01-06-2013 09:46 AM
بقلم : أيمن موسى الشبول
لو سألنا جميع الوزراء ورؤساء الوزارات الأردنيين السابقين عن رأيهم برئيس الوزراء الاردني الأسبق الشهيد : وصفي التل ـ فلا شك بأنهم جمعيا” سيشيدون بمناقب الشهيد ومآثره وسيقولون : ( إن وصفي التل هو بطل اردني ورجل المواقف الصادقة كان انسان خلوق ومثالي عاش للوطن وجاهد لأجل عروبة الوطن وكرامته ثم استشهد بعد ذلك دفاعا” عن مستقبل هذا الوطن وعن القيم الفاضلة والمبادئ النبيلة والتي آمن وعمل بها ... ثم لو وجهنا لهؤلاء سؤال آخر بعد ذلك وهو : هل أنتم ـ فعلا”ـ مؤمنون بنهج الشهيد وصفي التل ؟ لسارعوا جميعا” وقالوا : ـ طبعا” ـ نحن نؤمن به لإن الشهيد وصفي التل كان مدرسة” ونبراسا” يجب أن يحتذي به جميع الاردنيين ... أعتقد بأن هذه ستكون خلاصة اجاباتهم العلنية والسريعة على تلك الأسئلة المطروحة ... ولكن لو تفحصنا واقعهم وأداءهم لوجدناه يناقض تماما” كل ما يقولون وكل ما يدعون ... فأغلب هؤلاء كان قد اتخذ من المنصب ومن الوزارة مغنما له ولأبناءه ومعارفه وأقاربه وكان في سباق دآئم مع الزمن لئلا يفوته القطر فلا يحقق كامل طموحاته وأمانيه الشخصية وأحلامه الوردية ومصالحه الآنية ومصالح أقرباءه وجميع معارفه حتى لو تلاقت تلك المصالح مع مصالح أعداء الوطن وأعداء الأمة المتربصين بمستقبله وبمستقبل أبناءه ... بينما كان الشهيد وصفي التل يفنى جهده وحياته لأجل رفعة الوطن وقد جابه الصعاب وخاض المحن كي يجلب الأمن والأستقرار والعزة لهذا الوطن وعمل لتحقيق طموحات الأردنيين وطموحات الأمة العربية حتى دفع حياته ثمنا” لتلك المبادئ الراسخة والقيم الثابتة ...
ولكن لو نظرنا إلى واقع أغلب من تقلدوا المناصب العليا في هذا البلد لوجدناهم قد تركوا المناصب وهم أثرياء وأصحاب شركات ومؤسسات وملايين ومليارات بعد أن ياعوا مقدرات الوطن بثمن بخس„ وغادروه وهو يعاني العجز ويصارع المشاكل والهموم التي تزداد ولا تنتهي عداك عن ديون تنمو وتربو في كل يوم وساعة حتى وصلت إلى ما يقارب الخمسة وعشرين مليار دولار ... ولكن نجد بأن الشهيد وصفي التل كان قد فارق الحياة وترك المنصب وعليه من الديون الشخصية تسعين الف دينار اردني بينما كان الأردن في ذلك الوقت بلا ديون ...
عندما نتلو آيات وكتاب الله فهذا شيء حسن وجميل ولكن الأجمل والأكمل والأحسن من كل ذلك عندما نطبق ولو آية واحدة مما نقرأه ونتلوه ... عندما يتغنى الأنسان بنهج الكرماء والأوفياء والأتقياء والأبطال والصادقين فهذا شيء جميل ولكن الأجمل والأكمل والأصدق إن حاول هذا الانسان ولو لمرة واحدة في حياته بأن يتأسى بمن تغنى بهم وأن يتمثل بنهجهم ومبادئهم بعد أن أشاد طويلا” بهم ...
إن واقع الأردن وواقع الأمة العربية قد تردى حين تردت النفوس وعندما ذهب الصدق وحل مكانه النفاق والدجل وحين أصبحت الكرامة لدى الكثيرين مجرد كلمات تقال وحين أصبحت المبادئ والانتماء مجرد وشعارات واغنيات ترددها الحناجر في المناسبات ...
عندما رددت الجموع الغفيرة في الميادين العامة : الشعب يريد مكافحة الفساد ... فكر الفاسدون في طريقة يطمسون فيها الحقائق ويخلطون فيها الأوراق ويلعبون فيها بذاكرة الناس فأسسوا محطاتهم الفضائية وجمعياتهم الخيرية واحزابهم ذات الشعارات البراقة ثم نزلوا بين تلك الجموع ليرددوا بصوت أقوى من صوت الجميع : الشعب يريد اجتثاث الفساد ... الشعب يريد إجتثاث الفساد ...
إنه زمان النفاق والمظاهر والتظاهر والكلمات الخاوية إنه زمان النفوس المهترئة والشعارات الجوفاء والكذب الممنهج ... إنه زمان سيطرة المادة والتي خلطت الحابل بالنابل والكاذب بالصادق والغشاش بالأمين ... فلا غرابة اليوم عندما نرى الفاسد يتقدم الجموع ليحاضر في الناس مقدما رؤيته ـ الثاقبة ـ وحلوله ـ الناجعة ـ للقضاء على الفساد الى أن يختم مرددا : الشعب يريد اجتثاث الفساد ...
ولا غرابة إن وجدنا المستهترين بجميع الأنظمة والمتجاوزين لكل القوانين التي تنظم حياة الشعوب ينادون مع الجموع الغفيرة في الميادين العامة : الشعب يريد إصلاح النظام ...
وأخيرا” وللتذكير فقط فإن اولئك الوصوليين الذين قدموا للعراق العربي برفقة المحتل الأجنبي ثم ناصروه وعاونوه لتدمير بلدهم وقتل شعبهم في سبيل تحقيق غايتهم في الوصول الى كرسي الحكم كانوا قد استبدلوا النشيد الوطني العراقي القديم بنشيد : موطني ... موطني ... هل أراك في علاك قاهرا عداك ... موطني