتصد لمشروع التسوية الأمريكي والصهيوني الذي ظهرت ملامحه بعد تطورات الوضع في سوريا ، وهو أمر لا توليه بعض القوى اهتمامها لاعتبارات سياسية ومنفعية لاتخدم البلاد ، بل وتعتبره بعضها مثيرا للفتنة على حد إدعاءاتهم .
مثلت تلك " الهيكوبية " خطرا اكبر بكثير من كل أدوات القمع والتنكيل والملاحقة والتضييق والمواجهة التي انتهجها النظام في مواجهة تلك الحراكات والحد من انتشارها وتوسعها ،ونجحت تلك النخب "الهيكوبية "بتعطيل بعض أنشطة واتجاهات الحراك ، واغرقته بدوامة خلافات داخلية وانقسامات وشرذمة يصعب معها معالجة الأمر ،ولن يهدأ لها بال حتى تحقق ما تصبو اليه بإبعاد الحراك عن اداء دوره الوطني والقومي ومحاربة كل مشاريع التسوية والتصفية التي تستهدف الأردن وفلسطين ، ما لم يجري الأتفاق على بلورة برنامج وطني إصلاحي شامل تتفق عليه كل القوى والحراكات ويوحدها في مواجهة حالة التردي التي أصابت بلادنا من جهة ، ومواجهة مشاريع التسوية من جهة أخرى .