27-05-2013 10:08 AM
بقلم : ربحي شعث
في إطلالة مُذاعة على شاشة التلفاز في مكان غير معلوم ظهر أمين عام حزب الله في لبنان حسن نصر الله في خطاب كشف اللعبة والهدف صراحةً وهو ما كان بمثابة طلقة الرحمة على اسطوانة المقاومة ضد الإحتلال الصهيوني. فقد جمع خطابه كل المبررات الجائرة التي لا تحمل أي عقلانية في خوضه الحرب ضد الشعب السوري الصامد ودعمه لآلة القتل التي يتبعها نظام الأسد ضد معارضيه. الأمر الخطير في هذا الخطاب هو اعتباره خطاب طائفي تحريضي دموي بحت إذ اعتبر الأمين العام أن حربه جهادية وحرض رجاله على القتال ووعدهم بالنصر ودعا الفرقاء في لبنان بشكل واضح الذهاب إلى سورية كي يدافعوا عن المعارضة بالإضافة إلى استخدام مغالطات وافتراءات خطيرة وتجاهل متعمد للواقع وحساسية الموقف.
إنه خطاب النصر الأخير في عيد المقاومة الأخير. فقط أسقط الحزب ما تبقى له من عاطفة شعبية قد تمسك بها البعض للرمق الأخير وتحولت المقاومة إلى مقامرة يقامر فيها الحزب بنرد فلسطين وطُويت صفحة التغني بإنجازاته في المقاومة والتحرير في كتب التاريخ الذي سيكفل الزمن القادم تحليلها. لقد أفتى السيد حسن نصر الله بشكل صريح بالقتال ضد الشعب السوري الذي نعته "بالتكفيري" واعتبر أن المجاهدين في القصير أشد خطراً على سوريا ولبنان من إسرائيل ووعد بحماية ظهر الأسد بل تخطى في كلامه العقل والمنطق باعتبار سقوط الأسد هو بمثابة سقوط فلسطين ومقاومتها وهذا التصريح يحتاج إلى شجب وإدانة ورد قوي خاصة من المقاومة الإسلامية في فلسطين المحتلة لهذا التعدي وهذا التقليل من شأن دور المقاومة وصمودها وهي التي أدارت ظهرها لقاتل شعبه ووقفت بصف الشعوب العربية.
لقد جاء الخطاب بعد يوم واحد من تصريحات لرئيس جمهورية لبنان السيد ميشيل سليمان الذي دعا فيه حزب الله عدم التدخل في سورية وقد سبقه مرجعيات شيعية مهمة تستنكر تدخل حزب الله وعلى رأسهم المرجع الشيعي السيد علي الأمين. فإذ بالرد يكون سريعاً بأنه سيتحمل المسؤولية وسيخوض الحرب ضارباً بذلك أمن لبنان واستقرارها واستقلالها عرض الحائط . فهو أيضاً رسالة محرجة للرئاسة وإضعاف صورة الرئيس اللبناني أكثر مفادها أن صاحب القرار في لبنان هو حزب الله.
هذه الحرب التي يخوضها حزب الله هي طائفية بامتياز وتحول صريح في وجهة السلاح وهو المسئول الوحيد عن جر المنطقة إلى حرب إبادة طائفية وهو المسئول عن تأجيج عدم الاستقرار في لبنان وشحن الشعوب العربية طائفياً فهاهي طرابلس تشتعل وضاحية بيروت الجنوبية تُقصف وحدود تركيا ومخيمات الأردن تُخترق, ولابد لنا وللأمة من اتخاذ موقف واضح تجاه الحزب والتصدي له ولأتباعه وواجبنا الديني الشرعي تحريض الأمة على ضرورة الدفاع ضد هذا المخطط الطائفي وهذه الحرب الفاصلة المصيرية في كل مكان, وإن كانت منطقة القصير هي العنوان الأبرز والتي يهاجمها الحزب مدججاً بالآلاف من جنوده مستخدماً جميع الأسلحة المتوسطة والثقيلة.
لقد كشف نصر الله في خطابه اللعبة وكان صريحاً ولم يكن مراوغاً كما في السابق وعلى أئمة وعلماء المسلمين اتخاذ موقف واضح وصارم ضد فتوى نصر الله بالجهاد في سورية ضد المعارضة وخاصة أهل السنة والجماعة حتى لو اضطروا بإعلان فتوى مماثلة دفاعاً عن النفس ولم يعد مقبولاً الصمت مقبولاً وأطفال الأمة ورجالها ونساءها يُذبحون ويُعذبون كل يوم في مجازر فظيعة لم يُقدم عليها العدو الصهيوني نفسه. نحن لسنا بطلاب دم ولسنا أصحاب عقول طائفية ونحب السلام لكن بكرامة. المقاومة لا تقتصر على عدو بل على الأعداء , على من سلب الأرض في فلسطين وسوريا والعراق وغيرها, على من إنتهك حرمات الأمة وأعراضها في أفغانستان وفلسطين والعراق وسورية. نحن أمة عليها أن تتعلم أن الشعارات كانت سبب هزيمتها. وهاهو حزب الله ووليه الإيراني قد أغرقا الأمة في وحل الطائفية ونحن نرفع شعاراً "لا للطائفية" حتى يأتي السكين على رقبة الطفل والطلقة على رأس الرجل.
إن سورية الآن أكثر عرضة للخطر وحزب الله يسير في المنطقة على منحنى خطر في ظل تقاعس عربي وتواطؤ غربي وتدخل إيراني وغزو لحزب الله طائفي ولا نرى أن هناك ولو حتى على المدى البعيد بعد هذا الخطاب أي بصيص أمل في أي حل سلمي- وأي سلمية تلك التي ستدوس على بلد مدمر وأشلاء مئات الآلاف من السوريين- فقد قضى حليف الأسد القوي على التفكير في أي حل غير الحرب وهو بحد ذاته إعلان أن جنيف2 مؤتمر صوري. ونهيب بالأمة أن تنتفض لتدافع عن نفسها وعن أمنها وعن قضيتها الفلسطينية التي حاول و يحاول نظام الأسد وحزب الله خطفها والتلاعب بها وتبرير بها كل الجرائم. انتهت قصة المقاومة وسقطت من يده مفتاح القضية ولا يمكن لفلسطين وشعبها أن يسمحا لأي قاتل أو طائفي أن يعد بتحريرها وللأقصى رب يحميه وثلة مؤمنة ذات عقيدة صحيحة موحدة ستحرره.