06-06-2013 08:26 PM
بقلم : الاستاذ أيمن صوافطة
بسم الله مالك الأرض وما عليها, الذي علّم وبيّن لنا الحق من الباطل ...
والصلاة والسلام على رسوله الأمين , مُحذر امته من شر الفتن والبلايا والقلاقل ...
والويل والخسارة , لمن دسَّ اصبعيه في اذنيه لكي لا يسمع كلام ربه , ورسوله ما هو قائل ...
فأما بعد:
اخوتي المسلمين في الأردن والشام خاصة وفي كل بقاع الأرض عامة , لا استطيع وأنا أرى "ما حصل ويحصل وما قد يحصل" لنا في هذه الأيام الخداعات , التي يُكَذب فيها الصادقين والصادقات , ويُصدَق في الكاذبين والكاذبات , ويتحدّث فيها التافهين الرويبضات!! ...
... نعم: في هذه الأيام التي نبذَ فيها كثير مِن أهل العواطف والهوى "أدعياء الإسلامية والوطنية والإصلاح المزعوم" بوصلتهم الإصلاحية التي ورثوها عن خير البشرية محمد (صلى الله عليه وسلم) , واستبدلوها ببوصلات شرقية وغربية, وكأن الله قد ارسل لنا نبيه (صلى الله عليه وسلم) عبثاً دون اتبـــاع, لنتركه ونسير خلف التثويريين المجعجعين الرعـــاع!!
... لا يسعني إلا أن أستل قلمي لأدق لكم ناقوس خطر عظيم داهـــم , لا يدفعه إن وقع – لا قدّر الله - ملايين ولا مليارات الرجال والدراهـــم , وهذا ما سأقوله لكي لا يبقى بيننا عاطفي ذو هوى ولا مُكابر واهـِـــــم!!
اقول لكم أحبتي والله من وراء القصد "وأنا حريص عليكم وعلى أمتنا وأوطاننا" , بإن البلاء الذي تعانيه هذه الأمة الإسلامية العظيمة لبلاء عظيـــم , وأن الخطب الذي يعصف بهذه الأمة المُحمدية الطاهرة هو خطب جلل جسيـــم , وأن الفساد الذي نغرق به لأعناقنا ونحاربه بقتل ذاتنا هو داء مُــر سقيـــم!!
ومع هذا كله , ها نحن "بلا عقل ولا رشد" قد أصبحنا نجلد أنفسنا "بإصلاحي شوارع يتعاركون ويحرقون ويتظاهرون" , وأصبحنا نتجرع كؤوس خراب ودمار وخوف وذل ورعب من أبناء جلدتنا لا غيرهم وأعدائنا وبغالهم "الروافض" يترقبوننا ويرقصون ويتلذذون!!
وكل هذه المصائب والمخاطر والله لم تكن لتقع لولا "خطايانـــا ومعاصينـــا" , واستبدال هدى علمائنا وحكمائنا وكبرائنا , بجهل وهوى أراذلنا وجهلائنا وأصاغرنا ومهرجينـــا !!
فما نعانيه "في كل الأمة" في هذا الزمان من (الغلاء , والوباء , والجور , والفساد , والظلم , والإستبداد , والفقر , والضنك وغيرها من البلايا والرزايا") , إنما هو والله ثمرات لبذار قد غرسناها في أراضينـــا , وسقيناها بخطايانا وبدعنا ومعاصينـــا , وقطفناها بمناجلنا وأصابعنا وأيدينـــا!!
- ألا نعلم: هدانا الله القائل : (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) , بأن الجزاء من جنس العمل؟!
"فالعمــــــل" السيء المخزي الذي نراه عند كثير من أبناء امتنا من (شرك , وبدع , وزنا , وربا , وكذب , وسرقة , ولواط , وسحاق , وقتل , وظلم , وعقوق , وغيبة , ونميمة , وشهادة زور , وكراهية , وأقليمية , وعنصرية , و و و ...) __ ... حتماً سيكون "جــــزاؤه" من عند الله (فساد ومفسدين , وظلم وظالمين , وغلاء , ووباء , وفقر , وجور , واستبداد , وضنك العيش وبلايا ورزايا)؟!
- ألا نعلم : هدانا الله القائل : (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) , بأن تغيير سوء الأحوال يجب أن يبدأ بتغير الذات والنفس والحال؟!
"فما في انفسنا" من اتباع للشيطان والكبائر والمعاصي والهوى , هو من قادنا إلى ما نعانيه مما لا نحب ونرضى.
- ألا نعلم : فهّمنا الله القائل : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) , بأن الاستخلاف في الأرض يجب أن يسبقه الإستخلاف في النفس والأهل والبيت؟!
"فكيف نريد أن يستخلفنا الله في الأرض وأن يُمكن لنا وأن يُؤمِننا بَدَل خوفنا" في الوقت الذي لم نقم نحن بطاعة الله الرحمن بما ورد في السنة والقرآن؟!! هل نريد قطف ثمار السعادة الحلـــوة , وقد زرعنا في صفحات أعمالنا اشواك المعاصي والكبائر المريـــرة المُـــرة؟!
- ألا نعلم : هدانا الله القائل : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ) , بأن الإعراض عن الله ودينه ثمرته عذابه في الدنيا والآخرة؟!
"فضنك العيش" الذي نعانيه ما هو إلا عقوبة دنيوية عاجلة أنزلها الله علينا بسبب الإعراض عن ذكره "أي لمخالفة ونسيان أمره ودينه" , والعقوبة الآجلة ستكون في يوم القيامة أشد وأمر , وبأن يحشر المُعرِض والعياذ بالله أعمى؟!
فما مِن شيء يقع علينا – سواءاً أكان خيراً أم شراً- إلا مِن عند الله !! ... وما هو والله إلا نتيجة لأعمالنا (الصالحة وغير الصالحة) __ فإن كانت أعمالنا طيبات صالحـــات , بسط الله لنا السعادة والخير والرزق وحقق لنا الأماني والأمنيـــات!! وإن كانت اعمالنا فاضحـــات سيئـــات - كما هو حالنا الآن - , عاقبنا الله بأشد الظروف والعقوبـــات!!
فلا نظنن بأن ما نعانيه في كل قطر اسلامي بسبب ظلم سلطان أو حكومة أو مسؤول أو غيره , فما هي والله إلا بسبب ظلمنا لأنفسنا , ولإبتعادنا عن اتباع كتاب ربنا وسنة نبينا (صلى الله عليه وسلم)!!
فلا المظاهرات اخوتي الأحبة , ولا العنف الجامعي ولا المجتمعي سيحل مشاكلنا , بل ما سيحل مشاكلنا هو الرجوع إلى الله في كل شؤوننا , ويجب علينا أن لا نعلق ثمرة ما كسبت ايدينا من الآثام والمعاصي على رقاب السلاطين والمسؤولين!! فالسلطان والمسؤوول لم يأمرنا بإتباع المعصيات ولا بالبدعة ولا بالأعمال المشينات القبيحات.
بناءاً على ما تقدم أقول : فليراجع كل واحد منا نفسه !! وليحاسب نفسه !! وليسأل كل واحد نفسه : هل علاقتي مع الله صحيحة ؟!! هل صحت عقيدتي , ومنهجي , وأخلاقي , وعباداتي , وسلوكياتي , وجميع اعمالي , تجاه "نفسي وأهل بيتي ومجتمعي" ؟!! ___ فإن كان الجواب نعم , فلأصلح غيري باللطف والحكمة والموعظة الحسنة !! ___ وإن كان الجواب لا , فأبدأ بإصلاح نفسي والأقربين الأولى فالأولى. __ فإن صلحت الذات والعائلة , صلح الحي والمدينة والمجتمع والأمة , وأصلح الله لنا امورنا , __ ولكن إن فسدت الذات والعائلة , فسد الحي والمدينة والمجتمع والأمة , وسلط الله عندها علينا بذنوبنا وبُعدنا عنه بذنوبنا , مَن لا يخافه فينا ولا يرحمنا!!
فالعودة العودة عباد اللـــه , إلى ما يحبه ربكم ويرضـــاه , فلا منجي لكم من كربكم غير اللـــه, ولن ينفعكم لا اعتصامات ولا مظاهرات ولا أحد ســـواه!! فالموت قريب , والقبر ينادي , والفرصة موجودة. (( فإن فاتت الفرصة لن ينفع عندها النــــــدم , فالمرء يُهان بالمعصية ويرتفع بطاعة ربه إلى أعلى القمــــــم !! ))
والله من وراء القصد , فاللهم اشهد اني قد بلغت , اللهم اشهد
وصلي اللهم وسلم وبارك على حبيبك وحبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه اجمعين.
كتبه : العبد الفقير إلى الله
اخوكم : (الاستاذ : ايمن صوافطة)
ayman.sawafta@gmail.com