حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,26 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 34549

مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة

مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة

مبادرة الدولة الديمقراطية الواحدة

27-05-2013 10:16 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : حماده فراعنه
أثارت مبادرة الهيئة التأسيسية للحركة الشعبية للدولة الديمقراطية الواحدة على كامل أرض فلسطين التاريخية، العديد من التساؤلات، أكثر من قدرتها على تقديم إجابة مطمئنة قادرة، عبر العمل والنضال، على إزالة الظلم والعنصرية والاحتلال والتشرد، عن الشعب العربي الفلسطيني، عبر إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بوسائل حضارية مدنية ديمقراطية سلمية، وبهدف إقامة الدولة الديمقراطية الواحدة المشتركة للشعبين، ثنائية القومية، متعددة الديانات وتحتكم لنتائج صناديق الاقتراع.
مبادرة الهيئة التأسيسية، وإشهار وجودها في رام الله، وتشكلها من عدد من الشخصيات السياسية والأكاديمية، يوم 15 أيار 2013، كمشروع سياسي يهدف إلى إقامة الدولة الديمقراطية الواحدة على كامل أرض فلسطين، أفهمه كمشروع مشترك للشعبين، يشكل 1- نقيضاً للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي (الصهيوني) الذي سبّب الصراع الدامي بين الطرفين، وفرض العنصرية في مناطق 48 والاحتلال في مناطق 67 والتشرد للاجئين ، و2- بديلاً لحل الدولتين، الذي فشل، للآن، بسبب انسداد الأفق السياسي وتعثر المفاوضات، رغم القبول الفلسطيني بمشروع حل الدولتين غير المنصف جغرافياً ( 78 بالمئة لإسرائيل و 22 بالمئة لفلسطين )، إلا أن إسرائيل أفشلت هذا الخيار على الأرض وأصبح من غير الممكن تطبيقه وتحقيقه كما خلص إلى القول أصحاب البيان المتضمن مبادرتهم السياسية وهيئتهم التأسيسية لإقامة الدولة الديمقراطية الواحدة.
تساؤلات عديدة، تفرض نفسها للمتابع والمهتم، وأنا واحد منهم، على أصحاب المبادرة القيمة والشجاعة كي يقدموا إجابات تسمح بوضع قطارهم على السكة الصحيحة الموصلة إلى الهدف المرجو، وكي تكون مبادرتهم، رافعة معنوية وسياسة، وأداة واقعية للشعب الفلسطيني، ليرفع من طموحاته وتطلعاته، من مستوى دولة متواضعة تقوم على 22 بالمئة من خارطة فلسطين، إلى مستوى دولة على كامل أرض فلسطين، يكون شريكاً بها على قاعدة الند والمساواة وتكافؤ الفرص بين الشعبين.
فإذا كان خيار حل الدولتين، الذي حظي بالقبول الفلسطيني، قد أفشلته إسرائيل على الأرض بالتوسع والاستيطان والضم، وأصبح من غير الممكن تطبيقه، فهل ستسمح إسرائيل بنجاح خطوات الوصول إلى الدولة الديمقراطية الواحدة للشعبين ؟؟ .
وإذا أخفقت الحركة الوطنية الفلسطينية، للآن، على تحقيق الانتصار على إسرائيل بفرض حل الدولتين وتطبيقه، فهل تستطيع الحركة الوطنية الفلسطينية، إذا استجابت لمنطق مبادرة الدولة الواحدة، هزيمة المشروع الصهيوني الإسرائيلي الاستعماري العنصري، وتحقيق الانتصار، بفرض حل الدولة الديمقراطية الواحدة، ثنائية القومية، متعددة الديانات ؟؟ .
أسئلة مشروعة، كمقدمة، ليست نهائية، أطرحها برسم الإجابة على الأخ راضي الجراعي، وأعضاء الهيئة التأسيسية، من قبلي، وأنا مؤمن بالحل الديمقراطي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولدي انحياز لخيار الدولة الديمقراطية الواحدة، ثنائية القومية، متعددة الديانات، ولذلك فالمنطلق للتعامل مع مشروع الحركة، منطلق إيجابي، باعتبارها محاولة في البحث عن ملاذ يوفر الإمكانية لإزالة الظلم والاحتلال والعنصرية والتشرد عن شعبنا الفلسطيني، ومبادرة شجاعة تستحق التوقف، مثلما تستحق التقدير.
ولكن على الرغم من المحاولة التي أفترض أنها جادة، من قبل الهيئة التأسيسية، إلا أنها تفتقد إلى الحد الأدنى من الإجابات الواقعية، لتشكل المبادرة وبرنامجها وهيئتها التأسيسية بديلاً فلسطينياً وإسرائيلياً مشتركاً، لما هو قائم لدى الشعبين، ولدى حركتيهما السياسيتين.
فالحركة تشي بأنها تنظيم فلسطيني من خلال مكوناتها، وإذا كانت كذلك طالما أن الذي بادر إليها وشكلها هم فقط من الكوادر الفلسطينية، ولا تضم، وربما لم تستطع أن تضم لصفوفها للآن أي إسرائيلي، فما هي الإضافة النوعية التي تقدمها الحركة للشعب الفلسطيني، خاصة وأن هناك ثلاثة فصائل رئيسية فلسطينية هي فتح والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية تؤمن بالحل المرحلي (حل الدولتين) على طريق الحل النهائي والإستراتيجي المتمثل بحل الدولة الديمقراطية الواحدة ؟؟.
وإذا لم تكن كذلك، أي أنها ليست فصيلا فلسطينيا جديدا، فهل هي ائتلاف سياسي جديد بديل للائتلاف الوطني الذي يقود منظمة التحرير باعتبارها ممثلا الحل المرحلي وأداته لإقامة الدولة الفلسطينية على قاعدة حل الدولتين، أقول ذلك بسبب ما أورده أصحاب المبادرة بقولهم إن أعضاءه ينتمون لعدة فصائل فلسطينية، أي أنهم لم يتركوا فصائلهم رغم خلافاتهم معها حول الحل، حيث أن الفصائل ما زالت متمسكة بالحل المرحلي، حل الدولتين، وهؤلاء الذين ينتمون لعدة فصائل يرجحون حل الدولة الواحدة بعد فشل سياسة وبرنامج وفصائل حل الدولتين ؟؟ .
ويؤكد الأخ الجراعي أن هذه الحركة تتواصل مع مجموعات " يهود ضد الصهيونية " في عدة مدن من مناطق الاحتلال الأولى العام 1948، فلماذا لا يكون هؤلاء شركاء علناً وبوضوح، منذ اليوم الأول، ومنذ الخطوة الأولى في الحركة، لتكون الحركة حقاً، ولأول مرة فصيلا فلسطينيا إسرائيليا واحدا على جانبي المتاريس وخارقا للجدار، وقافزاً عن الكراهية المتبادلة، يمثل الشعبين وبرنامجهما المشترك المعلن لرفض المشروع الاستعماري التوسعي الصهيوني العنصري، والانحياز للمشروع الديمقراطي الفلسطيني الإسرائيلي المشترك، وحل الصراع بأدوات من التفاهم والحوار على أساس الندية والتكافؤ والمساواة، بعد أن تحولت فلسطين إلى وطن للشعبين، وبات من المتعذر ومن غير المقبول، تصفية أحدهما للآخر وفشل كل منهما في إنهاء وجود الآخر ؟؟ .
ومثلما تحتاج الحركة الشعبية للدولة الديمقراطية الواحدة، لشركاء إسرائيليين حتى تملك مصداقيتها وتمثيلها، وتعكس مصالح وتطلعات الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، أستغرب أن تتحدث الحركة على أنها تتواصل مع مجموعات يهودية في دول أوروبا، للعمل على انتشارها، فلماذا هذا التواصل ؟؟ وماذا يعني ذلك ؟؟ ولماذا اليهود في أوروبا وأميركا ؟؟ إن هذا التواصل يعني أن إسرائيل هي دولة يهود العالم مع أن هؤلاء اليهود وإن كان قطاع واسع منهم يدعم إسرائيل، ولكنهم لم يتجاوبوا مع الصهيونية ولم يرحلوا إلى فلسطين، ولذلك على أصحاب المبادرة عدم الهروب من واقعهم الفلسطيني على الأرض بضرورة وجود شريك إسرائيلي معهم، وعدم التطلع لتوسيع حجم طموحهم نحو يهود العالم لأن "الذي يكبر حجره لا يصيب هدفه"، ولذلك ليبقى الجهد والعمل والاهتمام منصباً على فلسطين، وداخل فلسطين، والعمل على اختراق جدارات العزلة والأحادية التي فرضها الصراع على الشعبين ومكوناتهما، والعمل على كسب انحيازات إسرائيلية، ترفض المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وتشارك مع الفلسطينيين عدالة قضيتهم وتطلعاتهم نحو المستقبل المشترك للشعبين على الأرض الواحدة، كما يفعل الحزب الشيوعي الإسرائيلي بوضوح وشجاعة نادرة.
على أرض فلسطين، الصراع، وأدواته الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، وهما أصحاب الحل ولمصلحتهما الحل، أما العوامل الخارجية العربية والإسلامية والمسيحية واليهودية والأوروبية والأميركية، فهي عوامل مساندة لهذا الطرف أو ذاك، من طرفي الصراع على الأرض والمواجهان لبعضهما البعض.
مبادرة الحركة الشعبية للدولة الديمقراطية الواحدة، بدون شراكة إسرائيلية معلنة وواضحة في صفوفها، في الهيئة والبرنامج وفي المبادرة والتطلعات كما هو أوري ديفز في المجلس الثوري لحركة فتح، وكما هي الشراكة من قبل الشعبين داخل صفوف الحزب الشيوعي الإسرائيلي، بدون ذلك، بدون هذه الشراكة الفلسطينية الإسرائيلية تكون المبادرة ناقصة ومستعجلة، ومثل العريس الذي قطع نصف الشوط نحو الوصول إلى مشروع الزواج، فقد أقنع نفسه وأهله بمشروعه، ولكنه ينتظر موافقة العروس وأهلها على مشروعه بالشراكة والزواج.
الجملة المفيدة في مشروع الهيئة التأسيسية للدولة الديمقراطية الواحدة، تتمثل بتوجه الحركة للجمهور الإسرائيلي لإقناعه أن هذا الحل هو الكفيل بإنهاء الصراع وتوفير حياة كريمة وديمقراطية للطرفين المتصارعين، للإسرائيليين والفلسطينيين على السواء، وهي الجملة التي تحتاج لبرنامج ومبادرة وأدوات للعمل كي تفلح في اختراق المجتمع الإسرائيلي وكسب انحيازات من بين صفوفه لصالح مشروع الدولة الديمقراطية الواحدة.
h.faraneh@yahoo.com













طباعة
  • المشاهدات: 34549
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم