10-06-2013 11:37 PM
سرايا - سرايا - رأى محللون الاثنين أن رئيس الوزراء التركي اختار في مواجهة التظاهرات المناوئة لسلطته منذ أحد عشر يومًا، لعب دور الضحية، الذي نجح فيه في ما مضى، لكن هذا الدور يبدو اليوم مبتذلًا، ويترجم فزعه، خصوصًا حين وصف المتظاهرين بالرعاع.
في يوم ماراتوني الأحد احيا خلاله ستة تجمعات على الاقل، وعد اردوغان انصاره بانه سيصمد امام "الرعاع" و"المتطرفين" الاخرين الذين يطالبون باستقالته. واكد امام الحشد الذي كان يهتف "تركيا فخورة بك"، ان "الامة حملتنا الى الحكم وهي وحدها ستخرجنا منه".
كذلك قارن رئيس الوزراء الاسلامي المحافظ ايضا بين الاضطرابات الحالية والحقبة التي كان يتدخل فيها الجيش بصفته حارسًا للمؤسسات العلمانية في الحياة السياسية التركية (اطاح باربع حكومات بين 1960 و1997).
وقال الاحد في مطار انقرة "اننا اليوم في وضع (شبيه) بـ27 نيسان/ابريل 2007". وكان يلمح بذلك الى امر اصدرته هيئة الاركان التي هددت الحكومة بالتدخل، ان لم تتقيد بمبدأ العلمانية، ثم حركت تظاهرات عملاقة مناهضة للحكم. وقد عاقب الناخبون ذلك التدخل للعسكر في الانتخابات التشريعية، التي جرت في تموز/يوليو 2007، وحصل فيها حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه اردوغان على 47% من الاصوات.
ورقة الشهيد
وقالت امبرين زمان كاتبة المقالات المعروفة في صحيفة طرف الليبرالية "ان اردوغان يلعب ورقة الشهيد. لقد نجح هذا الامر معه على الدوام في الماضي". واضافت "انه يصوّر نفسه ضحية قوى ظلامية مزعومة تحاول اضعافه وتريد اغراق تركيا مجددا في الايام الحالكة".
ويزمع رئيس الحكومة جني فوائد ضربته السياسية في الانتخابات البلدية المرتقبة في اذار/مارس 2014 وكذلك في الانتخابات الرئاسية التي ستجري على الارجح في اب/اغسطس من السنة نفسها، ويتوقع ترشحه فيها.
لكن هذه المرة ربما يكون اردوغان متأخرًا عن المعركة برأي زمان، سيما وانه هو نفسه الذي قام بتحجيم الجيش والمؤسسات المؤيدة للعلمانية في السنوات الاخيرة مع المحاكمات المدوية بتهة التآمر.
وقالت المحللة "عندما ننظر الى المتظاهرين يبدو امرًا مضحكا تعريفهم كما يفعل (اردوغان) ان الحديث عن حكومة منتخبة ديموقراطيا امام انقلابيين مزعومين حجة غير مقنعة".
واستطرد جنكيز اكتر المحلل السياسي في جامعة بهتشي شهير في اسطنبول قائلًا "ان اردوغان لا يملك اي قدرة على فهم ما يجري حاليا". فهو لا يفهم برأي اكتر هذه الحركة العفوية المنبثقة من الطبقات الوسطى والمثقفة في المدن الكبرى، التي ترفض تسلطه، لانه "لم يعرف مطلقا اي احتجاج مماثل. فحتى الان كانت حركة الاحتجاج تقليدية لانصار سياسة (مصطفى كمال) اتاتورك"، اي النخبة الحاكمة التي تدافع بشراسة عن صلاحياتها في وجه الطبقة الصاعدة المتمثلة بحزب العدالة والتنمية.
أبعد من فهم خاطئ
واعتبرت مراي ميرت المحللة السياسية في جامعة اسطنبول ان موقف رئيس الوزراء يذهب ابعد من فهم خاطئ للوضع ويترجم ارتباكا حقيقيا.
وساقت الجامعية ادلة على ذلك اشارات اردوغان أخيرا الى رئيسي الوزراء الليبراليين السابقين عدنان مندريس، الذي شنق عقب انقلاب عسكري في العام 1960 وتورغوت اوزال، الذي ادت وفاته المشبوهة في 1993 الى فتح تحقيق بشأن احتمال تسميمه.
وقال رئيس الحكومة في الثالث من حزيران/يونيو "حدثت امور كثيرة في هذا البلد، فقد جرى في حقبات معينة شنق وتسميم".واضافت ميرت "هناك (...) فكرة الزعماء الاتراك الكبار الذين عملوا لمصلحة تركيا، لكن تم القضاء عليهم من اعداء البلاد في الداخل وفي الخارج. بكل وضوح ان لدى اردوغان هذه الذهنية، وذلك يعود عندما تسوء الامور".
هذا ولا يزال المتظاهرون الأتراك مصممين على عدم التراجع الاثنين في اليوم الحادي عشر من الحركة الاحتجاجية المناهضة للحكومة، وذلك رغم تحذيرات رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.
وغداة نهاية اسبوع شهدت تدفق عشرات الاف الاشخاص الى شوارع مدن عدة على وقع هتافات "طيب ارحل"، بدت ساحة تقسيم في اسطنبول عصر الاثنين في انتظار الحشود الكبيرة التي ملاتها ليل السبت الاحد. وقالت الطالبة عجم ياكين "سنذهب الى المدرسة، لكننا سنعود مساء".
عنف الخطاب يصعد التحرك
وتعهد المتظاهرون عدم التراجع امام الخطاب العدائي لرئيس الوزراء، الذي عبأ انصاره الاحد، والقى سلسلة كلمات هاجم فيها "الرعاع" و"المتطرفين" الذين يتحدون سلطته في الشارع. وقال عاكف بوراك اتلار امين سر تجمع "تضامن تقسيم" الذي انبثق من الحركة الرافضة لازالة حديقة جيزي في ساحة تقسيم "لست رجلا سياسيا، لكنني اعتقد ان استمرار اردوغان في خطابه العنيف سيؤدي الى استمرار التحرك".
واضاف "هذا النوع من الخطابات ووحشية الشرطة اديا الى استمرار الحركة الاحتجاجية. عليه (اردوغان) ان يتراجع، عليه ان يقر بمطالب الشعب". والاحد، تعمد اردوغان، الذي يتراس مساء الاثنين مجلس الوزراء الاسبوعي، تشديد لهجته في مواجهة المتظاهرين. وطوال اليوم، احتل الفضاء الاعلامي وتحدث ست مرات امام الاف من انصاره.
وقال اردوغان في انقرة امام مؤيديه "من لا يحترمون الحزب الحاكم في هذا البلد سيدفعون الثمن. اذا استمررتم على هذا النحو، ساستخدم اللهجة التي تفهمونها لان لصبري حدودا". وفي العام 2011، حصل حزب العدالة والتنمية الاسلامي المحافظ على خمسين في المئة من الاصوات. وفي اذار/مارس الفائت، اظهر استطلاع اجراه معهد بيو ان نسبة مؤيدي اردوغان بلغت 62 في المئة.
وفيما كان اردوغان ينهي اخر خطاب له الاحد، تدخلت الشرطة بعنف مساء ضد الاف المتظاهرين في ساحة كيزيلاي في العاصمة انقرة، ما اسفر عن اصابة واعتقال العديد منهم. وقالت نقابة الاطباء الاتراك الجمعة في اخر حصيلة لها ان الحركة الاحتجاجية منذ اندلاعها ادت الى ثلاثة قتلى ونحو خمسة الاف جريح.
واستراتيجية التوتر، التي تبناها رئيس الوزراء، تثير مخاوف من صدامات بين المتظاهرين وانصاره. وسجلت صدامات بين الجانبين، وان محدودة حتى الان، في الاسبوع الفائت، وخصوصا في ريزي (شمال شرق)، القرية التي تتحدر منها عائلة اردوغان على البحر الاسود.
تراجع جديد للبورصة
ومع استمرار الاحداث وتصعيد رئيس الوزراء، اغلقت بورصة اسطنبول الاثنين على تراجع جديد بلغت نسبته 2.48 في المئة.
وعلق دنيز جيتشيك المحلل في فايننسبنك "هذا الرفض الواضح لاحتواء التوتر ليس جيدًا للاسواق، حتى انه قد يتسبب بمزيد من المضاربات ضد الاسواق التركية".
ودعت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون الاحد الى "حل سريع" في تركيا، طالبة من المعارضين وانصار اردوغان "ضبط النفس". ويعتزم حزب العدالة والتنمية اطلاق اول حملاته الانتخابية في انقرة واسطنبول في نهاية الاسبوع المقبل، ويتوقع حشد عشرات الالاف في الشوارع.
والاثنين، اعلن منظمو النسخة السابعة عشرة من دورة العاب المتوسط المقررة بين 20 و30 حزيران/يونيو في مرسين في جنوب تركيا ان الالعاب ستنظم كالمعتاد رغم التوتر السياسي الراهن.