حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,26 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 28107

الأردن في قلب العاصفة

الأردن في قلب العاصفة

الأردن في قلب العاصفة

10-06-2013 09:46 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : حماده فراعنه
لم يكن الأردن، ولن يكون، خارج دائرة فعل الحراك الاحتجاجي، والنشاط الجماهيري والحزبي والنقابي، المعارض للسياسات الرسمية المحلية، الاقتصادية والاجتماعية، مثلما لم يكن ولن يكون، خارج تأثير موجة الربيع العربي، وآثاره التراكمية الممتدة، التي بدأت من تونس وتواصلت موجاتها، وسار قطارها نحو مصر وليبيا واليمن وتوقف في المحطة السورية، وما زالت آثارها وتبعاتها تتفاعل هنا وهناك، بهذا الشكل أو ذاك، لسبب جوهري مفاده تماثل العوامل الدافعة والمحفزة للثورة والاحتجاج والمعارضة، لأنظمة الحكم العربية، الملكية منها والجمهورية، معلنة رفضها ومعارضتها ضد أنظمة العائلة والفرد والقائد والزعيم واللون والحزب الواحد، والقومية والطائفة الواحدة، ومخلفاتها الثلاثة:
أولاً : غياب معايير الاستقلال وسيادته، والرضوخ للمصالح الأجنبية على حساب المصالح الوطنية والحيوية لشعوبنا العربية، ولا زالت الجيوش الأجنبية وأجهزتها وقواعدها واتفاقاتها المجحفة تتحكم بمسار النظام العربي، مخلفة المديونية والعجز في الموازنة وتلقي المساعدات المشروطة، الأميركية الأوروبية، لبعض الأنظمة، وللحماية العسكرية والأمنية لأنظمة أخرى، وهكذا يبقى يتصدر النظام العربي، وجود الاحتلالات في فلسطين وسورية والعراق وجنوب لبنان، والقواعد في بلدان الخليج العربي، والاتفاقات الملزمة مع الأردن ومصر واليمن وجيبوتي وغيرها.
ثانياً: غياب الديمقراطية والتعددية وعدم الاحتكام إلى صناديق الاقتراع وتداول السلطة وفق إفرازات الانتخابات ونتائجها.
ثالثاً: غياب العدالة الاجتماعية، وتدني الخدمات التعليمية والصحية والإسكانية والمواصلات، وسوء توزيع الثروة والتنمية، ما يزيد من حالة الإفقار وحدة التقاطب الاجتماعي والطبقي واتساع الفجوة بين الشرائح، مخلفة الصراع والتصادم واللجوء إلى العنف، ومقابل ذلك وضوح الرؤية لدى مطالب المحتجين وأدواتهم وأحزابهم وفعالياتهم وتطلعاتهم، من أجل :
- أنظمة جمهورية ذات رؤساء منتخبين.
- وأنظمة ملكية ذا حكومات برلمانية حزبية.
وفي هذا السياق، لم يكن الأردن، نظاماً وشعباً وحركة سياسية واحتجاجية خارج هذا الإطار، وطريقه وأهدافه، ولكن الأردن الذي تأثر من عاملي الحراك الاحتجاجي الداخلي وثورة الربيع العربي، بقي في مأمن من التأثيرات السلبية المدمرة، كما حصل في البلدان العربية المجاورة أو الشقيقة، وخرج من عنق الزجاجة المكبوتة، ومسارها الإجباري وفق التوقعات، وبدلاً من الخراب والدمار والنزوع نحو التغيير المدمر، حقق نتائج إيجابية معقولة ومتوازنة، لأسباب عديدة يمكن إجمالها بما يلي :
أولاً: ضعف المعارضة وتفتتها وعدم وحدتها وانقسامها إلى ثلاثة عناوين لم تكن موحدة في المواقف والأولويات، بل ومتعارضة مع بعضها البعض، كما حصل من موقفها مثلاً من المشاركة في لجنة الحوار الوطني، أو الموقف من المشاركة في الانتخابات البرلمانية أو عدمها، أو غيرها من العناوين السياسية والنقابية وفعالياتها المختلفة التي لم تكن موحدة بين الأطراف الثلاثة وهي 1- حركة الإخوان المسلمين ومن يتبعها، 2- الأحزاب القومية واليسارية ومن يؤيدها، 3- الحراك الشبابي المتحمس الذي توهم أنه بديل للمعسكرين التقليديين : معسكر الإخوان المسلمين ومعسكر القوى اليسارية والقومية.
وحصيلة ذلك عاملان مهمان هما أولاً، أن الحراك بقي غير موحد، وثانياً، أن الحراك لم يستطع أن يشكل عنواناً جاذباً وبرنامجاً موحداً للأردنيين واقتصر نشاطه على الحزبيين ومن يساندهم، ولذلك كانت نتيجة تأثيره وقوة ضغطه على صانع القرار محدوداً، بمحدودية أفعاله وتأثيره، وضعف تفاعل الأردنيين مع نشاطاته .
ثانياً: خشية غالبية الأردنيين من الآثار المدمرة للربيع العربي، كما حصل في ليبيا، وكما يجري حالياً في سورية، وكما سبق وحصل للعراق، ولا يزال، فالأردنيون يتوسلون الإصلاح والتغيير، ولكن غالبيتهم لا تقبل أي خطوات أو مظاهر تؤدي إلى العنف والصدام كما حصل في معان مثلاً، ولهذا كانوا مترددين من التجاوب مع الحراكات ونشاطاتها وأجندتها، رغم تأييدهم للإصلاح والتغيير الديمقراطي التدريجي.
ثالثاً: توظيف نتائج الربيع العربي لمصلحة حركة الإخوان المسلمين، شكل حالة من اليقظة الجماهيرية في مواجهة أشكال الهيمنة والتسلط من قبل حركة الإخوان المسلمين ومحاولات تفردهم بالسلطة، كما حصل في قطاع غزة ومصر وتونس، وعدم التجاوب معهم أردنياً، بل وإظهار المعارضة والتصدي لهم في العديد من المواقع والنشاطات.
رابعاً: استجابة القيادة الأردنية لمتطلبات التغيير، وعدم التصادم مع مطالب المحتجين ومحاولة استيعابهم وإظهار التجاوب معهم، حيث وعى صاحب القرار رسالة التغيير التي تجتاح العالم العربي، فتحدث رأس الدولة جلالة الملك عن الملكية الدستورية، والحكومات البرلمانية والحزبية، وغيرها من المفردات والمفاهيم التي كان الحديث عنها محرماً، في الماضي، وتم ذلك بشكل عملي ورسمي باتجاهين أولهما بالتعديلات الدستورية التي طالت ثلث مواد الدستور، وثانيهما قانون الانتخابات الذي أعطى الانتخاب على أساس قوائم وطنية والإشراف لهيئة مستقلة، والاحتكام إلى المحاكم للتظلم من التجاوزات أو نتائج الانتخابات.
ومع ذلك ونزولاً عند مطالب الأحزاب والرأي العام وصف رأس الدولة هذه التعديلات الدستورية "أنها ليست نهائية " أي يمكن إجراء المزيد من التعديلات على مواد الدستور، ووصف قانون الانتخاب على أنه "ليس مثالياً وغير نموذجي"، وهو على جدول أعمال التشريع في مجلس النواب الحالي.
الأردن ما زال في قلب عملية التغيير، لم يخرج منها، وإن كان قد جنّب نفسه من التفجير والعنف والصدام، ولكن الأغلبية الأردنية، سواء من قبل رأس الدولة، أو من قبل الاتجاهات اليسارية والقومية والليبرالية، تؤمن بالتدرج والمرحلية لعملية التغيير والإصلاح وصولاً لنظام نيابي ملكي، تقوده حكومات برلمانية حزبية، نتاج صناديق الاقتراع وإفرازاتها، رغم المعيقات وقوى الشد العكسي التي لا تريد التغيير ولا تسعى له، وتقف ضده، ولذلك يمكن اختصار عناوين هذه القوى باتجاهين الأول القوى المحافظة الرجعية، قوى التخلف والشد العكسي، والثاني حركة الإخوان المسلمين كحزب سياسي لا يؤمن بالتعددية، ولا يحترمها ولا يقر مظاهرها سواء كانت دينية أو قومية أو فكرية أو حزبية سياسية.
h.faraneh@yahoo.com













طباعة
  • المشاهدات: 28107
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم