27-05-2013 10:08 AM
بقلم : نهى صبح
عندما قرأت اقتراح الدكتور عرفات الزعبي بالكتابة عن حالات الإنتحار أسببابها و دوافعها لدى مرتكبيها باشرت بالبحث عن الأسباب التي تدفع الشباب و الرجال ،الفتيات و النساء لإزهاق أرواحهم و كانت نتيجة البحث نسب مئوية لأعداد المنتحرين ،من بضع سنوات سابقة و حتى الآن، تزايدت تلك النسب و أصبحت أكثر من سابقتها منذ بداية هذا العام ،ولكن ما أدهشني وزاد الحيرة في نفسي لجوء الأطفال ما دون سن الثامنة عشر عاماً للإنتحار ،فلماذا يلجأهذا الطفل الذي لم يذق مر الدنيا بعد للإنتحار ، هل كشرت الدنيا له عن أنيابها مبكراً فلم يحتمل مرَّها فأزهق روحه ليرتاح .
أي مصيبة يتعرض لها الفرد يلجأ سريعاً للإنتحار ؟وهل كان هنالك ضمانة منذ ولادتنا أننا سنحيا برفاهية مطلقة ،من أين نحصل على البطاقة الذهبية التي تؤمن لنا حياة رغدة طوال العمر ؟
هذا سيكون ضرب جنون لو اعتقدت أنك لن تواجه المشاكل في حياتك بل على العكس يجب أن تهيئ نفسك جيداً لتقبل أي صدمة ،و تستعد لمواجهتها ،فالحياة لاتتوقف عند وظيفة لم يحصل عليها الفرد أو عدم القدرة على الزواج من الفتاة التي يحبها أو الشاب الذي تحبه ،أو الفشل في الدراسة ،أو عدم القدرة على اطعام أطفالهم فينهوا حياتهم و يتركوا هؤلاء الأطفال للخالق يطعمهم و يسقيهم فحسب اعتقادهم الله لا يترك أحداً يجوع ،من البداية اتكل على الله و لن يضيعك فلا تكون نهايتك أن تخسر الدنيا و الأخرة .
هل أنهي حياتي لأنني لم أستطع الحصول على شهادة الثانوية ،و مهما كانت قدرة الأنسان متفاوتة فكلٌ منا له موهبة خصّه الله بها ابحث عن موهبتك حتى لو لم تكن من حملة الشهادات العلمية قد تنجح في طريق حرفي أو في موهبة تكتشفها بداخلك و تحبها وتبدع فيها و قد تكون طريق نجاحك و تقدم خدمة للبشرية .
هل نلجأ للانتحار لأننا تخرجنا بتفوق ولم نحصل على الوظيفة المثلى و غيْرُنا ممن كان تقديرهم مقبول و نجح بعد أن أمضى سبع أو ثمان سنوات في الجامعة حتى تخرج، توظف بعدها في أحسن الدوائر الحكومية و أنا من تفوقت جلست في البيت عالة على أهلي ولم أجد وظيفة ولو كانت بسيطة،سأقول لكم إن كنتم تنتظرون وظيفة الحكومة ستفنون عمركم بالإنتظار لكنكم تستطيعون أن تحققوا مالم يستطع غيركم تحقيقه ابحثوا عن ذاتكم في داخلكم و اصنعوا مستقبلكم الذي تريدون فقد تملكون أفكاراً و قدرات لا يملكها غيركم ،وبالتالي فأنتم من سيقرر إن كنتم تستطيعون اجتياز العراقيل التي ستواجهكم في هذه الدنيا أم أن تتوقفوا و تلقوا بأنفسكم من أعلى بناء و بذلك تخلص الحرب التي تشنها عليكم الظروف الصعبة .
أم من أجل حب فاشل كان من البداية كذبة و انتهى نهاية قاسية لم تحتمل الفتاة قسوة النهاية ،فكان الحل لها أن تحرق نفسها ،و تظن أنها بذلك تعاقب ذلك الشاب الذي خدعها ،ولكنها لم تعاقب سوى نفسها ،لماذا هانت علينا أجسادنا هكذا فأزهقنا أرواحنا بسهولة .
أثناء كتابتي لهذا المقال خطرت على بالي صديقة كانت شابة جميلة لكن قصتها حزينة ،هذه الفتاة كانت متزوجة من ابن عمها و أنجبت منه طفلاً ولكنه في يوم فاجأها بأنه تزوج عليها و لم يكتفي بذلك بل طلقها قد تكون مثل أي امرأة شعرت بالإهانة، بالقسوة ،بالغدر من أقرب شخص لها ولكنها تجاوزت المحنة ،و لم يكتفي ذلك الرجل و قام بانتزاع طفلها منها ، لم يعارض أهلها ان تترك تلك الفتاة حضانة ابنها لأنهم ليسو ملزمين بتربية ذلك الطفل و تحمل نفقاته ، عاشت فترة من الإكتئاب الحاد و لكنها كانت أقوى من الظروف استعادت بأسها و بدأت تبحث عن عمل لتستطيع احضار ابنها في حضنها من جديد و تكون قادرة عى تربيته ،في هذه الأثناء تقدم لها رجلٌ آخر ظنت أنه سيعوضها ما قاسته في حياتها تزوجت وسافرت معه إلى الخليج و في يوم مرضت تلك الفتاة فألقاها زوجها في أحد المشافي و غادر دون أن يسأل عنها أو يطمئن على حالها كانت الفتاة تلفظ أنفاسها فظن الجميع أنها ستفارق الحياة كانت تقص لي الحكاية وهي تبتسم و فجأة ضحكت فقلت لها ما يضحكك قالت كان هناك شيخ يقرأ القرآن لإمرأة كانت في السرير المجاور لي و كانت على وشك أن تفارق الحياة فحزن علي ذلك الشيخ واقترب مني وبدأ يقرأ لي سورة (يس) كنت أظن انها آخر شيء ممكن أن أسمعه.
قرر الأطباء أن يجرو لها عملية و كانت هذه العملية عبارة عن انهاء أمومتها مدى الحياة " استئصال الرحم" لتخرج الفتاة من المستشفى وقد دمرت نفسيتها حتى زوجها لم يسأل عنها طوال اقامتها في المشفى ،طلبت منه أن تزور أهلها و وبعد أن تستعيد صحتها تعود ،فأرسلها على أول طائرة ،بعد أن استعادت صحتها فكرت أنها يجب أن تبدأ من جديد و تمحي الماضي بممحاة النجاح فالتحقت بالجامعة و بحثت عن عمل لم يكن عملاَمريحاً لكنها كانت على يقين أنها ستكافأ على صبرها و تحصل على عمل أفضل منه بعد أن تتخرج و بدأت تذاكر و تنفق على نفسها انفصلت عن زوجها الثاني، و التفتت لمستقبلها و أهملت الماضي فعملت بجد لتصنع نفسها و في النهاية تخرجت و بعد فترة وجيزة تقدمت للعمل في أحد رياض الأطفال وبجدها و اجتهادها و إخلاصها في العمل تم ترقيتها لتصبح مديرة تلك الروضة أصبحت قادرة على تفقات ابنها فحصلت على قرار من المحكمة بضم و حضانة ابنها ،كانت فتاة مهملة زوجة تعيسة لا تملك عملاً و لا مالاً فقدت صحتها وبالصبر و الجد و الاجتهاد كل مافقدته عاد لها أصبحت صاحبة منصب و حققت كيانها و استعادت امومتها و شقت طريقها بنجاح .
ليست قصة خيالية بل هي واقعية و بطلتها تعيش في مجتمعنا و قد تقرأ مقالتي هذه و تعلم أنها المعنية فيها ،ولكنني لست بصدد رواية القصص للإستمتاع، كل ما أبحث عنه هو توظيف طاقة الشباب ،وهذه لا تتم إلاّ من خلال العزيمة و البحث الدؤوب في أعماقهم لمعرفة أي المجالات ينطلق ابداعهم ،فالانجاز يتم من خلال الإصرار على تحقيقه ،و الطريق المليء بالصخور يمكننا أن نزيل منه كل يوم صخرة ليصبح طريقاً مرصوفاً يخلو من العراقيل و نستطيع أن نسير فيه بكل راحة فالنجاح نصنعه بأيدينا و الفشل نحن من نسمح له بهزيمتنا ،لا تجعل من حولك يحدد لك مصيرك و تترك نفسك لتكون فريسة بيد الآخرين ،و لا تجعل ضعاف النفوس يقضون على أحلامك ،فهذه رسالتي لكل من ظن أن أحلامه تهدمت لأي سبب كان
اذا وقعت مرة قم و انفض التراب عن ملابسك و سر في طريقك فلن تكون المرة الأولى التي تقع فيها ولن تكون الاخيرة ،فهذه الحياة يكفيك شرفاً أن تعيش فيها متكلاً على الله و ستعبر طريقك حتى النهاية و لكنك هذه المرة ستعبر بنجاح